فجأة انقلبت حياة خالد رأساً على عقب...
ليلي جرجس / النهار
في عز شبابه وفورته، كُتب لخالد حسين الذي كان عمره ٢٩ عاما آنذاك، ان يُغيّر فصول حياته رغماً عنه. هو الذي عشق السهر والفرح والحياة بكل صخبها، كان عليه ان يُعيد حساباته ليتأقلم مع وضعه الصحي الجديد. بالامس كان قلبه ينبض كالجمبع، اما اليوم فلم تعدّ عضلة قلبه تعمل إلا ٢٥ في المئة. رقمٌ قَلب حياته رأساً على عقب في إنتظار ان يرن هاتفه ويسمع الخبر السعيد "وجدنا قلباً" !
الشاب خالد حسين ( 39 عاما) قصته مغايرة بعض الشيء عن قصة قاسم، هو ما زال على لائحة الإنتظار الى حين إيجاد متبرعاً. يشاركنا قصته سريعاً، يختصرها قدر المستطاع دون ان يغفل عن التفاصيل المهمة والرئيسية، يقول لـ"النهار" لقد "بدأ كل شيء في العام 2009، كنتُ في سهرة عندما شعرتُ بضيق نفس وتقيؤ إعتقدت بداية انه قد يكون بسبب المشروب لكن ما إن وصلتُ الى المنزل حتى شعرتُ انني لم أعد قادراً على التنفس وتمّ نقلي فوراً الى المستشفى."
يتذكر جيداً تلك الليلة، والتفاصيل الصغيرة التي كانت بمثابة تحذيرات له لكنه أغفلها دون اهتمام. فقبل الحادثة بأسبوعين شعرتُ بعوارض خفيفة كتنميل في اليد وتعب عند المشي لكنني لم أعر الموضوع أهمية. لكن تلك الليلة ما عدتُ قادراً على التنفس ما دفع شقيقي الى نقلي فوراً الى المسشتقى. ما ان وصلتُ الى الطوارىء حتى تبين من خلال فحص الدم أني سجلت عدة جلطات سابقة، ليتمّ ادخالي الى المستشفى حيث أجريتُ ميلا كشف لنا عن انسداد في الشريان الرئيسي للقلب وان العضلة لا تعمل إلا 25% فقط. "
هكذا تحوّلت حياة خالد من شاب مفعم بالحياة والسهر والنشاط الى شاب مقيّد عليه ان يتبع الإرشادات واتباع اسلوب حياة جديد يتماشى مع حالته الصحية التي فرضت نفسها عليه. لم يكن سهلاً على إبن ال 29 عاماً آنذاك ان يتقبل كل هذه التغييرات دفعة واحدة، هو الذي يعشق الحركة والسهر و"الدنيا مش سايعتو" عليه من اليوم فصاعداً ان ينتبه الى نوعية طعامه وممارسة الرياضة والمشي وعدم الشرب والتعب. كان عليه ان يتقيّد ببعض الممنوعات والمضي في العلاج عبر الأدوية التي تساعد على الإرتخاء وعدم التعرض لأي خضات او ضغوطات تفادياً لأي مجهود إضافي على عضلة القلب الضعيفة.
يعبّر خالد عن ذلك بصراحة بقوله: "وفعلاً تغيّرت حياتي، أصبحت شخصاً آخر يتبع نظاما خاصاً في حياته، ينتبه الى نوعية طعامه وعدم تناول الملح ، كما اني أقلعتُ عن التدخين ... أشياء كثيرة حرصتُ على استبدالها او إلغائها من حياتي بغية تحسين صحة قلبي. وبرغم من كل جهودي وتضحياتي شعرتُ ولأول مرة بخيبة كبيرة تفوق بوقعها وصعوبتها عليّ كل تلك الأيام الصعبة التي حرمتُ فيها نفسي من كل ما أحبه. كان يوماً قاسياً جداً عندما أجريتُ صورة للقلب Echo التي أظهرت ان عضلة القلب لم تتحسن وما زالت تعمل 25% . لم أشعر بهذه الخيبة والانكسار اللذين شعرتُ بهما بعد هذه النتيجة، حتى عندما عرفت بوضعي لأول مرة. في البداية كنتُ غير مدرك تماماً لصعوبة الحالة، لكن بعد سنة على العلاج والإحتياطات دون الحصول على نتيجة، إلتمستُ حقيقة صعوبة الموضوع. "
"لا يمكنني ان أصف حقيقة ما شعرت به حينها، أردتُ الإنتقام من تلك الأيام التي منعتُ نفسي بأن أمرح وألهو وأشرب. وهكذا قررتُ ان أعود الى السهر وتناول كل الأطعمة التي أحبها دون قيود.. شعرتُ بأن قلبي خذلني وان كل هذا الحرمان والانتباه لم يشفعا في تحسين قلبي ولو بنسبة ضيئلة رغم مرور سنة من الإحتياطات والإرشادات الخاصة. بهذه العبارات يتابع سرد قصته، يعرف خالد جيداً ان الإنتظار طويل، هو الذي مضى على انتظاره 10 سنوات. لا يخفي ان وضعه الصحي أ"ثر على حياتي بشكل كبير، شعرتُ بالكآبة والإحباط وبدأتُ ابتعد عن بعض الأشخاص حتى أني قدمت استقالتي من عملي، وأبقيت على شبكة صغيرة من معارفي كوني أعمل في التأمين على حسابي الشخصية، لم أكن أريد ان يشاهدوني بالحالة التي اصبحت عليها بعد ان كنتُ شخصاً مفعماً بالحياة والسهر..."
يؤكد خالد "انا اليوم ما زلتُ في انتظار إيجاد متبرع حتى اتمكن من زراعة قلب طبيعي والى ذلك الحين يوجد بديل من خلال وضع جهاز مساعد للقلب لكن شخصياً أرفض فكرته ولا أجد اني قادراً على تحمل "عجقته" والإنتباه طوال الوقت على انه يعمل، بالإضافة الى انه قد يتسبب بإلتهابات عديدة وهناك احد الأشخاص إضطر من بعدها الى زراعة قلب طبيعي بعد ان تسبب له بإلتهابات كثيرة...
الجهة اليمنى من القلب سليمة لكن الجهة اليسرى تعاني من تضخم ، انا في حالة إنتظار لكني لن أهمل نفسي حتى أُسبب بضرر او تضخم في الجهة اليمنى. لذلك في حال وجدت نفسي بحاجة الى جهاز الى حين تأمين قلب طبيعي لن أرفض او "اتغنج"، فأنا لا املك الكثير من الخيارات المتاحة والقلب الطبيعي قد لا يتوفر أبداً. وأنا كلي أمل في الجهود المبذولة من قبل الطبيب لتأمين القلب وإيجاد حل نهائي لوضعي، فحالي كحال كثيرين ينتظرون مثلي هذا القلب حتى ينبض في جسدهم بشكل طبيعي من جديد."
2017-10-02