(في أحد المصانغ الإسرائيلية - عن جريدة الأخبار - أ ف ب ) جريدة صيدونيانيوز.نت
جريدة صيدونيانيوز.نت / الأخبار: يحيـ ى السنـ وار... همشري ح م ا س الذي أيقظ العالم: تقدم خطوات لم يجروء أحد على السير بها؟ | هذا ما يمكن أن يذهب في نصف ساعة حرب شمال الكيان الإسـ ر ائيلي؟
يحيـ ى السنـ وار... همشري ح م ا س الذي أيقظ العالم
الأخبار : يوسف فارس
غزة | أزمة إسرائيل مع يحيى السنوار، أنها كانت تظن أنها تعرفه أكثر من الجميع، إذ لم يعايش أحد من جيلَي غزة القديم والجديد، مؤسس الجهاز الأمني لحركة حماس «مجد» لمدة 22 عاماً متواصلة، فيما حظي الإسرائيليون بتلك الفرصة طوال مدة سجنه من عام 1989 وحتى الإفراج عنه في صفقة «وفاء الأحرار» عام 2011. ربما لم ينشغل الإسرائيليون بإحصاء أنفاس «أبو إبراهيم» ودراسة طبائعه، إذ اعتقدوا أن مَن يُحكم عليه بالسجن مدى الحياة و25 عاماً إضافية، لن يمتلك متسعاً من العمر، لكي يخادعهم ويقاومهم، بل ويهدّد وجودهم، ثم يفاوضهم على مصير أسراهم. وفي مقابل غفلة السجان وغروره، سيستغل «السجين» حياة السجن في إقامة أعلى مستويات التفاعل مع بيئة الاحتلال ومجتمعها: سنوات طويلة من النقاشات والدراسة المعمّقة، مكّنته من فهم مجتمع العدو وتحليله، بمختلف بيئاته السياسية والأمنية والعقائدية.
تقدّم السنوار خطوات لم يجرؤ أحد على السير بها (أ ف ب)
هو ابن مخيم خانيونس، فيه ولد (1962) بعدما هُجّرت عائلته من مدينة المجدل (عسقلان) شمال غرب قطاع غزة. ومن هناك، سطعت شخصية القائد الحازم، والتي عكستها سنوات ما قبل اعتقاله في نهاية الثمانينيات، حيث انشغل بتأسيس وبناء الأصول المؤسساتية والتنظيمية لحركة «حماس» في مدينة خانيونس، في ثلاث سنوات فقط، هي مساحة الحرية التي تحصّل عليها الشاب المندفع ما بين تأسيس «حماس» عام 1987 واعتقاله عام 1989، أسّس معلّم اللغة العربية، «مجد»، الذي نشط في قمع العملاء وملاحقتهم، وبنى بيده مسجد الشافعي في خانيونس، وقاد مجلس الطلبة في «الجامعة الإسلامية». ثم بعد اعتقاله، تولّى قيادة أسرى «حماس» في سجون العدو لسنوات طويلة.
لم يتصدّر السنوار المشهد القيادي في «حماس» فور خروجه من السجن. احتاج الأمر إلى 5 سنوات هي الفاصل بين تحرّره عام 2011 وقيادته الحركة في غزة في نهاية عام 2016. قضى القائد الوطني تلك المدة في محاولة تحليل وتفكيك أزمات المشهد الوطني والتنظيمي، بعد أن تركت الثورات العربية، الحركة «الإخوانية» معزولة ومهمّشة ومحاصرة، ولا سيما إثر الانقلاب على الرئيس المصري الراحل، محمد مرسي، عام 2013. وفي خلال عام واحد من قيادته الحركة في القطاع عام 2017، خرج الرجل بـ«حماس» من ثقل ارتباطاها بجماعة «الإخوان المسلمين»، وتمرّد على كل التابوهات وكسر محرمات «الحق والباطل» التي حاصرت القرار «الحمساوي» الملتزم بقراءة الأحداث بعين «الإخوان»، وأصلح العلاقة مع مصر، وحرّك المياه الراكدة في ملف المصالحة الوطنية، بل وتقدّم خطوات لم يجرؤ أحد على السير بها قبله ولا بعده، حملت تنازلات حزبية كبيرة وجادة عن كل مفاصل ومظاهر الحكم، وأفضت أخيراً إلى دفع الأجهزة الأمنية في السلطة إلى افتعال الأزمات للهروب من استحقاق إنهاء الانقسام ورأب الصدع. لقد كان أبو إبراهيم «فلسطينياً وطنياً» أكثر من كونه «حمساوياً إخوانياً».
كان أبو إبراهيم «فلسطينياً وطنياً» أكثر من كونه حمساوياً إخوانياً
وعلى الصعيد المقاوم، عاد الرجل ذو التاريخ العسكري، بالحركة إلى مربع الأهداف الأول. يحكي أحد المطلعين، لـ «الأخبار»، أن السنوار حسم أمر التموضع الإقليمي لـ«حماس» وقرار العودة إلى دمشق، ورفع مستوى العلاقة مع «حزب الله» والجمهورية الإسلامية في إيران، بطرحه جملة من الأسئلة خلال اجتماع مع أعضاء المكتب السياسي للحركة تم في القاهرة عام 2022. ويقول المصدر: «تلك التساؤلات كانت من نوع، لماذا تشكلت حركة «حماس»؟ أليس لتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، هل يمتلك أحدٌ إجابة أخرى؟ لنبحث عن خصوم إسرائيل في العالم، الذين يشاركوننا سقف أهدافنا، في أي العواصم نجدهم؟ في لبنان، دمشق وطهران وصنعاء، دلونا على عواصم أخرى». يمتلك الرجل جرأة على طرح أبسط الأسئلة التي تقود الإجابة الصادقة عليها إلى اتخاذ أصعب القرارات. هكذا، مضى وفد «حماس» إلى دمشق بعد 10 سنوات من القطيعة.
طوال السنوات التي تولّى فيها قيادة الحركة في غزة على مدار دورتين انتخابيتين (2017 – 2025)، دشّن السنوار سنّة جديدة لم يسبقه إليها قائد «حمساوي» آخر، إذ كرّر عقد العشرات من الاجتماعات العامة، مع القيادات العشائرية والصحافيين وأصحاب الرأي والتجّار، والتقى مع كل فئات المجتمع، وشكّلت تلك اللقاءات مصادر التغذية التي اعتمد عليها في تعويض سنوات غيابه الطويلة عن الحياة الاجتماعية. وفي واحد من اللقاءات التي جمعت كاتب هذه السطور بالسنوار إلى جانب المئات من الصحافيين، بدا واضحاً أن لـ«ابن المعسكر» طبيعته وشخصيته المميّزة جداً. هو ليس رجل سياسة بالمعنى التقليدي. لا يقدّم الإجابات المعلّبة، ولا يتردّد في نقاش أي فكرة شائكة. حتى الذين ظنّوا أنهم يحرجونه، ابتسم لهم، ثم أخذ الصور التذكارية معهم. في اللغة المحكية الغزية، يُسمى صاحب الشخصية الرسمية الذي لا يقيم وزناً للبروتوكول بـ«الهمشري». وقد كان السنوار كذلك فعلاً. في أحد لقاءاته المتلفزة، قال مصدّقاً تلك الفكرة: «أنا أحب كثيراً أن أخرج عن السطر، وأحب كثيراً أن أخلع الجاكيت، ألبسوني إياها رغماً عني من أجل العمل السياسي. أقول لك ولأمتنا، إن مجانين غزة لديهم من المخزون الثوري ما سيوقف كل المؤامرات وكل المتآمرين، ولدينا من الاستعداد للتضحية والفداء، ما لا يمكن أن يتصوره أحد».
في الفترة التي سبقت «طوفان الأقصى»، قادت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مساومة لا مناص منها، حيث ربطت «اللعب في ساحة الضفة الغربية» بقرارها التوجّه إلى تفعيل سياسة الاغتيالات، وكان الثمن المطلوب دفعه لحماية رأسي صالح العاروري ويحيى السنوار على صعيد «حماس»، هو وقف نشاط «كتائب القسام» في الضفة، ووقف التحريض والدعم المالي لخلايا المقاومة هناك. وفي خضمّ الأسئلة الصعبة عن موقف «حماس» من تلك المساومة، كانت المنطقة على موعد مع الطوفان، العملية التي تمثّلت فيها شخصية «السنوار المجنونة»، بكل ما فيها من الحكمة والبساطة ووضوح الهدف والعناد والاستعداد للتضحية، وصفات كبيرة ومتداخلة، تحملها شخصية رئيس المكتب السياسي الجديد. هي بكل تأكيد، نسخة كربونية عن صورة الفلسطيني الذي حَدّد العالمُ المتآمر له، قيودَ الاتزان والعقل، بالخنوع والقبول بفتات الحلول والتخلّي عن الشرف والأرض.
------------
الأخبار / حوراء قبيسي :
هذا ما يمكن أن يذهب في نصف ساعة!
60% من الطاقة التكريرية للنفط و80% من مخزون الحبوب والقمح
تزوّد معامل الشمال 2.5 مليون أسرة إسرائيلية بالتيار الكهربائي
في خطابه أول من أمس، تحدث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن مصانع بقيمة 130 مليار دولار في شمال الكيان استغرق إنشاؤها 34 عاماً، قد «تذهب كلها في نصف ساعة». لذا، فإن السؤال المطروح أمام قيادة العدو: ماذا لو كان ثمن عملية موسعة جنوب الليطاني سيكلف الكيان عنقه؟132 منشأة اقتصادية تقع على عمق مماثل لجنوب الليطاني في المنطقة الشمالية في فلسطين المحتلة تقدر قيمتها بـ 156.4 مليار دولار، ستجعل كلفة الحرب تتجاوز جدواها مهما تعاظمت، مقارنة بحجم الأثمان، وطبيعة تأثيرها الاستراتيجي على الكيان.
لذا، يحق للعدو أن يقع في تشابكات حدود القوة وحدود القدرة عندما يصل الأمر إلى حسم أي قرار ابتدائي بعملية موسعة على لبنان، ليس لأن يده لا تصل إلى الليطاني وما بعده، بل لعجزه عن ترميم ما قد تحدثه ضربات المقاومة من خلل في «حمضه النووي» اللازم لاستمراره الوجودي. إذ يدرك قادة العدو أن الثقل الاقتصادي في الشمال إن اهتز سيهتز معه الكيان كله. فالشركات الكبرى في إسرائيل تتخذ بنسبة كبيرة منها مكاتب ومقار رئيسية لها في الوسط، لكنها تركّز معاملها ومصانعها وخطوط إنتاجها شمالاً، حيث الأراضي أرخص ثمناً، واستغلالاً لمنح الدعم التي تقدمها الحكومة في الشمال، وانخفاض كلفة اليد العاملة مقارنة بمناطق الوسط.
فعلى سبيل المثال، يتركز 60% من الطاقة التكريرية في الكيان في مصافي نفط شركة «بازان» في هذه المنطقة، كما أن ضربة واحدة لأهراءات «داغون»، «المخزن» الأم في إسرائيل، تعني ضرب 80% من مخزون الحبوب والقمح في الكيان (3 ملايين طن). ويمكن العودة هنا إلى عطل طرأ على نظام تفريغ الأهراءات عام 2022 وتسبب حينها بخفض معدّل التفريغ إلى 50%. ورغم تدارك العطل سريعاً، إلا أنه اعتبر تهديداً «يمسّ بالإمدادات الغذائية لإسرائيل، ويقطع الخبز عنها»، وفق تصريح لرئيس اتحاد مستوردي الحبوب إيتاي رون حينها.
سؤال آخر على قادة العدو إيجاد إجابة له: هل هناك آلية للتعامل مع قطع الكهرباء عن 2.5 مليون أسرة إسرائيلية، إذا ما تم ضرب شركة «كهرباء إسرائيل» وشركة Orot Rabin، أكبر محطة للطاقة في إسرائيل، اللتين تقعان ضمن النطاق الجغرافي لأهداف المصانع في المنطقة الشمالية؟
(أ ف ب)
الثقل الاقتصادي في الشمال يشمل أيضاً شركة ISCAR، أكبر الشركات المصنّعة لأدوات قطع المعادن الصلبة والمخارط في العالم، وما يعنيه ذلك من ضرب قطاع الصناعات الثقيلة، وخط التوريد العالمي ومعه سمعة إسرائيل.
ولشركة Plassim كذلك الوزن نفسه من الأهمية. فاستهداف أكبر شركة مصنّعة للأنابيب البلاستيكية للبنية التحتية في إسرائيل سيحدث خللاً في تأهيل وتصنيع إمدادات المياه والصرف الصحي وحتى كابلات الكهرباء والاتصالات وتوزيع الغاز، فضلاً عمّا قد يسببه شلّ خط الإنتاج التصنيعي بضرب أكبر شركة للأنظمة الهيدروليكية في إسرائيل Aizinberg Hydraulics، من تعطيل الماكينات الصناعية في المنشآت الصناعية الكبرى والمحركات الكهربائية والمقطورات، وبالتأكيد ما يدخل في الصناعات العسكرية.
وفي الشمال أيضاً شركة Adom Adom التي تهيمن على 40% من إجمالي سوق اللحوم في إسرائيل، وTnuva، أكبر شركات تصنيع الأغذية التي تسيطر على 70٪ من مبيعات سوق الألبان، ومصنع Barkan، أول وأقدم مصنع للنبيذ، الذي يصدّر 15 مليون زجاجة سنوياً، تمثل حوالي 50% من محصول الكروم... فضلاً عن قطاع الصناعات الكيميائية والورقية والنسيجية، وعن 13 مصنعاً لإنتاج ما تحتاج إليه إسرائيل في تأهيل المنشآت والبنى التحتية وصيانة الأعطال، من تسرّب الأمونيا إلى الرافعات والضواغط، وصولاً إلى السفن والطائرات والمعدات الميكانيكية، ما يضرب قدرة إسرائيل على التعافي السريع ويفشل أيّ محاولات ترميم فورية خلال الحرب لمواصلة خطوط الإنتاج.
وبعيداً عن خزانات الأمونيا في حيفا، واستناداً إلى معطيات قدّمتها «لجنة شابير» التي شكّلتها وزارة حماية البيئة في إطار عملية استخلاص الدروس بعد حرب لبنان الثانية، فإن أيّ ضربة لمصنع ICL Group للصناعات الكيميائية في الشمال قد تتسبب بسقوط 70 ألف ضحية في نطاق 8.2 كيلومترات.
132 منشأة اقتصادية في عمق مماثل لجنوب الليطاني في المنطقة الشمالية تقدر قيمتها بـ 156.4 مليار دولار
في كل الأحوال، إذا كانت «تل أبيب» غير قادرة على تعويض 165.4 مليار دولار - هي ثمن القيم الأصولية للمصانع فقط - تبقى عملية إعادة التأهيل ومنع هجرة المصانع بعيداً عن الشمال أشد ثقلاً.
لا استراتيجية لدى إسرائيل لتبرير جدوى خسارة «الأمان الاقتصادي» لمستوطني الشمال، ولا فكرة لديها كيف ستقنع هؤلاء بأن خسارة مصالح هي بالنسبة إليهم إرث قيمي يمكن تعويضها، وسيكون عليها أن تخوض عملية إعادة تصنيع ثقافية هوياتيّة لمجتمعها الاقتصادي. إذ كيف لمستوطن من الجيل الرابع يدير مصنعاً افتتحه جدّه بماكينة خياطة أتى بها معه من بولندا، أن يستوعب ضياع ما بناه أسلافه؟
--------------
الأخبار: يحيـ ى السنـ وار... همشري ح م ا س الذي أيقظ العالم: تقدم خطوات لم يجروء أحد على السير بها؟ | هذا ما يمكن أن يذهب في نصف ساعة حرب شمال الكيان الإسـ ر ائيلي؟