الرئيس الحريري التقى البابا في الفاتيكان: سمعنا منه أن لبنان قدوة للمنطقة في العيش المشترك
وطنية
استقبل البابا فرنسيس قبل ظهر اليوم في الفاتيكان، رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وعقدا اجتماعا دام نصف ساعة تم خلاله عرض المستجدات في لبنان والمنطقة وانعكاسات الأزمة السورية على الأوضاع اللبنانية والعلاقات مع الفاتيكان.
وبعد انتهاء اللقاء استقبل البابا افراد عائلة الرئيس الحريري وأعضاء الوفد المرافق، وتم التقاط الصور التذكارية، ثم قدم الحريري للبابا فرنسيس هدية تذكارية عبارة عن صليب من الفضة الصلبة يعود الى الحقبة البيزنطية وجد خلال أعمال التنقيب في مدينة صور. بدوره قدم الحبر الأعظم الى لحريري أيقونة تحمل اسم ايقونة السفر، وهي ايقونة ثلاثية تعود الى القرن التاسع عشر.
أمين سر دولة الفاتيكان
بعد ذلك توجه الحريري الى مكتب امين سر دولة الفاتيكان المونسنيور بيترو بارولين وعقد معه اجتماعا استمر ساعة كاملة، تم خلاله اجراء جولة افق شاملة تناولت الاوضاع في لبنان من مختلف جوانبها والأزمات التي تعصف بالمنطقة، وخصوصا الازمة السورية وانعكاساتها السلبية على الاوضاع في لبنان. وتم تبادل وجهات النظر في كيفية مساعدة لبنان لتخفيف وطأة وجود النازحين السوريين. ثم توجه الحريري الى مقر إقامته في فندق "ايدن"، وتحدث الى الصحافيين عن نتائج زيارته للفاتيكان، وقال: "تشرفت بلقاء قداسة البابا، وكان لقاء جيدا جدا، وانا احب ان آتي دائما الى الفاتيكان والتقي قداسته لأن هذا الامر كرسه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ونحن في لبنان لا نقوم بهذا الامر فقط لاننا نحب الحوار، بل لأننا نعيش هذا الحوار. وقد أكد قداسته، ليس أهمية الحوار فقط، بل على ضرورة أن نعمل من اجله ونعيش هذا النوع من الحياة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين، وهذا ما تفتقده بعض البلدان في العالم العربي ولكن نحن محظوظون في لبنان كوننا نعيش هذا النموذج من العيش المشترك".
أضاف: "كذلك تطرقنا خلال الاجتماع الى أهمية لبنان الرسالة ولبنان العيش المشترك، وطلبت من قداسته وتمنيت عليه زيارة لبنان، وهو يريد فعلا المجيء الى لبنان، وبإذن الله نرى البابا قريبا في لبنان، وهذا الامر سيكون فعلا لمصلحة لبنان ولمصلحة المسلمين والمسيحيين ومصلحة المنطقة أيضا، وكان قداسته متفهما جدا للأوضاع في لبنان، وطلبنا منه ان يرعانا دائما وان ينظر الى لبنان على انه بلد الرسالة، وان شاء الله يكون هناك استكمال لهذه الزيارة. كما التقيت امين سر دولة الفاتيكان وتحدثنا معه بالتفصيل عن الامور الداخلية وأوضاع المنطقة، وان شاء الله يقوم هو أيضا بزيارة لبنان".
سئل: هل من دور يمكن للفاتيكان ان يؤديه في موضوع المساعدات للبنان لكي يتمكن من تحمل أعباء النازحين السوريين؟
أجاب: "لقد تطرقنا الى هذا الموضوع، وبالتاكيد على الفاتيكان مسؤولية في هذا الاطار، وقداسة البابا سيعمل على هذا الامر. لكن الأساس بالنسبة الي وبالنسبة الى النازحين هو انه لا احد يمنع اليوم أيا من النازحين من العودة الى سوريا، ولكن الأساس هو إيجاد الوسيلة المناسبة لعودة النازحين الى بلادهم ويجب ان تكون هناك مناطق آمنة في سوريا، يقتنع من خلالها النازح بالعودة الآمنة الى بلاده والى هذه المناطق تحديدا. وبهذه الطريقة نكون قد أمنا عودة النازحين الى سوريا. اما الكلام عن نوع من ارغامهم على العودة الى بلادهم فهو امر غير وارد و غير طبيعي وغير انساني. ولكن علينا نحن في لبنان ان نحمي المواطن اللبناني من خلال تطبيق القوانين اللبنانية في ما يتعلق بالعمل وغيره، لما فيه مصلحة المواطن اللبناني ومنعا لأن تؤخذ الوظائف وفرص العمل من دربه وليس بهدف أن يكون هذا التطبيق بوجه السوريين".
سئل: هل تطرقتم مع أمين سر دولة الفاتيكان الى اسم السفير اللبناني المعين لدى الفاتيكان بعد شهرين على تعيينه؟
أجاب: "لم نتطرق الى هذا الامر، فهذا موضوع حساس يجب أن يعالج بطريقة دقيقة وديبلوماسية، ونحن في لبنان علينا ان نتخذ الخطوات اللازمة لكي نحل هذا الموضوع. يجب عدم تضخيم الامور وعدم افتعال قضية منها، فكل الناس الذين طرحت أسماؤهم لهذا المنصب خير وبركة، الا ان هناك بعض الامور كان يجب علينا ان نراها من قبل، ولكنها ستحل. علينا ألا نصور الامور وكأن هناك مشكلة كبيرة، بل على العكس، هم متفهمون لهذا الموضوع وسيحل بأسرع وقت ممكن".
سئل: هل لمستم اليوم لدى الفاتيكان وجود تحرك بالنسبة الى منطقة الشرق الاوسط لإعادة تثبيت العيش المشترك في ظل التفرقة والهجرة المسيحية؟
أجاب: "القوة الحقيقية التي تكمن وراء رسالة قداسة البابا هي المحبة التي يظهرها للناس والكاريزما التي يتمتع بها، وهي التي تساعد على دفع الناس الى السير بخط السلام، لأنه فعلا استطاع ان يجمع الكثير من الناس حوله وحول الفاتيكان من خلال محبته، ونحن نأمل ان يتكرس هذا الامر في لبنان. لبنان الذي اريد ان احافظ عليه، هو الذي يمثله هذا التفاهم بين كل اللبنانيين وبيننا جميعا لان هذا التفاهم هو الذي أنقذ لبنان والذي يمكن ان يوصل البلد الى بر الأمان والسلام. لذا يجب علينا ان ننظر بكل إيجابية على الرغم من السلبيات والتحديات والصعوبات التي تواجهنا وعندما تكون هناك إرادة فعلية وجدية لاقتحام كل السلبيات وتخطي كل الخطوط التي كانت تمنعنا من ذلك فنرتقي الى المستوى الذي يوصل لبنان الى نوع من الاستقرار والسلام، وهذا واجبنا جميعا وليس فقط واجب سعد الحريري، بل يجب على كل شخص وعلى كل فريق سياسي ان ينظر الى لبنان كما كان يقول الرئيس الشهيد "ما حدا اكبر من بلده".
سئل: ماذا سمعتم من قداسة البابا؟
أجاب: "سمعنا منه كم ان لبنان مهم بالنسبة اليه وكم ان العيش المشترك في لبنان يشكل بالنسبة اليه مثلا ومثالا للمنطقة كلها، ويجب الحفاظ على هذا اللبنان لانه فعلا يشكل قدوة للمنطقة. كما تطرقنا الى المشاكل التي تواجهها المنطقة والتخوفات حيالها، ومن الواضح ان قداسة البابا انسان مقدام، فقد ذهب الى مصر ليؤكد وجود الفاتيكان واهمية الحوار، خصوصا بين المسلمين والمسيحيين، وكذلك بالنسبة الى قبوله الذهاب الى لبنان ان شاء الله قريبا، وهذا أمر إيجابي. ان رسالته الأساسية هي رسالة سلام ومحبة".
سئل: هل يمكن ان تحصل هذه الزيارة قبل نهاية العام الحالي؟
أجاب: "نحن نتمنى ذلك".
وكان الحريري وصل إلى الفاتيكان ترافقه زوجته لارا وأبناؤه حسام ولولوة وعبد العزيز والسفير البير سماحة القائم باعمال سفارة لبنان لدى الكرسي الرسولي ومدير مكتبه نادر الحريري ومستشاره الدكتور داود الصايغ، وكان في استقباله في باحة الكرسي الرسولي وكيل البيت البابوي المونسنيور ليوناردو سابينسا.
وبعدما عرض الحريري ثلة من الحرس السويسري لدى الفاتيكان، انتقل إلى مقر البابا فرنسيس.
2017-10-13