https://sidonianews.net/article328408 /أي حزب للمرحلة المقبلة؟
صيدونيا نيوز

جريدة صيدونيانيوز.نت / أي حزب للمرحلة المقبلة؟

 

Sidonianews.net

-----------------------

الجمهورية / جوني منير

السؤال الأبرز كان وسيظل حول مستقبل «حزب الله» بعد الضربات القاسية التي تعرّض لها وأصابته في الصميم، وأدّت الى الإجهاز على معظم طاقمه القيادي، وخصوصاً القضاء على رمزه التاريخي، وأيضاً بعد التطورات الهائلة التي حصلت في سوريا وجعلت تواصله مع إيران أو الجهة التي يتنفس من خلالها صعباً جداً وشائكاً.

حتى الآن لا يزال «حزب الله» يتصرّف وكأنّ الحرب ما زالت قائمة. فأمينه العام الشيخ نعيم قاسم يبقى غائباً عن الأنظار حتى عن مناسبة تشييع الرمز التاريخي السيد حسن نصرالله. وكذلك مَن تبقّى من القيادتين العسكرية والأمنية للحزب. وهو ما يدفع إلى الاعتقاد بأنّ وراء ذلك الخشية من قيام إسرائيل بالاستمرار في عمليات الإغتيال بواسطة طائرات «الدرونز» التي لا تغيب أبداً عن الأجواء اللبنانية. وحتى القيادات السياسية والنيابية والتنظيمية للحزب تمارس نشاطها اليومي من منازلها. فالمكاتب والمقار الحزبية دُمّرت. أما الأماكن السرّية فبقيت على سرّيتها. لا بل إنّ وسائل التواصل بينها بدائية، أي من دون استخدام الهاتف على أنواعه، بل عبر إيصال الرسائل من خلال رسول. واللقاءات أو الاجتماعات تحصل في أماكن متفرقة ومتنوعة ومتنقلة.

لكن ثمة توجّه إلى البدء بالتكيّف مع الظروف الحالية والتحضير لورشة إعادة التنظيم وفق المعطيات الحالية وعلى أساس الصيغة المستقبلية لـ«حزب الله».

ولا شك في أنّ خطاب قاسم في تشييع نصرالله وصفي الدين والذي حمل عناوين لافتة وجديدة كان قد استحوذ على درس مشبع، والانطباع الغالب أنّ طهران لم تكن بعيدة من هندسته. لكن هل يمكن الإستنتاج من خلاله أنّ زمن التركيبة العسكرية لـ»حزب الله» قد وضِع جانباً؟ لا شك في أنّ من المبكر الذهاب إلى استنتاجات قد تكون متسرّعة.

عندما نجحت إسرائيل في اغتيال القائد الرمز ومن ثم خليفته ومعهما قيادات وازنة وكبيرة، سارعت طهران إلى تأمين البديل أي الشيخ نعيم قاسم الذي رفض الانتقال الى طهران عبر الطريق البري الذي كان لا يزال مفتوحاً. يومها ساد الكلام عن أنّ تعيين قاسم موقت في انتظار انتهاء الحرب والذهاب إلى تعيينات جديدة. ذلك أنّ قاسم وعلى رغم من موقعه كنائب للأمين العام لم يكن يحظى بشعبية داخل صفوف الحزب لا بل العكس. لكن مع ثباته طوال فترة الحرب وفي لبنان، وأيضاً تفاعله وتفاهمه مع القيادة الإيرانية، أضحى التوجّه أنّه يلائم جداً المرحلة المقبلة. ما يعني أنّه سيبقى ثابتاً في موقعه على رأس الحزب طوال المرحلة المقبلة. إلّا أنّ تركيبة «حزب الله» واسعة وكبيرة، وكثير من المواقع فرغ، وهو ما يستدعي إجراء ورشة تنظيمية. لكن الجسم الجديد للحزب يجب أن يتوافق مع مهمّاته الجديدة للحزب. وبالتالي يصبح السؤال: أي «حزب الله» نريد؟

ذلك أنّ المهمّة الكبيرة التي تولاها الحزب أيام السيد نصرالله بقيادة محور المقاومة انتهت. والضاحية الجنوبية لبيروت التي لعبت دور غرفة عمليات ساحات المنطقة، انتهت بسبب نتائج الحرب. كذلك فإنّ التركيبة العسكرية التي كانت بحجم جيش كامل وكانت خططها تلحظ اجتياز الحدود والوصول إلى الجليل الأعلى لم تعد قائمة بالمعنى الفعلي للكلمة. فحتى الأنفاق التي بُنيت على هذا الأساس وعُرفت بالأنفاق الهجومية تمّ تدميرها. وإعادة حفرها لم تعد بالأمر اليسير في ظل الظروف الحالية. ولكن هل هذا يعني أنّ «حزب الله» أدار ظهره لكل هذا المشروع؟ غالب الظن أنّ ورشة إعادة التنظيم، والتي ستحدّد الجسم الجديد للحزب ستشكّل الجواب المطلوب.

على رغم من ذلك، فإنّ الإشارات المتعددة الصادرة من الضاحية الجنوبية ومن طهران على حدّ سواء لا تُظهر أنّ «حزب الله» سيتخلّى عن عمله العسكري، والذي يشكّل مطلباً أممياً. وإذا كان مشروع إعادة بناء الجسم العسكري الضخم السابق بات صعباً جداً، فإنّ العودة إلى مراحل التسعينات يصبح الهدف المنشود. أي العودة الى المجموعات السرّية والتي تعمل تحت الأرض والمترابطة وفق تركيبة خاصة.

ومعها يمكن الإستنتاج أنّ المهمّات في مواجهة إسرائيل تصبح بصيغة دفاعية لا هجومية. ولكن هذا سيتطلّب وقتاً لا بأس به، مع السعي للحصول على أسلحة خفيفة ومتوسطة. وربما على طريقة غزة قد يكون هنالك من يراهن على «تسرّب» أسلحة عبر سوريا بطرق مختلفة. فالتهريب مهنة قديمة وشائعة لها أربابها وتمتهنها عشائر وعائلات موجودة عند الحدود. والأوضاع في سوريا لا تزال غير مضبوطة. فهنالك مجموعات متعددة وغير منسجمة في كثير من الأحيان. ومن بينها مجموعات إسلامية تتأثر بحركة «حماس» التي تلقّت مساعدات كثيرة من «حزب الله». كذلك هنالك الحاجة المالية التي جعلت على سبيل المثال ضباطاً في الجيش السوري السابق يقومون ببيع بعض المعدات والأسلحة والذخائر بعد سقوط النظام لقاء بدل مادي والمساعدة في تهريبها إلى البقاع. لكن هذه الكميات تبقى محدودة. وجاء استهداف الطائرات الإسرائيلية لكوادر من «حزب الله» في الهرمل لتعزز هذه الرواية.

ولأنّ «حزب الله» في حاجة لفترة من الوقت لإعادة تنظيم نفسه كان التوجّه إلى انتهاج سياسة علنية مفادها إعطاء السلطة اللبنانية «فترة سماح» حول طريقة تعاملها مع الإعتداءات الإسرائيلية المستمرة وخروقها المتكرّرة لقرار وقف النار. وغالب الظن أنّ «حزب الله» قد يجد في الإستحقاق النيابي المقبل موعداً مؤآتياً لاستعادة حضوره السابق، خصوصاً وأنّه سيكون قد ترجم قوته الشعبية بكتلة نيابية كبيرة ومتنوعة إلى جانب حركة «أمل». وهنا من المنطقي الإعتقاد بأنّ سلوكه مع تشكيل الحكومة المقبلة سيكون مختلفاً. وغالب الظن أيضاً أنّ أولى المطالب ستكون إعادة فتح المجال الجوي المباشر مع طهران.

وصحيح أنّ لـ«حزب الله» وإيران دفتر حساب في لبنان لم يُقفل بعد، إلّا أنّ هنالك حسابات المحور الذي يخاصمهما، والذي يريد بقوة عدم العودة إلى الوراء بأي ثمن. وبتعبير أوضح عدم السماح لإيران باستعادة موقعها على شاطئ البحر المتوسط، وهذا الفريق يمسك بأوراقه. فعدا انقطاع التواصل البري هنالك المعايير الجوية الجديدة والرقابة البحرية الصارمة. إضافة إلى الإستمرار في ضبط التمويل الكبير والذي يسمح بالتقاط أنفاس الحزب. والأهم الملف الذي يشكّل الوجع الأكبر وهو ملف إعادة الإعمار. صحيح أنّ رواتب «حزب الله» لا تزال مؤمّنة، وأيضاً قسم من التعويضات، إلّا أنّ ملف الإعمار يحتاج لأموال ضخمة لا تبدو متيّسرة حتى الساعة. ومن السذاجة الإعتقاد ولو للحظة واحدة بأنّ دول الخليج ستؤمّن هذه المبالغ من دون ضمانات سياسية وأمنية، خصوصاً أنّها تدرك ثقل هذا الملف على بيئة «حزب الله».

كما أنّ هنالك استحقاقات تنتظر إيران من الآن وحتى الصيف المقبل والمتعلقة بالبرنامج النووي، وهو سيتطلّب إما تسوية مع بنود صارمة أو مواجهة. وفي كلا الحالتين فإنّ «حزب الله» سيتأثر.

وثمة جانب إقليمي غامض قد يجعل «حزب الله» يتمسك بالعودة الأمنية ولكن «تحت الأرض». فما يجري في سوريا يشي بالذهاب إلى مشروع تفتيت سوريا إلى كيانات طائفية. وهو ما يعني استعادة النظريات السابقة والتي تحدثت عن إلغاء حدود «سايكس بيكو» لمصلحة دويلات طائفية صغيرة وفقيرة ومتناحرة. وفي حال صحّت هذه المخاوف، فهذا سيعني أنّها ستصيب الجغرافيا اللبنانية أيضاً. وبيئة «حزب الله» تبدو مشتتة جغرافياً بين الجنوب وخط تماسه مع إسرائيل، والبقاع الشمالي وخط تماسه الجديد مع القوات السورية المتنازع معها عقائدياً. وفي هذه الحالة سيفكر في طريقة التواصل مع «دويلة» الساحل السوري عبر حمص.

وإذا كانت هذه الصورة هي التي ستخيّم على المستقبل، عندها يمكن وضع تفسير آخر لكل الترتيبات الجارية حالياً.

---------------------------

جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / أي حزب للمرحلة المقبلة؟

 

 


www.Sidonianews.Net

Owner & Administrator & Editor-in-Chief: Ghassan Zaatari

Saida- Lebanon – Barbeer Bldg-4th floor - P.O.Box: 406 Saida

Mobile: +961 3 226013 – Phone Office: +961 7 726007

Email: zaatari.ghassan@gmail.com - zaataripress@yahoo.com

https://sidonianews.net/article328408 /أي حزب للمرحلة المقبلة؟