دخل المستشفى لاستئصال لحمية فخرج جثة الطبيب: لا أعرف ماذا جرى، انا محب
ليلي جرجس / المصدر: "النهار"
دخل المواطن م. ا. (72 عاماً) الى أحد مستشفيات بيروت لإجراء عملية جراحية، بعدما تبيّن وجود لحمية في مصرانه. لم يكن المريض م. يعرف انها ستكون محطته الأخيرة، وانه سيخرج مرفوعاً على الأكتاف، بعدما دخلَ الى المستشفى مشياً على قدميه. وعلى الرغم من ان عائلته دفعت كلفة مضاعفة للاستعانة بجراحين لضمان نجاح العملية، إلا ان ذلك لم يمنع من إنقاذه من الموت. فالخطأ الطبي الذي ارتُكب بحقه، على قول العائلة، جعله يدفع ثمنا غالياً... حياته.
تنتظر العائلة استلام كل التقارير مع الملف الطبّي الخاص بالوالد، قبل ان تُقدم على أي خطوة. الشكوك كبيرة، لكن التريّث سيد الموقف، الى حين تسلم الملف الرسمي من ادارة المستشفى، وعندها لكل حادث حديث. في غضون ذلك، ترفض ادارة المستشفى الدخول في تفاصيل الوفاة وتناول القضية، حفاظا على التحقيق، قائلة انه لا يحق لها الادلاء باي حديث إلا بعد صدور أمر من النيابة العامة يسمح لها بالتصريح.
في هذه السطور، نكتب رواية عائلة الضحية م.ا. وتفاصيل ما جرى معه، وصولا الى وفاته الصاعقة. في تاريخ 2/11/2017، دخل م.ا. الى احد المستشفيات في بيروت لإجراء عملية إستئصال لحمية في المصران والموجودة قرب البنكرياس. وتروي ابنته: "دخلنا الى المستشفى لإستئصال هذه اللحمية، علما ان نتيجة الزرع بيّنت انها ليست خبيثة، لكن يستحسن استئصالها. وهذا ما جرى فعلاً، وأجرى والدي العملية. 3 ساعات في غرفة العملية، ولم يحتج الى أكثر من ذلك، على الرغم من ان الطبيب قال سابقاً ان العملية قد تستغرق 8 ساعات. وفي اليوم التالي، بدأ والدي يتقيأ دماً، لنكتشف ان الجهاز الذي يفترض ان يسحب الدم من داخل الجسم وُضع بطريقة خاطئة".
خطأ طبي؟
وتضيف: "بدأ والدي يشكو من ألم في المعدة. فقرر الطبيب اجراء عملية له عبر المنظار، لمعرفة ما يجري وكيّ الشريان. كان والدي يضحك ويمزح، وكنتُ اقول له اننا تخطينا شوطا كبيراً، ولم يتبق إلا القليل. كان يكلمنا في شكل طبيعي، وكان كل شيء على ما يرام. غير ان الأطباء اكتشفوا ان معدته تحتوي على كمية كبيرة من الدم. وهذا يعني انه ابتلع دما وماء، مما تسبب بضرر كبير في الرئة، وبالتالي توقف قلبه".
4 أيام غريبة مرّت على العائلة، ولم تفهم ما الذي حصل، وكيف توفيَ الوالد بهذه البساطة، رغم نجاح العملية الاولى، على ما أكد لها الأطباء. في 6/11/2017، أغمض المريض م. عينيه الى الأبد. خذله جسمه، ولم يعد قادراً على مقاومة هذا النزيف الذي عاناه فجأة بعد خضوعه للعملية. في رأي العائلة، ما جرى هو "نتيجة خطأ طبّي. فوالدي كان بصحة جيدة قبل ان يتقيأ دماً. من اين جاءت هذه الكمية الكبيرة من الدم؟ أسئلة كثيرة طرحناها، لكن الطبيب نفسه لم يكن يملك الأجوبة او التفسير اللازم. أكدّ لنا بالفم الملآن: "انا لا أعرف ماذا جرى. انها المرة الأولى التي يحصل شيء مماثل. باختصار، انا محبط ايضاً".
في المقابل، حاولت "النهار" الوقوف على رأي المستشفى للحصول على تفسير طبّي منه. إلا ان الإدارة رفضت التكلم في الموضوع، معللة ذلك "بعدم وجود امر قضائي من النيابة العامة يسمح لها بالإدلاء بأي تصريح، لا سيما في حالة الوفاة".
وفي انتظار استلام التقارير الطبية النهائية من المستشفى، تتريث عائلة الفقيد قبل ان تقدم على اي خطوة او تتقدم باي شكوى. لا يزال الموت المفاجىء يخيّم عليها. رحيل الوالد كان صعباً، والدموع لا تزال تحرق مكانها، ولم يتسنَ للجرح ان يندمل. وللقصة تتمة!
2017-11-17