الرئيسية / أخبار لبنان /حزب الله يقرأ مسار عمليته في الجرود: تحريرها أقرب من سقفنا الزمني

(الاعلام الحربي)

جريدة صيدونيانيوز.نت / حزب الله يقرأ مسار عمليته في الجرود: تحريرها أقرب من سقفنا الزمني

 

أخبار لبنان / صيدونيانيوز.نت / حزب الله  يقرأ مسار عمليته في الجرود: تحريرها أقرب من سقفنا الزمني

تقدمنا بأسرع مما توقعنا وخططنا، وانهارت خطوط دفاعات المجموعات المسلحة وتحصيناتها ايضاً اسرع مما ترقبنا وحسبنا".

تلك هي الحصيلة المختصرة التي قدمتها مصادر على صلة بـ #حزب_الله لمسار الوضع الميداني في جرود #عرسال، في اليوم الرابع للهجوم الذي اطلقته مجموعات النخبة في الحزب لبلوغ الهدف المعلن الذي وضعته لحظة قررت البدء بتنفيذ ما اعدت له منذ فترة، وهو تحرير هذه الجرود نهائياً من قبضة المجموعات المسلحة.

تبلغ المصادر اياها "النهار" مجدداً، ان قيادة الحزب الميدانية لم تحدد اصلاً سقفاً زمنياً لانهاء العملية ولم تلزم المهاجمين به، ولكنها بعدما نجحت القوات المهاجمة في تحرير 70% من مساحة ميدان العمليات بانتهاء اليوم الثالث لبدء الهجوم، خفضت تلقائياً من سقف توقعاتها وباتت على يقين من حسم المهمة التي شرعت فيها منذ صبيحة الجمعة الماضي، اصبحت مسألة ايام قد لا تتعدى الاسبوع او بمعنى آخر اقل بكثير من سقف توقعاتها الاصلية.

ومع ان المصادر عينها تستبعد حصول مفاجآت او بروز صعوبات، فان الحزب يتعمّد عدم احراق المراحل، وهو ما زال يتبع القاعدة عينها التي اتبعها منذ بداية عمليته الجريئة والمغامرة بكل المقاييس والمعايير، وهي القاعدة المرتكزة على مبدأ: "تحقيق اعلى قدر ممكن من الاهداف وحصد اكبر قدر ممكن من المكاسب بأقل قدر ممكن من الخسائر والتضحيات".

من جهته، يعزو الخبير الاستراتيجي العميد الدكتور امين حطيط سرعة التقدم لمقاتلي "حزب الله" في مقابل سرعة تقهقر المجموعات المسلحة وتراجعها عن المواقع التي تتحصن فيها منذ اعوام عدة الى جملة عوامل ابرزها: "فن الابداع العسكري الذي اعتمده مقاتلو الحزب في هجومهم في الجرود، مما اوقع المجموعات المسلحة في حال ارباك واحياناً ضياع وفقدان عنصر السيطرة من جهة واذهل المراقبين والخبراء العسكريين المتابعين من جهة اخرى.

وقد تجلى هذا الابداع اكثر ما يكون، يضيف العميد حطيط، في تركيز الهجوم على مناطق انتشار مقاتلي جبهة النصرة وتحييد مناطق تمركز مقاتلي تنظيم "داعش" في المرحلة الاولى، ومن ثم اعتماد عنصر المفاجأة عبر شن هجوم متزامن على ثلاثة محاور دفعة واحدة على مواقع "النصرة"، فكان ذلك كله بمثابة مناورة بارعة افضت بشكل واضح الى اسقاط كل الخطط والاستراتيجيات الدفاعية التي وضعتها غرف عمليات المجموعات المسلحة لصدّ هجمات المهاجمين واعاقة تقدمهم السريع، وذلك بهدف استنزاف الخصم (اي مقاتلي الحزب) وافقادهم عنصر المباغتة من جهة واطالة امد المواجهات في انتطار حدوث مفاجآت من شأنها ان تقلب الصورة وتعيد رسم المشهد من جهة اخرى.

ويشير العميد حطيط الى ان الوضع كان تغير كثيراً فيما لو تأخرت مجموعات الحزب في احراز تقدم سريع، وفق ما حصل. لذا فان سرعة الحسم كانت عاملاً اساسياً اعتمده الحزب لكي يقصّر مسافته الى النصر.

ومهما يكن من امر، فالواضح ان قيادة الحزب التي اعتمدت سياسة المراحل في الهجوم ، بدأت منذ الامس تقارب المشهد برمته من زاوية اساسية وهي اعتبار معركة الجرود عسكرياً قاب قوسين او ادنى من الانجاز ومن طي هذه الصفحة نهائياً. لذا فإنّ هذه القيادة انتقلت ضمناً الى التبصر في مرحلة ما بعد طي ملف السلسلة الشرقية وزوال الخطر الكامن فيها منذ ما يزيد عن الاعوام الخمسة.

وعليه، لا تخفي المصادر عينها ان قيادة الحزب تأخذ في الاعتبار حالياً ثلاثة تطورات فرضت نفسها في ضوء سيناريو ان معركة الجرود قد وضعت اوزارها، وان لاعودة اطلاقاً لعجلة الاوضاع الى الوراء وهي:

- طبيعة القراءة الاسرائيلية لابعاد الحدث المستجد وخلفياته ودلالاته وما يمكن ان يبنى عليه من حسابات لاحقاً. فليس خافياً بالنسبة الى الحزب ان القيادة الاسرائيلية ترصد بدقة منذ اعوام سلوك الحزب وطبيعة ادائه العسكري في الميدان السوري برمته، وهي اعطت الوضع في جرود عرسال اهمية استثنائية انطلاقاً من اعتبارات عدة ابرزها اتصال جبهة جرود عرسال مع جبهتي درعا (الجنوب السوري) والقنيطرة، والاخيرة متاخمة للحدود مع اسرائيل. ومن المعلوم حجم الجهد العسكري الذي بذلته اسرائيل منذ اشتعال فتيل الاحداث في سوريا لكي تبعد اي وجود للحزب في هذه المناطق. وقد سارعت اسرائيل الى رفد المجموعات السورية المسلحة في تلك المناطق بأسباب الدعم وفتحت معها قنوات التواصل، بغية ايجاد شريط حدودي يحمي الحدود الاسرائيلية من اي وجود معاد لها مستقبلاً. لذا، تعتقد المصادر عينها ان حسم قوات "حزب الله" للمسار العسكري في جرود عرسال بهذه السرعة المفاجئة، سيرغم الكيان العبري على اعادة النظر بكثير من رهاناته وحساباته العسكرية المتصلة بالميدان السوري، وبالتالي الى اعادة التفكير بأي خطوات عدوانية في المنطقة.

-لا ريب ان قيادة الحزب تقيم على ارتياح ضمني لموجة التأييد الوطنية العريضة لقرارها بتحرير الجرود وللوتيرة المنخفضة جداً للاصوات المعترضة او المنتقدة لا سيما وقد عجزت عن الافصاح عن مكنوناتها ورغباتها المكبوتة امام هذا التأييد لكي لاتظهر بمظهر الناشز او الذي يغرّد خارج السرب وحيداً.

 -ان قيادة الحزب تعتبر ان عملية تحرير جرود السلسلة الشرقية من المسلحين والتي توشك على الانجاز ليست عملية حدودية ظرفية تتصل بمآل الوضع في الميدان السوري، بقدر ما تجد فيها عملية تحصين موصوفة للعمق اللبناني في وجه أي تاثيرات حالية ومستقبلية للارهاب، خصوصاً ان هذا الارهاب قد تمكن خلال الاعوام الخمسة المنصرمة من تحويل الجرود محطة ومنصة للقيام بأعمال ارهابية متعددة في الداخل اللبناني فمنها انطلق الى عرسال ليبسط سطوته عليها ويأسرها ويهاجم مواقع الجيش وقوى الامن فيها ومنها ايضاً تسلل الى مخيمات النازحين في محيط عرسال ويتخذها حصناً وملاذاً لانتحارييه وانغماسييه الى ممارسات اخرى منها ولا ريب السيارات المفخخة.

وعليه، فالحزب يفترض ان نتيجة عمليته العسكرية الحالية ستبعد ظل الارهاب عن الساحة اللبنانية وتؤسس لعملية فك ارتباط جدي مع الوضع السوري وتفرض واقعاً مغايراً يسمح بهدوء بتفكير اكثر جرأة من ذي قبل لمقاربة مشكلة النزوح السوري في لبنان. فبعد تحرير الجرود ستنهار ولا ريب منظومة ذرائع البعض لابقاء القديم المألوف على قدمه.

2017-07-24