https://sidonianews.net/article209916 /علامات محبة الله للعبد
صيدونيا نيوز

الصورة عن : الألوكة

جريدة صيدونيانيوز.نت / علامات محبة الله للعبد

صيدونيانيوز.نت/ أقلام ومقالات /حيث الجمعة / ​علامات محبة الله للعبد

إن الإنسان جُبل على حُب من أحسن إليه، ويُحب ذوي الأخلاق الحسنة من الناس، ويُحب الصالحين، وإنَّ أجمل حُب أن يُحبَ المرءُ زوجته وأولاده، والحب الذي أعلا منه درجة أن يحبَ المرءُ والديه ويكون في خدمتهما لينال رضاهما، ولعل أحدكم أن يقول وإن أسمى حبٍ في هذه الحياة أن يحبَ المرءُ ربه -عز وجل-، ولكن اعلموا أن هناك حب أسمى من ذلك الحب.

 وهل يعقل أن يكون هناك حب أفضل وأرقى من أن تحب الله عز وجل؟! نعم.

 فأسمى حب وأفضل حب أن: يحبك الله -عز وجل-، فإذا أحبك وفقك لأمر الآخرة، فإنك قد تحبُ الله -عز وجل-، ولكنه قد لا يُحبك، عياذا بالله.    

فكيف تعلم أن الله تعالى يحبك؟ ..

إن الله -عز وجل- إذا أحب عبدا عصمه من النار وأدخله الجنة، فقد روى أنس tقال: كَانَ صَبِيٌّ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ فَمَرَّ النَّبِيُّ  صلى الله عليه وسلم  وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا رَأَتْ أُمُّ الصَّبِيِّ الْقَوْمَ خَشِيَتْ أَنْ يُوطَأَ ابْنُهَا فَسَعَتْ وَحَمَلَتْهُ وَقَالَتْ ابْنِي ابْنِي قَالَ فَقَالَ الْقَوْمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُلْقِيَ ابْنَهَا فِي النَّارِ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ  صلى الله عليه وسلم : (لا وَلا يُلْقِي اللَّهُ حَبِيبَهُ فِي النَّارِ) رواه أحمد.

فحب الله -عز وجل- لعبده غاية تسبق كل الغايات، فإذا أحبنا الله -عز وجل- أدخلنا الجنة ونجانا من حر النار.

 كثير من الموظفين يسعون جادين في أعمالهم ليرضوا مدراءهم، وتراهم حريصين أن يعرفوا هل مدراءهم راضين عنهم؟ طمعا في ترقية أو علاوة. 

وهل اليوم يحرص أحدنا على أن يسأل نفسه سؤالا: هلِ اللهُ يحبني؟ نعم أنت تحب الله -عز وجل-، والكل يدعي ذلك، ولا يجرئ أحد منّا أن يقول: أنه لا يحب الله -عز وجل-، ولكن الأهم من ذلك: هل الله عز وجل يحبك؟

فما هي علامات محبة الله عز وجل لعبده؟ كيف نعرف أن الله عز وجل يحبنا؟ 

هناك علامات كثيرة منها :

أولا: أن يوفقك الله –عز وجل- للإيمان ..

فقد قال ابن مسعود t: (إن الله تعالى قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله تعالى يعطي المال من أحب ومن لا يحب ولا يعطي الإيمان إلا من يحب) رواه الطبراني والبخاري في الأدب المفرد.

فليس كثرة المال علامة على حب الله للعبد، ألا ترون بعض الكفار والملحدين يملكون المليارات؟ فالله تعالى يعطي المال من أحب ومن لا يحب، ولكن لا يعطي الإيمان إلا من يحب، فأول علامات محبة الله لك: أن الله تعالى جعلك مؤمنا ولم يجعلك كافرا، فإذا رأيت نفسك تسير في طريق الصالحين وتنهج منهجهم وتحب مجالستهم وتعمل كأعمالهم، فاعلم أن الله -عز وجل- قد أحبك، بأن بصرك طريق الحق، فالزمه وعض عليه بالنواجذ. وأما إذا رأيت خلاف ذلك فاعلم أنك تسير في طريق الشقاء والنار والعياذ بالله.

ثانيا: ومن علامات محبة الله عز وجل للعبد المؤمن أن يحميه من فتن الدنيا وشهواتها، فالسعيد من جُنّب الفتن، فقد روى محمود بن لَبِيدٍ t أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَحْمِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ يُحِبُّهُ كَمَا تَحْمُونَ مَرِيضَكُمْ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ تَخَافُونَ عَلَيْهِ) رواه أحمد....

وهذا لا يعني أن من أحبه الله أفقره ومن أبغضه أغناه؛ لكن المقصود أن الله يعصمه من التعلق بشهوات الدنيا ويصرف قلبه عن حبها والانشغال بها؛ لئلا يركن إليها وينسى همَّ الآخرة. 

وانظروا على سبيل المثال في حال من ينفق مئات الآلاف على أثاث منزله وسفرياته وشهواته وهو فرح بذلك، ولكنك تراه يتمزق فؤاده وتكاد أن تذهب نفسه حسرات على مائة ريال أخرجها على مضض لصالح الفقراء والمحتاجين والمجاهدين، لماذا؟ لأنه أصبح أكبر همه الدنيا وليس الآخرة فأحب الدنيا وزهد الآخرة.

ولذلك عندما جاء رجل إلى النبي  صلى الله عليه وسلم  فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم : (ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ) رواه ابن ماجه.
 

ثالثا: ومن علامات محبة الله عز وجل لعبده المؤمن، أن يوفق إلى الرفق واللين وترك العنف، فقد روى جابر t أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: (إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق) رواه ابن أبي الدنيا.

وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم  (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ) رواه البخاري.

 فإذا رأيت الرجل ليناً لطيفاً رفيقاً مع الناس عامة، ومع زوجته وأهل بيته خاصة، فهذا من علامات حب الله له، وكم نسمع عن أناس يكثرون من إهانة زوجاتهم أمام أولادهم وأقاربهم، بل إن منهم من يتعمد إذلال زوجته ورفع صوته عليها أمام أهلها تحقيراً لها وتكديراً لخاطر أهلها الذين أكرموه وائتمنوه على فلذة كبدهم، وما هذا من أخلاق الرجال ولا من سنة سيد الأنام  صلى الله عليه وسلم ، بل قد تكون علامة على عدم حب الله تعالى له.

رابعا: ومن علامات محبة الله عز وجل لعبده المؤمن أن يبتليه في دينه أو دنياه، فقد روى أنس بن مالك t أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ) رواه الترمذي ابن ماجه.

فالله -عز وجل- يبتليك ليمتحنك، فقد يبتليك بالغنى أو الفقر، بالصحة أو المرض، بالفراغ أو الشغل، في المال أو النفس، فمن رضي وصبر محص الله ذنبه، ومن لم يرض خسر عظيم الثواب، ولن يستعيد ما فقده بعدم الرضا.

قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}، وقال تعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}....

وقد قال لقمان الحكيم لابنه: يا بني إن الذهب والفضة يختبران بالنار، والمؤمن يختبر بالبلاء (فيض القدير).

ومن علامات محبة الله -عز وجل- لعبده المؤمن، 


العلامة الخامسة: أن توفق لخدمة الناس وإعانتهم وتفريج كربهم، حيث روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رجلا جاء إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله؟ فقال: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهرا - يعني مسجد المدينة - ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضا، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها له ثبت الله قدميه يوم تزول الأقدام) رواه الأصبهاني وابن أبي الدنيا.

سادسا: ومن علامات حب الله للعبد أن يوفق إلى حسن الخلق، فعن أسامة بن شريكt قال: كنا جلوسا عند النبي  صلى الله عليه وسلم  كأنما على رؤوسنا الطير، ما يتكلم منا متكلم، إذ جاءه أناس فقالوا: من أحب عباد الله إلى الله تعالى؟ قال: (أحسنهم خلقا) رواه الطبراني.

سابعا : ومن علامات حب الله للعبد أن يوفق إلى حسن الخاتمة والموت على عمل صالح، فعن عمرو بن الحمق t قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : (إذا أحبَّ اللهُ عبدا عَسَلَه)،  قالوا: ما عَسَله يا رسول الله؟ قال: (يوفقُ له عملا صالحا بين يدي أجله حتى يرضى عنه جيرانه- أو قال- من حوله)  رواه ابن حبان والحاكم والبيهقي....

فالذي يموت مُحرما مثلا فهذا مما يدل على حسن خاتمته؛ كمثل ذلك الصحابي الذي وقصته دابته في حجة الوداع، فقال النبي  صلى الله عليه وسلم : «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا» رواه البخاري. ...

ومنها أن يكونَ آخرُ كلامه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله، فقد روى معاذ بن جبلt أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ) رواه أبو داود. ....

وإذا أردت أن يحبك الله -عز وجل- فعليك باتباع سنة النبي  صلى الله عليه وسلم ، فقد قال الله -عز وجل- } قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{، وإذا أردت أن يحبك الله -عز وجل- فعليك بمجالسة الصالحين وزيارتهم، فقد قال معاذ بن جبل t سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم  يَقُولُ: (قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ) رواه أحمد. ...

وإذا أردت أن يحبك الله -عز وجل-، فالزم فرائض الله تعالى ولا تضيعها وبادر إلى الإكثار من النوافل بشتى أنواعها، من صلاة وصيام وصدقة وقراءة قرآن ونحو ذلك، فقد روى أبو هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل (..وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ..) رواه البخاري. ....

أسأل الله تعالى أن يوصلنا إلى محبته، اللهم حببنا إليك وارزقنا حبك، والعمل الذي يقربنا إلى حبك، اللهم نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخط والنار، جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

(بتصرف بسيط)


www.Sidonianews.Net

Owner & Administrator & Editor-in-Chief: Ghassan Zaatari

Saida- Lebanon – Barbeer Bldg-4th floor - P.O.Box: 406 Saida

Mobile: +961 3 226013 – Phone Office: +961 7 726007

Email: zaatari.ghassan@gmail.com - zaataripress@yahoo.com

https://sidonianews.net/article209916 /علامات محبة الله للعبد