الرئيسية / أخبار لبنان /سياسة /الراعي في رسالة الميلاد: يخشى اللبنانيون انزلاقا سلطويا نحو استحداث أنماط حرية الإعلام والصحافة ولا يحق على الإطلاق تسييس القضاء

جريدة صيدونيانيوز.نت / الراعي في رسالة الميلاد: يخشى اللبنانيون انزلاقا سلطويا نحو استحداث أنماط حرية الإعلام والصحافة ولا يحق على الإطلاق تسييس القضاء

 

جريدة صيدونيانيوز.نت / أخبار لبنان / الراعي في رسالة الميلاد: يخشى اللبنانيون انزلاقا سلطويا نحو استحداث أنماط حرية الإعلام والصحافة ولا يحق على الإطلاق تسييس القضاء

وجه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رسالة الميلاد بعنوان "من أجلنا ومن أجل خلاصنا نزل من السماء" الى اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا مقيمين ومنتشرين في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، في حضور المطارنة والرؤساء العامين والرئيسات العامات والاكليروس.

 

بعد الصلاة المشتركة كانت كلمة للرئيس العام للرهبنة اللبنانية المارونية الأباتي نعمة الله الهاشم باسم الرؤساء العامين والرئيسات العامات قال فيها: "باسم أخواتي الرئيسات العامات والإقليميات وأخوتي الرؤساء العامين والإقليميين للرهبانيات وجمعيات الحياة المكرسة، وباسم الراهبات والرهبان والمكرسات والمكرسين، نتقدم منكم يا صاحب الغبطة والنيافة، بصفتكم رئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، بأصدق مشاعر البنوة بمناسبة عيد الميلاد المجيد، سائلين الإله الكلمة المتجسد أن يغدق عليكم نعمه لمتابعة مسيرتكم مع أصحاب الغبطة والسيادة في قيادة كنيسة لبنان في الشهادة لإيمانها والتزامها العمادي".

 

أضاف: "جئنا نضع بين أيديكم، يا صاحب الغبطة، سنة من الشهادة أمضاها بناتكم المكرسات وأبناؤكم المكرسون، حبا بابن الله المتجسد، باسم الكنيسة ووفق توجيهات قداسة البابا فرنسيس وتوجيهاتكم: "سنة من الصلاة وحياة النسك والتقشف في الصوامع والمحابس والأديار، سنة من الخدمة الرسولية والرعائية والإرشاد في الرعايا والمزارات ومع الحركات الرسولية والكشفية، سنة من خدمة الفقراء والمعوزين واليتامى والمسجونين والمدمنين في المؤسسات الاجتماعية وفي السجون وفي الأرياف والأحياء الفقيرة، سنة من الاعتناء بالمرضى وأصحاب الاحتياجات الخاصة والمسنين والمتألمين في المستوصفات والمستشفيات ودور العجزة، سنة من العمل في استصلاح الأراضي وفي تطوير العمل الزراعي والحفاظ على البيئة، سنة من العمل الإداري لتوفير فرص العمل في الممتلكات الكنسية والأوقاف، وبشكل خاص سنة أخرى من العمل على ترقي الإنسان وتطوير إمكانياته من خلال التعليم والإدارة في المدارس والجامعات. نقدم لغبطتكم هذه السنة من الشهادة لتباركوها برضاكم الأبوي، وتشفعوا بصلواتكم للآب السماوي ليغفر كل نقص في خدمتنا أو ضعف بشري في إدائنا، سبب شكا لأحد أخوتنا، وأساء إلى شهادة الكنيسة.

 

نشكر الله معكم، يا أبانا، على سنة من الخير أنعم بها على لبنان، فصانه من الحروب والفتن الدائرة حوله، ونصر جيشه في تحرير أراضيه، وعضد القوى الأمنية في الحفاظ على أمن المواطنين، وألهم السياسيين العمل لمصلحة الوطن وتجنب الانقسامات والحفاظ على ما تبقى من اقتصاد".

 

وتابع: "كل ذلك بفضل وجود رئيس يعيد لرئاسة الجمهورية موقعها الدستوري والفعلي في إدارة مؤسسات الدولة بعد الفراغ، ويسهر على الحفاظ على السلطات وحسن عملها، ويحترم كل مكونات الشعب اللبناني ويحميها من الصراعات الداخلية الأخوية المدمرة، كما يحمي كرامة الوطن من تدخلات الخارج وأطماعه، وبفضل تجاوب كل هذه المكونات مع فخامة الرئيس ومبادراته الإصلاحية. هذا الجو الإيجابي مكن السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية من تحقيق الكثير من الإنجازات التي نرجو منها خيرا للبنان وللمواطنين".

 

أضاف: "لكن هذه السنة، حملت معها أيضا بعض المخاطر، لعل أهمها ما حمله القانون 46، من خطر ليس فقط على مستقبل التعليم الخاص بل على حرية التعليم بشكل عام في لبنان. وكنتم يا صاحب الغبطة أول من تنبه للأمر، فبادرتم إلى طلب إعداد الدراسات والأبحاث وإلى تشكيل اللجنة الداعمة للجنة الأسقفية للمدارس وللأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية، حرصا منكم على متابعة رسالة التعليم التي تفخر الكنيسة بأنها كانت الرائدة بها مع قدوم الإرساليات ومع المجمع اللبناني في بداية القرن الثامن عشر وحتى يومنا. هذه الرسالة التي حملت الكنيسة ومؤسساتها مسؤوليتها، جعلت من لبنان ومن إنسانه ما هو عليه اليوم.

وأسمحوا لنا يا صاحب الغبطة، ان نعبر بوضوح وصراحة، بأننا فخورون برسالتنا التربوية وحريصون عليها، وبأننا سوف نضحي بكل ما يجب في سبيل متابعتها.

بأننا كذلك، لسنا نخاف على رهبانياتنا وجمعياتنا وكنيستنا من إقفال المدارس، هناك قطاعات أخرى بحاجة ماسة إلى من يتكرس لخدمتها.

ما نخشاه هو تغيير وجه لبنان فيصبح أقل تنوعا وتألقا ورقيا، ما يقلقنا هو ضياع الإمكانيات العلمية والثقافية والإبداعية على شبابنا اللبناني، ما نخشاه هو عدم تمكن أهلنا وأخوتنا وأبناء جيلنا من توريث إمكانياتهم العلمية لأبنائهم وبناتهم،

وما نخشاه أيضا، هو ضياع فرصة التعليم على العدد الأكبر من الأساتذة والمعلمات الكفؤ والكفوءات في المدارس الخاصة".

 

وتابع: "تداعيات هذا القانون قد تؤدي في المستقبل القريب إلى تغيير جذري في المستوى العلمي والثقافي لجميع الشباب اللبناني ولقدراته التنافسية مع البلدان المحيطة. إن هذا القانون الذي ينصف الأساتذة بالظاهر، يشكّل خطرا على حريّة الأهالي في اختيار مدارس أبنائهم، بحيث ستصبح المدارس الخاصة بعد سنوات قليلة حكرا على فئة صغيرة جدا مقتدرة ماليا في المجتمع، وسوف تقفل قريبا الكثير من المدارس الصغيرة والمتوسطة وبعض المدارس الكبيرة خاصة في الجبال والأرياف، مما سوف يتسبب بفقدان الكثير من فرص العمل في هذه المناطق وبتهجير جديد. لقد اختبرت بعض البلدان المحيطة هذا الأمر والنتائج واضحة. لكن يبدو أن الناس عائدون من الحج والبعض ذاهبون.

لكننا واثقون بحكمة فخامة الرئيس وبأنه لن يفرط بالمستوى العلمي للشباب اللبناني والذي يشكل ثروته الأولى والأخيرة، وبأنكم يا صاحب الغبطة سوف تتابعون، بهمتكم المعهودة، هذا الموضوع مع الوزارات والسلطات المختصة".

 

وختم الهاشم بالقول:" أخيرا نشكر الله عليكم، يا صاحب الغبطة، على غيرتكم الرسولية وثباتكم ونشاطكم، ووقوفكم الدائم إلى جانب الحقيقة والقيم الإنسانية والأخلاقية، ودفاعكم عن القضايا المحقة، وانفتاحكم للحوار مع الجميع، وقيادتكم الحكيمة لكنيسة لبنان.

نشكر الله عليكم يا أبانا، رافعين صلواتنا إلى طفل المغارة أن يحفظكم ويعطي لبنان والكنيسة سنة جديدة من الخير، بشفاعة والدته العذراء مريم سيدة لبنان، ومار شربل وقديسي لبنان وشهدائه".

 

رسالة الراعي

 

وقال الراعي في رسالة الميلاد: "في ما نخشع أمام مغارة الميلاد، نعود بالذاكرة إلى ألفي سنة مضت، فنسمع صدى صوت الملاك لرعاة بيت لحم، الساهرين على قطعانهم في نصف الليل: "أبشركم بفرح عظيم يكون للعالم كله، لقد ولد لكم اليوم المخلص، هو المسيح الرب" (لو2: 11). فأعلنت الكنيسة إيمانها في مجمع نيقية 325 والقسطنطينية 381 وهو إيمانٌ نردده كل يوم: "ونؤمن برب واحد يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، الذي من أجلنا ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من مريم العذراء ومن الروح القدس وصار إنسانا".

يا للتنازل العجيب! الإله يصير إنسانا، ويتخذ أما، هو خلقها. يعطينا ما له من سمو إلهي، ونعطيه ما لنا من ضعف بشري. يا له من تبادل متناقض: "الإله صار ابن البشر، حتى نستطيع نحن أن نصير أبناء الله" (القديس البابا لاون الكبير)".

 

أضاف: "يطيب لي وللأسرة البطريركية أن نعرب عن أحر تهانينا وتمنياتنا بالميلاد المجيد والسنة الجديدة 2018، لكم أيها الحاضرون، من أساقفة ورؤساء عامين ورئيسات عامات ورهبان وراهبات، ولكل أبناء كنيستنا وبناتها، إكليروسا وعلمانيين، في لبنان والنطاق البطريركي ودنيا الانتشار؛ كما نهنئ جميع اللبنانيين، راجين أن يشع نور المسيح على الجميع، فيبدد ظلمات الحياة: ظلمات الخطيئة والشر والنزاعات والحروب؛ ظلمات الأزمات السياسية والاقتصادية والمعيشية والاجتماعية؛ ظلمات الفقر والحرمان والعوز".

 

وتابع: "في الميلاد، سر الكلمة المتجسد يلقي الأضواء الحقة على سر الإنسان . لقد لبس الإله الجسد لكي يخلص الجسد. فأخذ على عاتقه الإنسان وكل ما هو بشري ليحرره من الخطيئة، ويفتديه، ويعيد إليه بهاءه الأول (القديس غريغوريوس النزينزي). وهكذا، بتجسده اتحد ابن الله نوعا ما بكل إنسان: فاشتغل بيد إنسان، وفكر بعقل إنسان، وعمل بإرادة إنسان، وأحب بقلب إنسان . ألبسنا عظمة نلناها بالمعمودية والميرون، وصيرنا أعضاء في جسده، وهياكل الروح القدس. ولهذا يدعو القديس البابا لاون الكبير كل مسيحي ويقول له: "أيها المسيحي تنبه لعظمتك!" اننا بسماع كلمة الله وحفظها في القلب، وبتناول جسد الرب ودمه نحمل المسيح في قلوبنا، كما حملته مريم في حب قلبها ودفء أحشائها. ومثلها نقدمه لعالمنا أفعال محبة، ومواقف سلام، ومبادرات شفاء للجراح. إننا مؤتمنون على الحقيقة التي أعلنها المسيح، حقيقة الله والإنسان والتاريخ. "في المسيح قال الله لنا كل شيء" (القديس يوحنا الصليبي). "فمن بعد أن كلم الله الآباء قديما بالأنبياء مرارا عديدة، وبطرقٍ شتى، كلمنا نحن في هذه الأيام الأخيرة، بالابن الذي جعله وارثا لكل شيء، وبه أنشأ العالم، وهو ضياء مجده، وصورة جوهره، وضابط الكل بكلمة قدرته"(عبرا 1: 1-3).

 

وقال: "تعلم الكنيسة بلسان آباء المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، أن "الحقيقة الخالصة سواء عن الله أم عن خلاص الإنسان، إنما تسطع لنا في المسيح الذي هو في آن وسيط الوحي بكامله وملؤه" ؛ وأن ما كشفه المسيح في العهد الجديد هو نهائي "ويجب ألا ننتظر وحيا جديدا آخر قبل ظهور سيدنا يسوع المسيح بالمجد في نهاية الأزمنة" .

في تجسد إبن الله، أظهر الله ذاته بكليتها، قال للبشرية من هو. هذا الوحي النهائي عن ذاته هو الذي يجعل الكنيسة إرسالية بطبيعتها. فهي لا تستطيع إلا أن تعلن البشارة أي ملء الحقيقة عن الله والإنسان".

 

أضاف: "من هذا المنطلق لا ننفك نحن مع الكنيسة وباسمها ندافع عن الإنسان، كل إنسان. فمن حق الكنيسةوواجبها أن تحكمفي صلاح الأفعال البشرية وشرهامن حيث تقييم هذه الأفعالفي ضوء الشريعة الالهية والأدبية. إنها تعطي "حكمهاالأدبي" في جميع الشؤون، بما فيها الشأن السياسي، عندما تقتضي ذلك حقوق الشخص البشري الأساسية وخلاص النفوس . كل نظام أو اداء سياسي يهدد كرامة الإنسان وحياته إنما يمس الكنيسة في صميم فؤادها وإيمانها بابن الله الذي بتجسده وفدائه، اتحد نوعا ما بالانسان . فلا يحق لها أن تصمت عن المظالم، بل عليها ان تتسلح بالجرأة وتعطي صوتا لمن لا صوت له، وتعيد دوما صرخة الانجيل في الدفاع عن بؤساء هذاالعالم والمهددين والمحتقرين والمستضعفين والمحرومين من حقوقهم الإنسانية. ولايستطيع أحد أن يوقفها عن ذلك .

على الكنيسة ان توجه الضمائر وتنيرها، لكنها لا تحكم في فائدة هذه السياسة أو غيرها، ولا في تناسب هذا الاقتصاد ولا في وجهه العلمي، بحيث يتصرف العلمانيون في الشؤون الزمنية فيضيء ضميرهم المستنير، لأن ما من عمل بشري، حتى في الشأن الزمني، يستطيع التفلت من سلطة الله . ومن ناحية أخرى، لا تعتنق الكنيسة أي نظام سياسي خاص، ولا يمكنها أن تتلون بهذا أو ذاك من الألوان السياسية، بل ترضى بكل اداء ونظام يضمن للانسان حقوقه وخيره واستقراره وكرامته، ويفسح في المجال لجميع المواطنين ليحققوا شخصيتهم في مناخ من الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص ما لا يمكن القبول به".

 

وتابع: "لا يمكن القبول بأن يبقى ثلث الشعب اللبناني تحت مستوى الفقر، كما أظهرت دراسات البنك الدولي. هذا اللبناني الخلاق الذي اعتاد على البحبوحة والكرامة، كيف القبول به يعيش في الحرمان، لا يستطيع أن يؤمن حاجيات الحياة الأساسية من غذاء وكساء ودواء وتعليم وماء وكهرباء؟ وبالتلازم، أي ضمير عالمي يقبل بأن تعيش 58% من أسر النازحين السوريين عندنا في فقرٍ مدقع، كما أظهر تقرير 2017 للمفوضية العليا للاجئين.

كم يؤسفنا أن الأسرة الدولية لا تفي بوعودها والتزاماتها وهي التي فرضت الحرب على العراق وسوريا وحرضت عليها، وأن دولا مقتدرة بالمال والسلاح أججت نارها في هذين البلدين وفي سواهما، تهجر المواطنين الآمنين من بيوتهم، وتلقي بثقلهم على الدول المجاورة، ومنها لبنان الذي يستضيف مليون وسبعماية ألف نازح سوري ومئات العراقيين بالإضافة إلى نصف مليون لاجئ فلسطيني، الأمر الذي ضاعف حاجات اللبنانيين".

 

وقال: "لقد كشفت في رسالتي العامة " خدمة المحبة الإجتماعية" التي أصدرتها في 25 اذار من العام الحالي، كم الكنيسة تقدم من فرص عمل وإنتاج، ومساعدات مالية، وخدمات متنوعة، في كراسيها البطريركية والأسقفية وأبرشياتها ورعاياها، وفي أديارها ومؤسساتها الاجتماعية والخيرية، في مدارسها وجامعاتها ومعاهدها، في مستشفياتها ومستوصفاتها ومراكز العناية بالمسنين والأطفال واليتامى وذوي الاحتياجات الخاصة، في ممتلكاتها وأوقافها، وبخاصة بواسطة رابطة كاريتاس-لبنان بكافة برامجها، وهي جهاز الكنيسة الاجتماعي في لبنان، بالإضافة إلى مؤسسات أخرى غير حكومية تابعة للكنيسة. هذه الكنيسة الأم تستمر في التزامها بكل ما لديها من وسائل. ومن واجب الدولة دعمها والقيام بموجباتها المالية تجاهها لكي تستمر هذه المؤسسات في إداء خدمتها كمساعدة للدولة، فيما حاجات اللبنانيين تتضاعف".

 

أضاف: "إن رأسمال اللبنانيين هو العلم والتربية الرفيعة. ومن حق الأهالي اختيار المدرسة التي يريدون لأولادهم، من أجل هذه الغاية. يؤسفنا أن يكون قانون سلسلة الرتب والرواتب قد أحدث بعض الشرخ في قلب الأسرة التربوية الواحدة: بين المعلمين وأهالي الطلاب والمدارس الخاصة. إن المدرسة الخاصة، ولا سيما الكاثوليكية، معنية بالمحافظة على المعلمين وضمان حقوقهم، وعلى أهالي الطلاب بالتخفيف عن كاهلهم، إيمانا منها بدورها ورسالتها على المستوى العلمي والتربوي والاجتماعي والوطني.

من واجب الدولة أن تدرك أنها مسؤولة عن تعليم اللبنانيين بحكم الدستور، وتعتبر أن المدرسة الخاصة ذات منفعة عامة. وعليها بالتالي أن تتولى دفع فروقات رواتب المعلمين الناتجة عن السلسلة الجديدة، وتمنع بالمقابل رفع الأقساط المدرسية. وعليها أن تحافظ على المدرسة المجانية، وتؤمن لها سنويا المستحقات المالية، لكي تستمر في خدمة التلامذة والعائلات المعوزة، وتؤمن فرص عمل لإداريين ومعلمين وموظفين. وعلى الدولة في المدى الطويل أن تدعم رواتب المعلمين في المدارس الخاصة، مثلما تؤمن كامل رواتب المعلمين في المدارس الرسمية، حيث كلفة التعليم فيها أعلى منها في المدراس الخاصة. فلا بد من تعاون مسؤول بين الدولة والمدارس الخاصة لحسن صرف المال العام".

 

وتابع: "في لبنان، التنوع ملازم للحرية، وهذا ما يميز لبنان عن جميع بلدان الشرق الأوسط. يخشى اللبنانيون، جراء ما يحدث في هذه الأيام، انزلاقا سلطويا نحو استحداث أنماط لتقييد حرية الإعلام والصحافة والتعبير، والتضييق عليها لأغراض سياسية أو لمشاعر كيدية. من الواجب أن يبقى الجميع تحت سقف قانون الإعلام والتقيد به، وبالأخلاقية التي يقتضيها. ولا يحق على الإطلاق تسييس القضاء، لكي يظل عندنا "العدل أساس الملك".

 

وقال: "إن عيد الميلاد ينقلنا بالروح إلى الأرض التي تجسد عليها ابن الله، مخلص العالم وفادي الإنسان، يسوع المسيح. ينقلنا إلى القدس، المدينة المقدسة، حيث تتأصل فيها كل جذور المسيحية: التجسد، وإعلان إنجيل الملكوت، والآيات الإلهية، والفداء، وإنشاء الأسرار لتقديس الإنسان، واعلان سر الله الواحد والثالوث، وتأسيس الكنيسة وإرسالها إلى العالم أداة خلاص شامل. هذه المدينة المقدسة، التي تحافظ عليها الأسرة الدولية منذ سنة 1947 لعلها تنعم بكيان خاص، عبر قرارات من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، على أمل أن تصبح يوما ذات نظام دولي يحمي أماكن عبادة الديانات التوحيدية الثلاث وممتلكاتها، ويضمن حرية الوصول إليها من قبل الجميع، ويحافظ على الحرية الدينية وعلى حرية العبادة وفق تقاليد وعادات هذه الديانات".

 

أضاف: "وها الرئيس الأميركي السيد دونالد ترانب ينقض كل هذا التاريخ بقراره الصادر في 6 كانون الاول الجاري، والقاضي بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وبنقل السفارة الأميركية إليها من تل أبيب. وقد تحدى العالم كله، وصم أذنيه عن كل نداءات الشعوب والدول. إنه بذلك قرر تهويد هذه المدينة المقدسة. الأمر الذي نرفضه رفصا قاطعا، لأنه قرار جائر ومعاد للمسيحية والإسلام، وللشعب الفلسطيني على الأخص. ولأنه قرر أن يهدم كل مداميك مفاوضات السلام، ويشعل نار انتفاضة جديدة بل حربا، لا سمح الله. وكم يؤسفنا أن تتخلى الولايات المتحدة الاميركية، عن رسالتها الرامية أصلا إلى حماية حقوق الإنسان والشعوب، وحماية الديمقراطية وتعزيزها، بعد هذا القرار، الجائر وتكراره باستعمال حق "الفيتو" الذي عطل به مشروع قرار سحب الإعلان حول القدس، بوجه الأربعة عشر عضوا الآخرين في مجلس الأمن الدولي، في جلسة الثامن عشر من كانون الأول الجاري. وكان الأحرى والاعدل أن تمتنع الولايات المتحدة عن التصويت لأنها صاحبة مصلحة خاصة، احتراما للديموقراطية العالمية. لكننا نذكر الناس والدول، من وحي الإله الذي ولد فقيرا وأغنى البشرية بفقره، ومتجردا وملك إلى الأبد، أن القوة الحقيقية ليست فقط بالمال والنفوذ والقدرات المادية، بل بالمحبة والتجرد والأخلاقية وصنع الخير من دون حدود. والتاريخ يعلمنا كيف سقط ملوك وأباطرة ورؤساء وأنظمة ودول، عندما لم يعتمدوا على هذه القيم".

 

دعاء

 

وختم الراعي: "إننا معكم نكل "المدينة المقدسة" إلى عناية المسيح الرب، ونلتمس منه، وهو "رئيس السلام" (أش9: 5)، أن يفيض سلامه في القلوب، ويحمي وطننا لبنان وبلدان هذه المنطقة المشرقية التي نشأت فيها المسيحية، ونشرت ثقافة المحبة والأخوة والسلام، منذ عهد الرب يسوع والرسل والكنيسة الأولى. ونصلي من أجل أبرشياتنا ورعايانا ورهبانياتنا ومؤسساتنا لكي تواصل رسالتها الشاهدة لمحبة الله، وتبقى واحة رجاء للجميع ميلادا مجيدا وسنة جديدة 2018 مباركة.ولد المسيح، هللويا!".

2017-12-23