جريدة صيدونيانيوز.نت / أقوى سلاح لتدمير أخلاق الأبناء
صيدونيانيوز.نت / أقلام ومقالات / أقوى سلاح لتدمير أخلاق الأبناء
(اسقاط القدوة) أسرع وأقوى سلاح لتدمير أخلاق الأبناء بالأسرة، فماذا يعنى (اسقاط القدوة)؟
إن التربية تقوم على مبدأ التقليد والمحاكاة، فعندما يولد الطفل تكون جميع حواسه مركزة تجاه والديه، فيأخذ عنهما كل تصرف أو سلوك أو كلمة، فيصبح الطفل مرآة لأخلاق والديه، فإذا كانت أمه عصبية فإنه يصبح عصبيا، وإذا كان أباه يشتم ويتكلم بكلمات بذيئة فانه يردد نفس الكلمات ، ولو كان أحدهما فيه صفة إيجابية كأن يكون مرحا واجتماعيا فإن الطفل يتأثر به كذلك.
فالأصل أن يحافظ الوالدان على شخصياتهما وأخلاقهما أمام أبنائهما حتى يكونوا قدوة حسنة ليكون التأثير إيجابيا، ولو كان أحد الوالدين عنده عيب أو خلق سيء فالصواب أن لا يظهر عيبه أمام أبنائه ويطبق القاعدة الأخلاقية (إذا ابتليتم فاستتروا)، لأن الوالدان إذا لم يطبقا هذه القاعدة فإنهما سيساهمان في افساد أبنائهما.
فقد يكون أحد الوالدين مبتلى بشرب الخمر أو لعب القمار أو تعاطي الحشيشة أو مشاهدة الأفلام الإباحية أو الشتم والسب أو أي منكر مما حرم الله فعله، فلو لم يستر المبتلى نفسه فإن أبنائه سيشاهدونه وبالتالي يتأثرون به، أعرف أبا كان يجاهر بشرب الخمر في بيته وعند أصحابه، فصار أبنائه من الذكور والإناث يشربون الخمر مثله، وأعرف أما تتعامل مع السحرة لإفساد العلاقات فصارت ابنتها تسير على خطاها، وأعرف جدا كثير لعب القمار فصار ابنه وحفيده يلعبون القمار مثله، فالطفل يقلد والديه تقليدا أعمى.
فهناك آباء يتحدثون عن علاقاتهم المحرمة مع النساء أمام أبنائهم ويتفاخرون بهذه العلاقة، وآخرون يشربون الخمر بتفاخر ويشربونها أطفالهم، فإذا كان أحد الوالدين يمارس المنكر أمام الأبناء فإنه أولا يدمر أخلاقهم بإسقاط القدوة، وثانيا فإن إثمهما يكون مضاعفا عند الله تعالى، وهم بهذا التصرف يرتكبون ثلاثة جرائم.
الجريمة الأولى هي المنكر الذي يرتكبونه، والثانية هي المجاهرة بها أي الإعلان عنها وعدم سترها، والثالثة أنهم يساهمون بإفساد الذرية من خلال حديثهم عن المنكر الذي يرتكبونه أو مشاهدتهم علنا عندما يرتكبون المحرمات، وقد حذر رسولنا الكريم عن المجاهرة بالمنكر لان أثاره التربوية في تدمير الأخلاق عظيمة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه)، والمقصود أن يعمل الإنسان المنكر أمام الناس، فلو عمل أحد الوالدين المنكر أمام أبنائه علانية فإنه يشمله الحديث النبوي.
أعرف أما جاهرت بمقاطعة أمها وأبيها وكانت تتكلم عنهما، بسوء فلما كبر أبنائها قاطعوها وتكلموا عنها بسوء، فكرروا ما فعلته بوالديها في معاملتهم لأمهم، وهذه من آثار المجاهرة بالأخلاق السيئة، فالأبناء يستنسخون سلوكيات آبائهم ويكررونها في حياتهم، ومن هنا تأتي أهمية القدوة.
فالقاعدة التربوية الصحيحة هي أن نظهر لأبنائنا أجمل ما عندنا ونحاول أن نخفي أسوء ما فينا من سلوكيات وأخلاق، وأعرف كثيرا من الآباء والأمهات تركوا أخلاقا سيئة كانوا يرتكبونها بعدما رزقوا بالأبناء حتى يوفروا لأبنائهم بيئة تربوية صالحة.
فالتقليد فطري في الأطفال، ويبدأ الطفل بتقليد والديه من عمر ثلاثة شهور ويستمر بتقليدهم وكأنه كاميرة مراقبة، ثم ينتقل لمرحلة التمثيل الفردي فيتخيل أشياء فيمثلها ويقلدها مع نفسه ويكون ذلك بين عمر خمسة وسبعة سنوات، ثم ينتقل لمرحلة التقليد الجماعي كأن يقلد حفلة عرس أو عيادة طبيب مع أخوانه أو أصدقائه وهكذا التقليد يستمر في حياة الطفل، وحماية الطفل أخلاقيا تكون بالمحافظة على القدوة وعدم اسقاطها.