جريدة صيدونيانيوز.نت / خليل المتبولي : يحيّرني ما يحصل !
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / خليل المتبولي : يحيّرني ما يحصل !
بقلم : خليل ابراهيم المتبولي
يحيّرني ما يحصل كثيرًا هذه الأيام من تجاوزاتٍ وعنترياتٍ تجاه مدينة صيدا وأهلها ! يحيّرني كيف يُنظر لهذه المدينة وكأنها حديثة لا تاريخ لها ولا جذور ولا زعامات ! يحيّرني هذا الإستخفاف برمزية ووجود وكيان صيدا العظيم لما لعبته من أدوار تاريخية هي وأهلها وزعاماتها عبر التاريخ ! يحيّرني أنّ عناصر أمنية مولجة بحماية الأمن أن تقف وتطاول على نائب من مدينة صيدا ، وقبل أن يكون نائبًا هو زعيم شعبي له مكانته الشعبية والوطنية ، ابن زعيم من بيت سياسي عريق له صولاته وجولاته في المدينة إن على الصعيد السياسي ، النضالي ، الشعبي أو الإجتماعي ، وحتى العروبي والتقدّمي !..
ما معنى التطاول ؟ هو المس في الكرامة ، وهذا ما فعله رجال الأمن مع مدينة صيدا ، لقد مسّوا كرامة هذه المدينة بفعلة التطاول هذه على نائبها وزعيمها ، وهذا مرفوض جملة وتفصيلًا ، لأن ّ مدينة صيدا وأهلها صاحبة كرامة وعزّة وترفض الإهانة من أي كان ، أو السيطرة عليها أو التحكّم بها ، الكرامة ليست شعارًا يُرفع بل منهجٌ يُتّبع مدى الحياة ، وهي المحرك المعنوي للوصول إلى الحرية ، والتي يجب أن يكون المجتمع جديرًا بالقيمة والإعتبار والشرف والإحترام ، صيدا وأهلها صاحبة كرامة وعزة وعنفوان رغم أنف الجميع .
تصرّ المجتمعات صاحبة الكرامة والعزّة على مواجهة تيارات السلطة والتسلّط بقوة الروح والعزيمة ، وتصوغ من لحظات المواجهة رموزًا حية تجتمع فيها حرارة الألم ، وجمال الكبرياء ، وقوة الإرادة ، وتخلّف أثرًا طيبًا مليئًا بالانتصارات وبتوازن رعبٍ ، وبرموز تصبح صورًا منقوشة في ضمائر الأمكنة والأزمنة ، وتنتشر أيقونات وأساطير على مر العصور ، وإن مسيرة صيدا هي مسيرة إنتاج الرموز ( أبو الفقراء ... شهيد الصيادين ... رمز المقاومة الوطنية ... صوت الناس ... ) كلمات ومفردات وجمل ولدت من رحم الناس ومعاناتهم وكرامتهم ، ومازالت تتراطمها أمواج بحر صيدا على صخورها وقلعتها ، وترسم بالريشة والكلمة واللحن معنى الكرامة في دروب الأمل والعطاء والتضحيات .
يحيّرني ما يحصل أمام هذه الكرامة والعنفوان عند مدينة صيدا وأهلها ، وكأنّ ما يحصل هو لطمس الحقيقة وقتل الرموز كلها ، وإسكات كلمة الحق والحقيقة . لكن ما يبدد حيرتي هي التحركات الجريئة ، والتصدّي والمواجهة لكل أنواع الظلم والتظلم من صيدا وأبنائها تجاه كل مَن يريد فرض أمر واقع مغاير لصيدا ، إن أهل المدينة يرفضون كل أشكال الهيمنة والسيطرة ، ويرفعون الصوت عاليًا في وجه الفساد والمفسدين ، ويتمتعون بروح التمرّد والعصيان المليئة بكره شديد للظلم والقهر والتسلّط ، والتي تبدو شرطًا أساسيًا للتأكيد على حرية الإنسان والدفاع عنها .