الرئيسية / أخبار لبنان /إفتتاحيات الصحف للعام 2025 /بالصور: نداء الوطن : لبنان جسر الأديان وموطن الحوار الروحي: البابا بين لحظة عنايا وصوت الشبيبة في بكركي | اللقاء المسكوني ولقاء الأديان في ساحة الشهداء

جريدة صيدونيانيوز.نت / بالصور: نداء الوطن : لبنان جسر الأديان وموطن الحوار الروحي: البابا بين لحظة عنايا وصوت الشبيبة في بكركي | اللقاء المسكوني ولقاء الأديان في ساحة الشهداء

 

Sidonianews.net

----------

نداء الوطن

ثلاثة أيام سماوية يعيشها اللبنانيون التوّاقون إلى القيامة، بعد سنوات من الصلب على خشبة المحاور والحروب. في اليوم الثاني لزيارة الحبر الأعظم، تجلّى لبنان بأبعاده الثلاثة: قداسة عابقة من "قمّة عنايا" بين القديس شربل وقداسة البابا لاوون الرابع عشر، تلتها محطة روحية جامعة مع الأساقفة والكهنة والمكرسين والمكرسات في حريصا، ولقاء خاصّ مع البطاركة الكاثوليك في السّفارة البابويّة؛ تنوّع وتعدديّة تجسّدا في اجتماع ممثلي الطوائف في ساحة الشهداء؛ وروح لبنانية متجدّدة تنبض في الشبيبة الباحثة عن وطن يشبه أحلامها.

نبض الشباب يطوف بكركي

في هذا السياق، أشار مصدر كنسي لـ "نداء الوطن"، إلى أن المحطة التي رفعت المعنويات، وأعادت الأمل بالمستقبل، كانت لقاء الشبيبة في بكركي مساء أمس. إذ فاق عدد المشاركين التوقعات. وبرز من خلاله إيمان الشباب المسيحي، رغم ما يُقال عن ابتعاد الجيل الجديد عن الكنيسة. وتجلّى التفاعل العميق بين قداسة البابا وجيل المستقبل، إذ جال بينهم بلا حواجز، واستمع لهواجسهم، وردّ عليها بعفوية واهتمام.

وبحسب المصدر، أعطى اللقاء انطباعًا قويًا بأن المسيحيين ما زالوا هنا، وأن العصب المسيحي حيّ ونابض، مفندًا كل الادعاءات حول تلاشي الوجود المسيحي بفعل الحروب والهجرة والتراجع الديموغرافي. هذا النبض، عبّر عنه أيضًا، عضو الكونغرس الأميركي ليندسي غراهام، حيث لفت في منشور عبر "أكس"، إلى أن "زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان تأتي في لحظة حرجة". وقال "إن وجوده يذكرنا بقوة المجتمع المسيحي ووحدته في لبنان، كما إن رسالة السلام التي يحملها تبعث الأمل في نفوس شعب عانى الكثير". وأضاف: "نأمل أن تجلب زيارته الراحة والشفاء والتزامًا متجددًا للمصالحة بين لبنان وإسرائيل وجميع جيرانه".

ولفت المصدر إلى أن بكركي، كما أكّد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أمام البابا والشبيبة، ستبقى حامية الجمهورية اللبنانية، متمسكة بدورها التاريخي، داعية إلى بناء لبنان جديد بعيدًا من العنف واستنساخ الماضي. فلقاء الشبيبة، ببساطته وعمقه، أظهر أن لبنان لا يزال بخير، وأن الأمل قائم شرط الصبر والاستمرار بالنضال وسط الظلمة.

وقد حمل البابا رسالة سلام وفرصة تاريخية للبنان، فيما عبّر الشباب بوضوح عن رغبتهم في هذا السلام، لبناء مستقبل يليق بهم. وختم المصدر بالقول: "هذا هو وجه لبنان الحقيقي، وهذه هي مطالب شعبه. والبابا، بصوته ورمزيته، يدعم هذا الخيار. لقد آن الأوان لإنهاء الظلم المزمن، والخروج من دوّامة المحاور والحروب، والسير نحو حيادٍ يفتح الطريق إلى السلام الحقيقي".

وكانت الساحات الخارجية للصرح البطريركي امتلأت بالآلاف من اللبنانيين والوافدين من دول عدّة، ومن مختلف الفئات العمرية، غلبت عليها الطابع الشبابي، وقد رفعت الأعلام البابوية واللبنانية ترحيبًا بقداسة البابا. وقد وُزعت شاشات عملاقة في الساحات، نقلت أجواء التحضيرات واللوحات الترنيمية والرمزية الخاصة بالمناسبة، وسط دعوات إلى أن يكون الحشد رسالة حيّة لقداسته بأن هذا الجمهور هو جمهور سلام. 

وحدة مسكونية في ساحة الشهداء

بعد أن مزقته "وحدة الساحات" و"حروب الإسناد"، عكس لقاء ساحة الشهداء صورة لبنان المتعدّد، غير المتقاتل، المتعايش بطوائفه ومكوناته. وتوقفت المصادر عند كلمة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، التي لاقت وقعًا إيجابيًا، خصوصًا حين أكد "أننا لسنا من هواة حمل السلاح والتضحية بأبنائنا"، واضعًا "قضية لبنان بين أيديكم، لعلّ العالم يعيننا على الخروج من أزماته المتراكمة". وكانت لافتة أيضًا كلمة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، التي استعاد فيها سيرة شارل مالك لما يمثله من رمزية ودور ريادي في إيصال القضية اللبنانية إلى المحافل الدولية. فقال: "أهلاً بكم في لبنان، الوطن الرسالة، وهو اللقب الذي أطلقه شارل مالك، ابن كنيستنا الأنطاكية الألمعي، والذي كان له الدور الأساسي في إقرار شرعة حقوق الإنسان. وهو اللقب نفسه الذي أكّده لاحقًا قداسة البابا يوحنا بولس الثاني خلال زيارته للبنان".

وفي ختام اللقاء المسكوني والحواري بين الأديان الذي جمع البابا برؤساء الطوائف في لبنان ونحو 300 مدعو، غرس البابا مع البطريرك اليازجي وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز سامي أبي المنى غرسة زيتون قدمها له طفلان، على وقع ترانيم في مساء الورد يا مريم ونشيد المخلوقات، ثم صورة تذكارية بالمناسبة، وصافح البابا في نهاية اللقاء عددًا من الحاضرين، وغادر على وقع التصفيق.

رسالة إلى العراق ليَسمع لبنان

فيما يرجو اللبنانيون أن تطول بركة هذه الزيارة، فتُبعد عنهم شبح الأزمات ومخاوف الحروب، كشفت "الحدث" عن رسالة تحذيرية وجّهها توم براك إلى العراق، حملت إنذارًا من عملية إسرائيلية وشيكة ضد "حزب الله" في لبنان، هدفها نزع سلاحه بالكامل، مع دعوة واضحة للفصائل العراقية بعدم مؤازرته.

أما على خطّ تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وسحب سلاح "حزب الله"، فعلمت "نداء الوطن" أن مورغان أورتاغوس، التي ستحضر اجتماع "الميكانيزم" الخميس، لم تطلب حتى الآن أي موعد من القصر الجمهوري في بعبدا، أو من السراي الحكومي أو عين التينة، ما يشير إلى أن زيارتها قد تقتصر على الشق العسكري، ما لم يطرأ تعديل على جدول مواعيدها في الساعات المقبلة. وأفادت مصادر بأن وفد سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن، الذي يزور لبنان الخميس ويلتقي الرئيس جوزاف عون وعددًا من المسؤولين، قبل أن يتوجّه إلى سوريا، يقوم بمهمة استطلاعية، في ظلّ تزايد الحديث عن احتمال تجدّد الحرب، واتجاه الأوضاع نحو مواجهة عسكرية على الأرض اللبنانية.

-----

نداء الوطن : زيزي إصطفان 

في وسط بيروت ومن قلب ساحة الشهداء احتضن البابا لاوون الرابع عشر اللقاء المسكوني ولقاء الأديان في رسالة تحمل أبعادًا روحية ووطنية، وتذهب أبعد من ذلك في تأكيد لقاء الحضارات بدل صراعها وتأكيد تأصل المسيحية في هذا الشرق. وتعيد التأكيد على دور لبنان كرسالة و "شهادة للحقيقة الدائمة التي تكمن في أن المسيحيين و المسلمين والدروز وسواهم من الجماعات قادرون أن يعيشوا معًا ويبنوا وطنًا يتحد بالاحترام و الحوار".

على منصة نصف دائرية حملت في رمزيتها معاني المساواة والألفة وعلى خلفية شجرة زيتون تحمل إرث لبنان وتشكل رمزًا للسلام ووسط بحر متماوج من الشموع في رمز للنور الذي يبدد الظلمة ويدعونا إلى إنارة القلوب بالإيمان و المحبة والتواضع كما ورد في كلمة البابا لاوون اجتمع حول الحبر الأعظم ممثلو مختلف الأديان والطوائف في لبنان ليقدموا للعالم أجمع صورة أبعد من اللحظة الآنية: صورة تعبر عن "اكتشاف حضور الله وراء كل الحدود والدعوة إلى البحث عنه معًا بخشوع وتواضع".

في انتظار وصول البابا لاوون الرابع عشر وقف البطريرك الماروني بشارة الراعي ومعه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان ونائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب وبطريرك السريان الكاثوليك أغناطيوس يوسف الثالث يونان عند المدخل الغربي لخيمة اللقاء. وهنا لوحظ تبادل للحديث بين البطريرك الراعي والشيخ الخطيب لأكثر من خمس دقائق كما جرى تداول للحديث بين الراعي والمفتي دريان ليدخلوا بعدها جميعًا مع وصول البابا لاوون والوفد المرافق له إلى الخيمة على وقع التصفيق. وبعد مصافحة رؤساء الطوائف جميعهم علت أنغام ملائكية لجوقة متحدة من المرنمين الصغار ضمت جوقة سيستما من بيروت ترنم وجوقة دار المقاصد الإسلامية وجوقة مؤسسات الإمام الصدر.

على الجهة الغربية للمنصة جلس حشد من رجال الدين من مختلف الطوائف اللبنانية وقد كاد الحشد يخلو من أي حضور نسائي إلا راهبة واحدة فيما تنوع الحضور في الصالة بين فاعليات سياسية ودينية و اجتماعية علمًا أن الدعوات كانت قد وجهت لحوالى 330 شخصًا. وكان اللافت أجواء الصداقة والتقارب بين من كنا نظنهم متباعدين. فالقبلات عبرت عن إلفة تتخطى المظاهر لترقى إلى حدود المودة والاشتياق.

استهل اللقاء بصلاة التطويبات التي رنمت بأنغام بيزنطية تلاها تجويد لآيات قرآنية ثم عرض مصور لشهادات بعض من عملوا لإنجاح هذا اللقاء من خلال اللجنة الأسقفية لحوار الأديان وعلى رأسهم المطران متياس شارل مراد إضافة إلى البروفسور ميشال عبسي والمطران سويف وشهادات لأفراد من طرابلس يمارسون العيش المشترك بعفوية واقتناع.

بعدها بدأت تلاوة كلمات رؤساء الطوائف: أربع للمسيحيين وأربع للمسلمين بالمداورة في انعكاس للواقع اللبناني الذي وإن كان الخلل قد أصابه على الأرض إلا أنه على المنصة ظل خاضعًا لقانون المناصفة. الكلمات استهلها بطريرك السريان الكاثوليك أغناطيوس يونان حيث عبر في كلمته عن الأمل في أن تساعد زيارة البابا لاوون في إرساء السلام والاستقرار في لبنان البلد المتعدد الثقافات. لتأتي بعدها كلمة المفتي دريان وتستعيد أحداثًا تاريخية جرت مع بدء الدعوة الإسلامية حين احتضن ملك الحبشة المسيحي الدعوة المحمدية الجديدة كما أكد على الثوابت الوطنية من احترام الحريات الدينية  وحقوق الإنسان كأساس للعيش المشترك مع عدم التدخل في خصوصيات المجموعات.

كلمة البطريرك اليازجي ركزت على الكنيسة الأنطاكية بكل أطيافها مع تاريخها الذي يعود إلى بدايات المسيحية والكنائس الأولى. وإذ أعلن ترحيبه بالبابا لاوون في لبنان بلد العيش الواحد والمكونات التي تتكامل وتتشابه وتنصهر لتكون لبنان، رحب به أيضًا في جوار سوريا وفلسطين في الشرق الأوسط الذي أراده أول زيارة رعوية له وكأنه يقول إن مسيحيي هذا الشرق في قلبه وضميره .

كلمة الشيخ علي الخطيب نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى لم تخل من التلميحات السياسية وقد كان ذلك متوقعًا حيث قال رغم أننا مؤمنون بضرورة قيام الدولة إلا أننا في غيابها اضطررنا للدفاع عن أنفسنا. وأضاف نحن لسنا من هواة حمل السلاح وتقديم أبنائنا شهداء .

كلمة كاثوليكوس الأرمن لبيت كيلكيا أرام الأول كيشيشيان عبرت عن أن التنوع هو في خدمة الوحدة والوحدة في خدمة لبنان الواحد السيد المستقل .

أما شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز د. سامي أبي المنى فقال في كلمته إن الشراكة الوطنية هي مظلة عيشنا الواحد المشترك وإن لبنان يمكن أن يكون النموذج الأرقى للتنوع في الوحدة .

وجاءت كلمة ممثل الطائفة الإنجيلية مقتضبة وسريعة فيما لم تحمل كلمة الشيخ علي قدور رئيس المجلس الإسلامي العلوي أية تلميحات سياسية بل حملت أبعادًا روحية واجتماعية.

لم يكن لرأس الطائفة المارونية كلمة بل اقتصرت الكلمات على البعد المسكوني للقاء أي تعزيز الوحدة والتفاهم والتعاون بين مختلف الطوائف المسيحية لا سيما المشرقية منها.

وتوج اللقاء المسكوني ولقاء الأديان بكلمة للبابا لاوون الرابع عشر قال فيها إن لبنان ما زال يدعو كل من يرغب في أن يفتح قلبه لله الحي. واستعاد ما ورد في الإرشاد الرسولي الذي وقعه البابا بنديكتوس السادس عشر في بيروت عام 2012 قائلاً إن"الرسالة الكونية للكنيسة تدعو إلى الحوار مع أتباع الديانات الأخرى. وفي الشرق الأوسط، يستند هذا الحوار إلى الروابط الروحية والتاريخية العميقة بين المسيحيين واليهود والمسلمين. إنه حوار لا تحرّكه مصالح سياسية أو اجتماعية، بل حقائق لاهوتية عميقة متجذرة في الإيمان".

وأشار البابا إلى أنه على مدى سنوات طويلة اتجهت عيون العالم إلى الشرق الأوسط، مهد الديانات الإبراهيمية، متأمّلةً المسيرة الشاقة والبحث المتواصل عن عطية السلام الثمينة. ومع ذلك، وسط هذه المعاناة، يمكن إيجاد أسباب للرجاء والتشجيع حين نركّز على ما يوحّدنا: إنسانيتنا المشتركة، وإيماننا بإله المحبة والرحمة.

ويضيف البابا في زمن قد يبدو فيه العيش المشترك وكأنه حلم بعيد المنال، يقف شعب لبنان، وهو يحتضن أديانًا مختلفة، شاهدًا قويًا على أن الخوف وانعدام الثقة والأحكام المسبقة ليست الكلمة الأخيرة، وأن الوحدة والمصالحة والسلام أمور ممكنة. ولم ينس ذكر أبناء لبنان المنتشرين في العالم الذين يظلّون متحدين بقوّة الإرث المتجذر في وطنهم، في التاريخ والهوية والروح. ودعاهم ليكونوا صناع سلام، يواجهون التعصّب، ويتخطّون العنف، وينبذون الإقصاء، ليضيئوا درب العدالة والوئام للجميع عبر شهادة إيمانهم.

وفي الختام دعا اللبنانيين لأن تقودهم مريم العذراء التي يحتفلون بعيدها كعيد وطني حتى تفيض عليهم وفي مختلف أنحاء الشرق الأوسط، وفي العالم بأسره، عطيّة المصالحة والعيش المشترك في سلام وتمنح الجميع رجاءً جديدًا ووحدةً حقيقية.

---------

بالصور: نداء الوطن :   لبنان جسر الأديان وموطن الحوار الروحي: البابا بين لحظة عنايا وصوت الشبيبة في بكركي |  اللقاء المسكوني ولقاء الأديان  في ساحة الشهداء 

2025-12-02

دلالات: