https://sidonianews.net/article327528 /جبل جليد بين الثنائي والحكومة
صيدونيا نيوز

جريدة صيدونيانيوز.نت / جبل جليد بين الثنائي والحكومة

 

Sidonianews.net

---------------------

الجمهورية / جوني منير

أصبح واضحاً لدى الجميع أنّ لبنان يمرّ في مرحلة حاسمة في تاريخه المعاصر، ستشكّل القاعدة التأسيسية لحقبة جديدة يتمّ بناؤها بالتناغم مع إعادة تكوين الخريطة السياسية الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط. لذلك، من المنطقي أن تشهد المرحلة الحالية كسر القواعد التي كانت قائمة سابقاً، وهو ما تظهّر مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية ووصول رئيس جديد للحكومة.

لذلك، استبق وصول العماد جوزاف عون إلى قصر بعبدا حراك صاخب وولادة قيصرية، كما أحاط وصول شخصية مثيرة للجدل مثل نواف سلام، كثير من اللغط والقطب المخفية. وبات معروفاً أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان قد طلب من وزير الخارجية الفرنسي خلال زيارة الأخير لبيروت في عزّ الحرب ما اعتبره يومها "تطمينات" مقابل انتخاب جوزاف عون رئيساً للجمهورية، وذلك من خلال وساطة فرنسا مع السعودية لإزالة "الفيتو" الموضوع على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وجاء لاحقاً الجواب الفرنسي إيجاباً عبر القول إنّ باريس نجحت في إزالة الإعتراض السعودي، لكن هذه الحكومة الأولى ستكون لمرحلة إنتقالية وستشرف على الإنتخابات وبعدها ستكون هنالك حكومة أخرى برئاسة نواف سلام، وهي التي سيجري منحها المساعدات الدولية والإستثمارات الخليجية المنتظرة. لكن الإستشارات التي كان من المفترض أن تكون "محبوكة" أدّت إلى نتائج مختلفة، ما حدا بالفريق الشيعي إلى القول، وهو في حالة صدمة، إنّه تعرّض لخديعة. وتعدّدت الروايات والتكهنات حول خلفيات "الإنقلاب" الذي حصل.

بداية كانت هنالك الرواية النيابية ومعها تأكيدات سعودية بأنّ ما حصل إنما لم يكن نتيجة توجيه خارجي أو كلمة سرّ سعودية، بل إنّه جاء في إطار اللعبة الداخلية وإثر مراكمة كثير من المعطيات، ما جعل اللعبة تتّجه إلى نتيجة غير محسوبة سلفاً. وبالنسبة إلى هؤلاء فإنّ المزاج الجديد الذي واكب وصول عون إلى قصر بعبدا، أرسى صدمة وأعطى دفعاً معنوياً للذهاب في الإتجاه نفسه. وبالتالي فإنّ ظهور تأييد "الثنائي الشيعي" لميقاتي لعب ضدّ مصلحته. أضف إلى ذلك الأثقال التي حملها ميقاتي جراء الحملات الإعلامية طوال العامين المنصرمين، جعلت من السهولة بمكان خلق واقع واسع معارض له ويعمل على إسقاطه، عبر البحث عن اسم "لمّاع". كذلك فإنّ حال الفوضى التي سادت "جبهة" المعارضة لجهة تسميات مقبولة، دفعت بالبعض إلى الذهاب في اتجاه نواف سلام، وهو ما أدّى إلى كرة ثلج تدحرجت بسرعة ووصلت إلى النتيجة التي ظهرت. لكن "الثنائي الشيعي" متأكّد من أنّ ما حصل هو أبعد بكثير مما يُروى، وأنّ لهذه الخطوة أبعادها ومعانيها السياسية، والتي تصبّ في إطار ترسيخ الإنعطافة الجديدة.

وتتساءل هذه الأوساط كيف يمكن تفسير إقدام سلام على إعلان ترشيح نفسه قبل أن تظهر أي تبدلات داخلية تجاهه، وهو المعروف عنه عدم انزلاقه في اتجاه أمور غير مضمونة، وهذا ما يفسّر إحجامه عن إعلان ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة في المرّة السابقة على رغم من أنّ كثيراً من النواب اعلنوا دعمهم له، وأيضاً عدم انزلاقه في اتجاه ترشيح نفسه للإنتخابات النيابية عن دائرة بيروت وترؤس "لائحة الثورة" وفق ما عُرض عليه يومها.

وتضيف الأوساط نفسها، أنّ من البديهي أن يكون دافع سلام هذه المرّة قرار كبير تمّ تحقيقه لاحقاً. وتعتبر أنّ الهدف هو باستكمال الاستدارة الحاصلة وهو ما أدّى إلى ردّة الفعل الشيعية.

لكن ثمة قراءة ثالثة ومن زاوية أخرى. ذلك أنّ أوساطاً ديبلوماسية مطلعة وعلى رغم من أنّها لا تنفي دخول لبنان في حقبة جديدة عنوانها "إنهاء" المرجعية الإيرانية فيه من خلال "تصفية" كل القواعد التي كانت تُعتمد سابقاً في اللعبة الداخلية، إلّا أنّها تحدثت عن حصول أخطاء ساهمت في اختصار المرحلة الإنتقالية التي كان سيتولاها ميقاتي والذهاب فوراً إلى المرحلة التأسيسية مع سلام.

ووفق مصادر ديبلوماسية مطلعة، فإنّ باريس حين نقلت عرض بري حول "التطمينات" التي يطلبها الثنائي الشيعي من خلال عودة ميقاتي، اجتهدت خطأ في الجواب السعودي. فيومها اكتفى المسؤولون السعوديون بالصمت رداً على ما نقله الفرنسيون. وفسّرت باريس الموقف إيجاباً وعلى قاعدة أنّ "السكوت علامة الرضى". لكن الحقيقة لم تكن كذلك تماماً، وهنا تمّ ارتكاب الخطأ الأول. أضف إلى ذلك، أنّ الرياض ربما تكون مرتابة من "تشويش" إن على مستوى التركيبة الوزارية أو على مستوى العبارات التي ستُستخدم في البيان الوزاري، وحيث بات لميقاتي ووزرائه خبرة لا بأس بها تسمح له بالتعاون مع بري على حياكة القطب المخفية ببراعة، في وقت سيتعذر على الفريق الجديد اكتشافها بسهولة أو ربما بعد فوات الأوان.

لكن ثمة ملاحظة تؤشر إلى أنّ "كلمة السرّ" في حال صح وجودها، جاءت متأخّرة جداً، ما جعل بعض النواب يبدأون بالتسمية من دون معرفة وجهة الريح. والتفسير هنا، أنّه في هذه الحالة فإنّ القرار اتُخذ على عجل ولم يكن محضّراً مسبقاً. واستتباعاً لا بدّ من السؤال عن الخطأ الثاني الذي أدّى إلى المفاجأة المدوّية. وساد همس في بعض الأروقة أنّها قد تكون الزيارة التي قام بها ميقاتي إلى دمشق، وقد لا تكون الزيارة في حدّ ذاتها تشكّل حركة نافرة بمقدار طريقة حصولها. ذلك أنّه تردّد أنّ الزيارة تمّت عن طريق الرئيس التركي أردوغان، في وقت تقدّمت فيه السعودية باتجاه دمشق وفي حركة مستقلة ومنفصلة عن تركيا الساعية إلى ترسيخ نفوذها الواسع في سوريا.

وعلى رغم من أنّ هذه الزيارة لم تثمر قرارات مهمّة، لا على مستوى الغاز ولا ترسيم الحدود ولا جرّ الكهرباء إلى لبنان عبر سوريا، إلّا أنّها قد تكون أثارت بعض الحساسية في وقت يتمّ ترسيخ خطوط النفوذ في الخريطة الجديدة.

لكن، ما كُتب قد كُتب. والسؤال الآن هو حول طريقة احتواء الوضع الداخلي، ومع انطلاقة عهد واعد يحتاج إليه لبنان واللبنانيون لإعادة لملمة حطام دولتهم ومؤسساتهم؟

في الواقع، ثمة نقاش واسع يدور داخل الدائرة الشيعية حول طريقة التعاطي مع مسلسل "النكسات" الذي يتعرّض له "الثنائي الشيعي". فهنالك وجهة نظر تقول إنّ الواقعية تفرض الذهاب إلى عقد تفاهم سياسي وفق المعطيات والظروف التي استُجدت، وذلك لتدارك أي أثمان إضافية قد تُدفع لاحقاً. فالمعادلة العريضة في المنطقة تغيّرت، وليس المعادلة اللبنانية فقط. والسند الإقليمي، أي إيران، تعاني وتستعد لمرحلة ترامب. لا بل هي تنادي وعلى لسان رئيسها بالسلام، وبأنّها لا تريد مزيداً من الحروب. كذلك وفي السياق نفسه، فإنّ غزة التي عانت حرباً هستيرية قضت على الأخضر واليابس، تستعد لإعلان لوقف إطلاق نار طال انتظاره، ما يعني أنّ الظروف تسووية لا تصادمية. ولا بدّ من أخذ العَِبر من مرحلة مشابهة على المسيحيين في العام 1990 حين خرجوا خاسرين من الحرب واستكملوا خسارتهم العسكرية بخسائر سياسية عندما قاطعوا الدولة ومؤسساتها، ما فتح الباب أمام خروجهم من مؤسسات الدولة، وهو ما شكّل ضربة كبيرة لهم يومها. واستطراداً فإنّ التجربة المسيحية تدفع بنا إلى عدم الذهاب إلى الخيار السلبي ومقاطعة الحكومة، خصوصاً أنّ ملف "الشغب" ميدانياً وبكافة أشكاله لم يعد متوافراً كونه يصبح انتحاراً كاملاً في الظروف الحالية. أضف إلى ذلك أنّ الإدارات الرسمية شاغرة وهنالك مئات المواقع التي لا يجوز تركها لفريق شيعي جديد يستعد ليتكوّن.

لكن الرأي الآخر ولو أنّه يقرّ بعدد من النقاط التي وردت، يرى أنّ الوضع قد يكون في حاجة إلى صدمة قد تكون هي السبيل الوحيد لوقف مسلسل التراجعات. وبالتالي فإنّ عدم المشاركة في الحكومة سيجعل الحكومة عرجاء وفي الوقت نفسه سيعزز الموقع المعنوي لـ"الثنائي الشيعي"، ليس فقط على مستوى الشارع الشيعي بل ربما أيضاً على المستوى الوطني. ذلك أنّ المعروف هو أنّ المعارضة تستقطِب شعبياً، والإنتخابات النيابية على الأبواب. وبالتالي فإنّ من الأفضل العودة بعد الإنتخابات مع "سكور" مرتفع ويكون العهد قد دفع من رصيده واستنفد بعض زخمه، ما يجعل الظروف أفضل وقادرة على تعويض الخسائر التي حصلت.

ويبدو أنّ بري يميل إلى الخيار الثاني على رغم من الأصوات المحيطة به، وعلى أساس أنّه تعرّض لخديعة لا يمكنه إمرارها.

-----------------------------

جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / جبل جليد بين الثنائي والحكومة

 

 

 

 

 

 


www.Sidonianews.Net

Owner & Administrator & Editor-in-Chief: Ghassan Zaatari

Saida- Lebanon – Barbeer Bldg-4th floor - P.O.Box: 406 Saida

Mobile: +961 3 226013 – Phone Office: +961 7 726007

Email: zaatari.ghassan@gmail.com - zaataripress@yahoo.com

https://sidonianews.net/article327528 /جبل جليد بين الثنائي والحكومة