جريدة صيدونيانيوز.نت / الصِّحَافِيّ نَصْرِي عَكّاوِي شَهِيدٌ الْفَقْرِ وَ العوز فِي الصَّحَافَةِ اللُّبْنَانِيَّة و الْغَنِيّ بمسيرته المهنية وَالفِكْرِيَّة (بقلم : الدكتور مصطفى متبولي )
Sidonianews.net
----------------
(بقلم : الدكتور مصطفى متبولي )
* مُدِير سَابِق لِكُلِّيَّة الإعلام- الْجَامِعَة اللُّبْنَانِيَّة
بِمُناسَبَةِ عِيدِ شُهَدَاء الصَّحَافَة اللُّبْنَانِيَّة لَا بُدَّ مِنْ اِسْتِذْكَار اِنْتِحارٌ الصِّحَافِيّ و النَّاقِد الفَنِّيّ نَصْرِي عَكّاوِي )الجمعة 9 أَب 2013 ( الَّذِي أَصْبَحَ رغمًا عَنْه شَهِيدٌ الْفَقْرِ وَ العوز فِي الصَّحَافَةِ اللُّبْنَانِيَّة .
هَذَا الانتحار سَلَّط الضَّوْءُ عَلَى وَاقِعٌ الْبُؤْس الْمَعَاش و الْأَوْضَاع الاجتماعيّة والماديّة السَّيِّئَة لِمُعْظَم الصحافيين اللّبنانيين وَأَطْلَق صافِرَة إنْذَار مُبَكِّرَة مِنْ أَجْلِ الِاهْتِمَام بالصحافيين اللبنانيين الَّذِينَ يَمُرُّونَ حاليًا فِي ظُرُوفِ معيشيّة صَعْبَة بَعْد تسُونَامِي الصَّرْف الجَمَاعِيّ أَوْ الْجُزْئِيِّ لَهُمْ مِنْ وَسَائِلِ الإعْلاَمِ اللّبنانيّة والأزمة الاقْتِصَادِيَّة الخانقة نَتِيجَة انْتِشَار فَيْرُوس كورونا و اِنْهِيَار اللِّيرَة اللُّبْنَانِيَّة .
وَأَمَّا السَّبَبُ الأسَاسِيُّ لانتحار الصِّحَافِيّ نَصْرِي عَكّاوِي هُو الْأَزْمَة الْمَالِيَّةِ الَّتِي مَرَّ بِهَا وَ اسْتِحَالَة الْعَيْش بِكَرَامَة بَعْد أَقْفَالٌ "البيرق" و"الحوادث" و دَار "ألف لَيْلَة وليلة" و عَدَمُ حُصُولِهِ عَلَى تعويضاته الماليّة بَعْدَ صَرْفِهِ مِنْ عَمَلِهِ مَعَ نَحْوِ ثلاثمّئة صَحَفِي وموظف و عَدَم إيجَاد عَمِلَ فِي وَسِيلَةِ إعلاميّة أُخْرَى .
و هَكَذَا أَصْبَح الصِّحَافِيّ نَصْرِي عَكّاوِي شَهِيدٌ الصَّحَافَة فِي الْقَرْنِ الْوَاحِد وَالْعِشْرِين وَشَهِيدٌ الْحُقُوق الْمَسْلُوبَة و رَمَز الشَّقَاء الْإِنْسَانِيّ للصحافي اللبناني . و فَضَح مَوْتِه المأسوي زَيَّف الْعَالِم الْوَرْدِيّ للصحافيين الَّذِي أَظْهَرَ بِوُضُوح الأنماط والفوارق الاجتماعيّة لِلْعَامِلَيْن فِي الصّحافة اللُّبْنَانِيَّة وانتهازيّة و وصوليّة بَعْض الصحافيين الْجُدُد كاشفًا بِشَكْل صَارِخٌ وُجُودٍ فِئة كَبِيرَةٌ مِنْ الصحافيين البؤساء وَفِئة قَلِيلَةٍ مِنْ الصحافيين الوصوليين الزحفطونيين الَّذِي أَصْبَحُوا ببغاوات- أَغْنِيَاء فِي خِدْمَةِ الأثرياء الْجُدُد .
و عَلَى الرَّغْمِ مِنْ الْمَقَالَاتِ و الْمُعَلَّقَات الَّتِي تُمْدَح و تَمَجَّد عَظْمُه شُهَدَاء الصَّحَافَة اللُّبْنَانِيَّة الَّذِين ضَحُّوا بِدِمَائِهِم الزَّكِيَّة مِنْ أَجْلِ حُرِّيَّة الوَطَن و سِيَادَتُه إلَّا أَنْ ذَلِكَ لَمْ يَحْجَبْ الْمَأسَاة الْمَعيشِيَّة الَّتِي يُعَانِي مِنْهَا الْيَوْم مُعْظَم الصحافيين اللبنانيين الشُّهَدَاء الْإِحْيَاء ؛ و حسنًا فَعَلْت رَئِيسِه مَجْلِس إدَارَة الْجَرِيدَة نَائِلَة جُبْرَان تُوَيْنِي الَّتِي حَمَلَتْ وَزِير الْإِعْلَام " طَلَبًا لِلْعَمَلِ وَالسَّعْيِ مِنْ أَجْلِ تَحْسِين ظُرُوف مَعِيشَة الصحافيين" خِلَال زِيَارَتِه لجريدة النَّهَارِ يَوْمَ الْخَمِيسِ 5 أيَّار 2022 عَشِيَّة ذِكْرَى شُهَدَاء الصَّحَافَة .
لَقَد أَظْهَر اِنْتِحارٌ نَصْرِي عَكّاوِي عَدَم التَّعَاضُد والتكافل الاجْتِمَاعِيّ بَيْن أَبْنَاء مِهْنَة الصَّحَافَة النَّاتِج عَنْ عَدَمِ وُجُودِ ضَمَان اجْتِمَاعِيٌّ و صِحِّي لَائِق للصحافيين بِالْإِضَافَةِ إلَى غِيَاب التَّضَامُن الأخْلاقِي والمهني مَعَ الَّذِينَ قَسَت عَلَيْهِم الْأَقْدَار و سَلَبَت تعويضاتهم الْمُحِقَّة و الْمَشْرُوعَة مِنْ بَعْضِ أَصْحَابِ الْوَسَائِل الإعلامية .
و أخيرًا ، آكَد اِنْتِحارٌ نَصْرِي عَكّاوِي ايضًا حَقِيقَة مُؤْلِمَة لَكِنَّهَا مَغِيبِه بِأَن مِهْنَة الصّحافة فِي لُبْنَان هِيَ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْغَنِيِّ طليس " مِهْنَة بتاخدك لَحْمُه وبتتركك عضمة " و جسّد هَذَا الإنتحار هَذِه الْمَقُولَة المحزنة .
--------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / الصِّحَافِيّ نَصْرِي عَكّاوِي شَهِيدٌ الْفَقْرِ وَ العوز فِي الصَّحَافَةِ اللُّبْنَانِيَّة و الْغَنِيّ بمسيرته المهنية وَالفِكْرِيَّة (بقلم : الدكتور مصطفى متبولي )