جريدة صيدونيانيوز.نت / شبعت المصارف أو بعد؟
Sidonianews.net
------------------
الجمهورية
فادي عبود
قدّم عضوا كتلة «التنمية والتحرير» النائبان علي حسن خليل وناصر جابر اقتراح قانون لحماية أموال المودعين في المصارف اللبنانية، وهي خطوة جيدة لوضع تعهّد قانوني يمنع المساس بما تبقّى من ودائع الناس.
ولكن هذا القانون غير كافٍ، لأنّ العملية المستمرة في تقليص الودائع هي عملية خطرة، وتُعتبر عملية نصب مبطنة تحت حجج واهية. فمنذ بدء الأزمة وحتى اليوم، تقلّصت هذه الودائع بفعل وسائل ملتوية تقوم بها المصارف اللبنانية، وبتغطية من مصرف لبنان المركزي، وفي ظلّ عجز او تستّر حكومي.
وهذه عينة من بعض ممارسات المصارف خلال الثلاث سنوات الاخيرة:
- يعطي المصرف المودع مبلغاً مالياً محدّداً من أصل وديعته على سعر صرف 8000 ليرة لبنانية للدولار الواحد بعد أن كانت 3900 ليرة.
- صفر أو نصف في المئة فائدة على الودائع والحسابات، فيما الفوائد على الديون لا تزال بين 7 إلى 8 في المئة.
- يتقاضى بعض المصارف عمولة 100 دولار عن كل عملية SWIFT.
- أي تحويل مبالغ بالدولار الـFRESH إلى الخارج، يأخذ بعض المصارف مقابلها عمولة 2 في المئة.
- عندما تطلب كشف حساب يقتطع المصرف 25 دولاراً من حسابك.
- فرضت المصارف على الشركات تسديد قروضها بالدولار على أساس اللولار، بينما ديون هؤلاء المستحقة في السوق تمّ تسديدها على أساس 1500 ليرة. فالمصرف إبن ست في تعاميم صادرة عن المصرف المركزي والشركات أبناء....»، فواتيرها بالدولار تُسدّد بالليرة اللبنانية. هل يوجد أفظع من هذا التمييز في العالم؟
- عند تسديد بعض القروض بالدولار على أساس الـ 1500 ليرة بموافقة مصرف لبنان، تصل العمولة في بعض المصارف إلى 15 في المئة.
- هناك موجة إشاعات تُرمى حول مصير الودائع بالإضافة إلى حاجة الناس، ونتيجتها انّ بعض المودعين يقبلون بالتخلّي عن ودائعهم مقابل مبالغ زهيدة، وصلت حالياً إلى بيع 100 الف دولار من الوديعة بـ 12 الف دولار نقداً. (وقد قمنا بتفسير نتائج وأبعاد ذلك في مقالات سابقة).
لقد بات واضحاً انّ المصارف حققت ارباحاً، وكيف لا تحقق ارباحاً في ظل هذه الوسائل، وبالتالي هي قادرة على إعادة ما تبقّى من الودائع إلى الناس، اليوم قبل الغد. ولكن المماطلة تهدف إلى تقليص الودائع كما ذكرنا، لتكون المبالغ التي على المصارف إعادتها اقل بكثير ولتحقيق أرباح اضافية.
وبالتالي، أي قوانين تتقدّم اليوم وتأخذ وقتاً للنقاش وللتصديق وللتطبيق لا تخدم المودعين، فهؤلاء يخسرون يومياً منذ ثلاث سنوات ولا قدرة لهم على التحمّل بعد الآن. فما حدث كان تدميراً ممنهجاً لحياة الناس. فكثيرون هاجروا وخسرهم الوطن، وكثيرون فقدوا فرصة التعلّم لأنّ لا قدرة لديهم على إخراج ودائعهم، وكثير منهم لم يتمكنوا من العلاج. هذه الجرائم التي ارتكبتها المصارف في حق هؤلاء غير مسبوقة، والأنكى انّهم يبحثون عن وسائل قانونية لتغطية هذه الجرائم، وعفا الله عمّا مضى.
يجب اتخاذ إجراءات حاسمة وتضمين القانون المقدّم حول حماية المودعين مهلة زمنية لإرجاع الودائع. ونكرّر، انّ المصارف قادرة على إعادتها. ويجب ان تطلب الحكومة من المصارف كشف اوراقها ليتمّ التأكّد من الاسئلة التي سألناها مراراً ونعيدها:
- كم كانت الودائع التي لديها؟
- كم أخذ منها المصرف المركزي؟ وفي أي تاريخ؟ وبناءً على أي قانون؟
- كم أعاد المصرف المركزي منها وفي أي تواريخ، وخصوصاً انّ حاكم المصرف صرّح لـ»هنا بيروت» في حزيران 2022، انّه أعطى المصارف 24 مليار دولار بين عامي 2017 وآذار 2022
- كم أعطاها المصرف المركزي من فوائد؟
- هل أجبرها المصرف المركزي على الاستثمار؟ وبناءً على أي قوانين ؟ أم انّ سحب الودائع تمّ بالتراضي بين الطرفين؟
وبعد التأكّد من الوضع المالي لكل مصرف، يُصبح واضحاً من يستطيع اعادة الودائع ومن هو متعثر، ونتفاجأ إذا كان متعثراً فعلاً. اما المصرف الذي يرفض التعاون والإفصاح عن اوراقه فتُتخذ إجراءات حاسمة في حقه ووضع اليد عليه حالاً.
والطامة الكبرى، انّه بدل اتخاذ اجراءات شجاعة تريح المودع، يتمّ التلهّي بقانون «الكابيتال كونترول»، والذي كان من المفروض ان يتمّ اقراره فور اندلاع الأزمة، وليس انتظار نحو ثلاث سنوات، بعد ان تمّ إخراج الاموال من البلد. قانون «الكابيتال كونترول» في شكله الحالي هو مهزلة ستساهم في استمرار معاناة الناس ومنح صك براءة للمصارف وجميع الذين ساهموا في إفقار الناس، كما انّه سيمنح المصارف تغطية قانونية لمتابعة وسائلها الملتوية من دون حسيب او رقيب، والتي حتى اليوم ترفض اعتماد الشفافية حول وضعها المالي وتفاصيله، وخصوصاً انّ القانون يقترح إنشاء لجنة برئاسة وزير المال وحاكم المصرف المركزي، لوضع القيود المفروضة بموجب القانون. انّ تعيين أي أحد من المصرف المركزي وجمعية المصارف غير مقبول، حيث انّ المصائب المالية وقعت بإشراف هؤلاء، فكيف يتمّ منحهم مجدداً سلطة التحكّم برقاب الناس؟ اللجنة يجب ان تكون أكثريتها مؤلفة من خبراء حياديين وممثلين عن المودعين، كما يجب تقييد القانون بفترة زمنية معينة، لتبدأ إعادة الودائع لأصحابها.
-------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / شبعت المصارف أو بعد؟