الرئيسية / أخبار لبنان /سياسة /اللواء ابراهيم في افتتاحية مجلة الامن العام: إتساع حجم الارتجاجات اللبنانية لا تبشر إلا بالتراجع من سيء الى أسوأ

اللواء عباس ابراهيم (الصورة عن الانترنت)

جريدة صيدونيانيوز.نت / اللواء ابراهيم في افتتاحية مجلة الامن العام: إتساع حجم الارتجاجات اللبنانية لا تبشر إلا بالتراجع من سيء الى أسوأ

اللواء ابراهيم في افتتاحية مجلة الامن العام: إتساع حجم الارتجاجات اللبنانية لا تبشر إلا بالتراجع من سيء الى أسوأ

 

صدر العدد 51 من مجلة "الامن العام"، كانون الاول 2017، عن المديرية العامة للامن العام، وفيه وقائع ما رافق استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض والتطورات التي اعقبتها طوال 18 يوما وصولا الى عودته الى بيروت وتريثه في الاعلان عنها.

 

ويكتب في افتتاحية العدد المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم بعنوان "مستقبل على مثال الماضي"، قائلا: "يكفي ان يمعن اللبنانيون النظر مليا في احوال البلد ليتأكدوا من ان حاضرهم كما ماضيهم، وان مستقبلهم لن يكون غير ماض لا يريدونه هم ان يمضي. فالوقائع تثبت انه ما زال امام اللبنانيين الكثير من العمل والجهد ليبلغوا التطور السياسي. وما يشهد على انه مع كل ازمة وبعدها تتحول عناصرها الى سرديات ممزوجة باليأس والسخرية في آن. اللافت ان قلة تبادر الى مراجعة جدية تحدد مكامن الخلل في البلد، وعدم ابقائه عرضة او ساحة لكل اشتباك سياسي اكان مصدره داخليا او خارجيا. وبالرغم من ادراك معظم المسؤولين اللبنانيين هذه الوقائع، فإن قلة تتحرك من اجل تعديل الواقع الضاغط للازمات، وايجاد الحلول لها في اتجاه ما هو افضل لمصلحة لبنان العليا بحيث تشكل منصة لبناء دولة بكل ما للكلمة من معنى".

 

أضاف: "الارتجاجات اللبنانية ليست حدثا جديدا. سياسة استنفار الشعور الطائفي هي في الدرجة الاولى اعلان لقرار ضرب الدولة والتفاعل الديموقراطي بين مختلف المكونات، اي ضرب النظام السياسي برمته. لكن جديد الارتجاجات اتساع حجمها وصلافة علانيتها وما تفضي اليه من اخطار حقيقية لا تبشر الا بالتراجع من سيء الى اسوأ. واذا كان المبدأ يفرض التوقف عن الحفر عند السقوط في الحفرة، فالبعض في لبنان - ويا للاسف - لا يفعل غير الاستمرار في الحفر ما يزيد ازماتنا ومعضلاتنا تعقيدا".

 

في العدد ايضا يتحدث الوزير السابق للعدل البروفسور ابراهيم نجار عن سابقة استقالة رئيس حكومة من خارج البلاد، قائلا: "ان تصرف رئيسي الجمهورية ومجلس النواب حفظ كرامة لبنان ومؤسساته الدستورية". وتطرق الى معاهدة فيينا والحصانات التي توفرها لرؤساء الدول".

 

في السياق نفسه يتطرق الوزير السابق الدكتور عصام نعمان والمحامي ميشال قليموس الى آلية تقديم رئيس الحكومة استقالته.

 

ويتناول العدد ملف النازحين السوريين والاستنفار الرئاسي والحكومي لوضع خطة وطنية عامة تؤدي الى عودة آمنة لهم، ويتحدث عنها الخبير في السياسات العامة واللاجئين زياد الصايغ. الى حوار مع سفير تركيا في لبنان تشاغاتاي ارسياز قائلا ان "اعتماد سياسة النأي بالنفس اساسي". ويتناول مستشار رئيس الحكومة للشؤون الروسية جورج شعبان العلاقات اللبنانية ـ الروسية ويقول ان "الهبة العسكرية الروسية للبنان هي على طريق التنفيذ"، الى ثلاثة تقارير اقليمية ودولية تتحدث عن دور مصر في المنطقة ولبنان، والاتحاد الاوروبي ومعضلة التفكك والازمة الكورية.

 

ويتطرق العدد الى افتتاح مركز امن عام الغبيري الاقليمي وكلام اللواء ابراهيم عن التنمية المتوازنة وتكافؤ الفرص، وتتناول قضية العدد قانون مقاطعة اسرائيل ومضمونه والغاية المتوخاة منه والرقابة التي يفرضها.

 

ويتحدث رئيس لجنة المال والموازنة النيابية ابراهيم كنعان عن موازنتي 2017 و2018 ويطالب بمحكمة لمكافحة الجرائم المالية، والمدير العام للشؤون العقارية جورج معراوي عن مكننة الخدمات ومكافحة الفساد والسمسرات. ويوجه العدد تحية الى فيروز في عيدها "ايقونة لبنان"، ناهيك عن مقابلتين مع المسرحي روجيه عساف والممثل احمد الزين وتحقيق عن المعرض العربي السنوي للكتاب. وحديث للمدرب الوطني غسان سركيس يقول فيه انه "يطمح الى احراز اللقب".

 

الى الابواب الدائمة في احصاءات الشهر والوثائق المزورة وصفحات من لبنان والثقافة والفنون والتغذية والرياضة والتسلية.

 

افتتاحية العدد

 

وجاء في افتتاحية اللواء إبراهيم: "يكفي ان يتبصر اللبنانيون جيدا في حال البلد وتضارب سيل التصريحات السياسية التي تتبدل من حال الى اخرى بسرعة تضاهي تبدل الموجات الرقمية، ليتأكدوا من ان وطنهم لن يكون دولة يوما ما اذا ما استمر الواقع على ما هو عليه من انقسامات وخلافات على جنس الملائكة، ومن عدم وضوح في الرؤية الى مستقبله بين الأمم وعلى مختلف المستويات. الحديث عن الانقسامات لا يرمي طبعا الى الدعوة الى ان تكون مكوناته السياسية متماثلة، لأن التشابه السياسي يعني موت الديموقراطية التي يبقى تطورها رهن التنوع الفكري والثقافي والاختلاف على الأفضل.

 

ما ينبغي الوقوف امامه طويلا، هو ما نشهده بعض الاحيان من انقسام غرائزي يطبع اليوميات اللبنانية منذ قيام استقلال لبنان قبل سبعة عقود، بدلا من التطلع والعمل على ما هو أفضل له، ويضمن تطوره وقوة مناعته بإزاء الفيروسات السياسية التي تصيب مقتلا فيه على الدوام. لم يكن الجسد السياسي اللبناني ليبقى منهكا على الدوام لو كانت المواطنة اقتناعا وخيارا عند اللبنانيين الذين يفضل بعضهم البقاء رعايا طوائف وكيانات اهلية ومذهبية. فالانقسامات الحادة التي لا تزال قائمة، وهي تتكرر على وجوه مختلفة، تثبت انها الطريق المثلى لعبور الوهن، من دون ان تكون للبنان القدرة على أن يصبح دولة بما يعنيه هذا الاصطلاح السياسي في الممارسة الداخلية والخارجية.

 

يكفي ان يمعن اللبنانيون النظر مليا في أحوال البلد ليتأكدوا من ان حاضرهم كما ماضيهم، وان مستقبلهم لن يكون غير ماض لا يريدونه هم ان يمضي. فالوقائع تثبت انه ما زال امام اللبنانيين الكثير من العمل والجهد ليبلغوا التطور السياسي. وما يشهد على انه مع كل ازمة وبعدها تتحول عناصرها إلى سرديات ممزوجة باليأس والسخرية في آن. اللافت ان قلة تبادر الى مراجعة جدية تحدد مكامن الخلل في البلد، وعدم ابقائه عرضة او ساحة لكل اشتباك سياسي اكان مصدره داخليا او خارجيا. وبالرغم من ادراك معظم المسؤولين اللبنانيين هذه الوقائع، فإن قلة تتحرك من اجل تعديل الواقع الضاغط للازمات، وايجاد الحلول لها في اتجاه ما هو أفضل لمصلحة لبنان العليا بحيث تشكل منصة لبناء دولة بكل ما للكلمة من معنى.

 

الارتجاجات اللبنانية ليست حدثا جديدا. سياسة استنفار الشعور الطائفي هي في الدرجة الاولى اعلان لقرار ضرب الدولة والتفاعل الديموقراطي بين مختلف المكونات، أي ضرب النظام السياسي برمته. لكن جديد الارتجاجات اتساع حجمها وصلافة علانيتها وما تفضي إليه من اخطار حقيقية لا تبشر الا بالتراجع من سيء الى اسوأ. وإذا كان المبدأ يفرض التوقف عن الحفر عند السقوط في الحفرة، فالبعض في لبنان - وللاسف - لا يفعل غير الاستمرار في الحفر ما يزيد ازماتنا ومعضلاتنا تعقيدا.

 

ما آل إليه الوضع يصح فيه القول ان بعض السلوك السياسي والاعلامي صار اقرب الى المغامرة والمقامرة. اما الاصرار على استهداف الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي الذي ساد البلد منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، وتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة "استعادة الثقة" وانطلاق المجلس النيابي في ورشة تشريعات كانت استثنائية بمفاعيلها، وحاولت تعويض شيئا مما فاتنا جميعا جراء الجمود السياسي لمدة سنتين، لم يكن إلا استهدافا مباشرا ومتعمدا للنظام السياسي الذي ارتضاه اللبنانيون ويتمسكون به إلى الآن.

 

المؤسف والمحزن، لا بل المخيف، هو في وقوع اللبنانيين على حدين قاسيين هما:

 

اما التوجه بملء إرادتهم إلى خوض السياسة من باب الانقسام الذي كان دائما ما يجعل البلد قاصرا، وفي حاجة الى مساعدة ورعاية اقليمية او دولية او الى كليهما معا لمنع وقوعه في آتون الحروب.

 

واما الحد الثاني فيتمثل بتسويات سياسية يرتضونها بذريعة "خصوصية التركيبة اللبنانية".

 

لكن ما ليس مفهوما على الاطلاق، ولا يوجد ما يبرره في حال من الاحوال، هو اغفال واهمال مبدأ التمسك بالنظام والدستور بوصفهما الآليتين اللتين تصحان لاستيعاب الازمات وتطويقها، والتي يبقى امر تعرض الدول لها قائما، وقد تكون سياسية او اقتصادية او بيئية او حتى امنية، لكن ذلك غالبا ما يكون استثناء عند الدول الراسخة والمتطورة. اما في الحالة اللبنانية فإن الاستثناء هو القاعدة. اي ان لبنان في حال دائمة ومستمرة مع الازمات، بينما الاستقرار هو الاستثناء. تاريخ لبنان، اقله الحديث، هو سلسلة من ازمات تتخللها مراحل قصيرة من الحلول الموقتة، ودائما بدا لبنان حيزا لتوليد الازمات يليها توترات تستدعي التدخلات الخارجية ثم تسويات، حتى صار العمل السياسي قرينا بالارتجال في معالجة الصراعات والتوترات.

 

 

 

واذا كان الامن يشترط مهارة المولجين به، فهذا لا يلغي حقيقة انه حاصل ونتيجة للاداء السياسي ليشكلا معا- اي الامن والسياسة- قاعدة للبناء الاقتصادي الذي يعبر عن متانة الدولة. لكن هذا الثالوث بوضعه الراهن لا يشي بخير قريب اذا ما استمر اللبنانيون، مواطنين وسياسيين، على ما هم عليه، وعلى ما كانوا عليه سابقا، لأن ذلك يعني ان ما ينتظرنا مستقبلا هو ما شهدناه وخبرناه ماضيا ونعيشه حاضرا. فالوطنية ليست إدعاء يستعين بالحجج السياسية ليكتسب شرعية تسعير الخلافات والمشكلات لتحويلها الى ازمات. ولا هي تعصبا اهوج يولد انعزالا وشرانق تتقوقع، بالقدر الذي ينبغي ان تكون فيه انعكاسا للمواطنة بكل ما فيها من حقوق وواجبات، ولمنظومة قيم اخلاقية وسياسية تعبر عن التزام الدولة وسلامتها وأمنها وازدهارها، ومن خلال التمسك بالوحدة في اطار التنوع الديموقراطي والسلمي، وعلى ان تكون اتحادا اختياريا بين المجموعات الواثقة من وحدتها، تكسبها نموا يعزز مكانتها ووجودها، مع وعيها الثابت والراسخ بإصرارها على ان لبنان يستحق الكف عن استخدام مقولة "الهواجس" التي استخدمها الجميع ومن دون استثناء".

2017-12-05