https://sidonianews.net/article329442 /أغلى تأشيرة دخول في العالم
صيدونيا نيوز

جريدة صيدونيانيوز.نت / أغلى تأشيرة دخول في العالم

 

Sidoianews.net

---------------------

الجمهورية

أنطوان منسى رئيس تجمّع رجال الأعمال اللبنانيين الفرنسيين

شهدت الأشهر الأولى من عام 2025 ولادة أمل كبير في لبنان، مع نجاحه في انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة عمل في أعقاب ذلك. فتوجّهت أنظار اللبنانيِّين والعالم نحو القرارات والإصلاحات الجوهرية التي سيكون على رئيس الجمهورية اللبنانية، السيد جوزاف عون، ورئيس حكومته، السيد نواف سلام، اتخاذها خلال ولايتهما، بهدف انتشال البلاد من قبضة طبقة سياسية أهدرت ثرواته وموارده التشغيلية. غير أنّ النوايا الطيّبة، مهما بلغت جودتها، لم تَعُد كافية وحدها لإعادة لبنان إلى سكة التعافي، بالنظر إلى ضخامة التحدّيات وضغط المرحلة. ولذا، لا بُدّ من أن تقترن هذه النوايا بالشجاعة والحزم السياسي.

مع ذلك، ينبغي أن ترافق نظرتنا هذه إلى بداية العهد الجديد الحكمة والموضوعية. فهل يجوز لنا اليوم، أن نطالب رئيس الجمهورية والحكومة - اللذَين لم يتسلّما مهامهما سوى منذ 8 شباط 2025 - باستخدام «عصا سحرية»، لتصحيح جميع الأوضاع دفعةً واحدة بعد عقود من الفراغات الدستورية المتكرّرة؟ الجواب البديهي هو: لا.

لذلك، سيكون من الجحود أن نتغافل، على سبيل المثال، عن سلسلة التعيينات التي أُقرّت بسرعة قياسية، وعن التدابير التي نُفِّذت خلال أقل من 50 يوماً من تسلّم السلطة، في ما يتعلّق بإدارة الدفاع الوطني وأمن الحدود. كما تُثبت الإجراءات التي اتخذها الجيش اللبناني، وإن كانت لا تزال غير مكتملة، مدى التزامه بالحفاظ على وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701. وينطبق الأمر عينه على الجهود الحثيثة التي تبذلها السلطات المالية والاقتصادية لإصلاح البلاد، إعادة هيكلة القطاع المصرفي، وإنقاذ النظام المالي.

لكنّ المراقب الدقيق يلاحظ أنّ هذه العجلة في اتخاذ القرارات بدأت تُثير الشكوك بشأن الخيارات المنتظرة من قِبل السلطات في ما يتعلق بمشكلة تعود إلى زمن بعيد. فهل السبب هو نقص في التواصل؟ أم محاولة لإشباع جوع اللبنانيِّين إلى حلول سريعة؟ أم ربما الانصياع إلى ضغوط المجتمع الدولي؟ لا شيء من ذلك مستبعد. غير أنّ دروس الماضي تُحتّم علينا التحلّي بالحذر. ولا بأس من تذكير مَن نسيَ أو تناسى، أنّ التسرّع كاد أن يُدخل البلاد في الإفلاس خلال العقد الماضي.

وفي هذا السياق الحساس، تنعقد جلسات صندوق النقد الدولي لربيع 2025، من 21 إلى 25 نيسان، في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة. وتشارك في الجلسات وفود دولية عديدة، من بينها الوفد اللبناني الذي توجّه إلى هناك بهدف رئيسي، وهو إثبات الجدّية في سلوك طريق الإصلاحات. كما سيبدأ الوفد قريباً مفاوضات تهدف إلى الحصول على قرض تتراوح قيمته بين 2 و4 مليارات دولار أميركي.

بطبيعة الحال، فإنّ منح هذا القرض مشروط بموافقة صندوق النقد الدولي على خطة الإصلاح التي أقرّها لبنان، ما يمنحه لاحقاً نوعاً من المصداقية التي قد تفتح له أبواب تمويل أخرى. غير أنّ النتيجة تبقى ديوناً تُضاف إلى الديون. مع الأسف، هذا هو الثمن الضروري للدخول إلى أسواق الاقتراض الدولية. بمعنى آخر، إنّها «تأشيرة حسن سلوك» تُمنح للبنان، لكنّها في واقع الأمر أغلى تأشيرة دخول في العالم.

لكن هذه الإجراءات لا تخلو من كلفة باهظة ومعاناة. ويمكننا أن نتأمّل للحظة في النتائج الكارثية التي لحقت ببلدان مثل اليونان، قبرص، الأرجنتين، ودول أخرى من العالم الثالث، نتيجة الانصياع لشروط صندوق النقد. فالوصفات التي يفرضها هذا الأخير بالغة الصرامة، وتحمل في طيّاتها خطر عدم إعادة الودائع لأصحابها. بعبارة أخرى، لا يُعطي الصندوق الأولوية لإعادة إطلاق الاقتصاد، بل لضمان قدرة لبنان على تسديد ديونه في الوقت المحدّد.

لذلك، يتوجّب علينا مقاربة الوضع الاقتصادي بروح من الحكمة والواقعية. ويمكننا، مثلاً، أن نستفيد من النموذج الفرنسي بعد كارثة حريق كاتدرائية نوتردام في باريس. ألا يمكننا أن نستلهم من تلك التجربة؟

هناك حلول متاحة، يكفي فقط تنفيذها. على سبيل المثال، نُذكّر هنا بالمبادرة التي أطلقها المرحوم «دون خوسيه عبيد» في المكسيك، والذي خلفني آنذاك على رأس المجلس الاقتصادي العالمي التابع للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم (WLCU)، إذ اقترح إطلاق حملة تبرّعات دولية تستهدف التسعة ملايين لبناني المنتشرين حول العالم، تحت شعار: «دولار واحد يومياً من كل مغترب للبنان».

لو أمّنا الشفافية اللازمة لإدارة الأموال، لكانت هذه المبادرة لا تزال قابلة للتطبيق، بل وكانت لتمنح الحكومة الحالية رافعة مالية لا يُستهان بها.

من جهة أخرى، تنصّ المادة 113 من قانون النقد والتسليف على وجوب قيام الدولة بسداد ديونها تجاه مصرف لبنان، كما حصل في أستراليا وسويسرا. ومن غير المقبول، بل ومن الخطير، تحميل المودعين تبعات هذه الديون، لا سيما أنّ الجميع بات يعلم أنّ بعض السياسيِّين ومَن يدور في فلكهم استغلوا الأزمة المالية لتحقيق مصالح شخصية، على حساب أموال الناس.

وفي هذا السياق المؤسف، فإنّ الدولة مطالبة أولاً، وبشكل عاجل، بتنظيف مؤسساتها من الجهات التي استنزفت المال العام بصورة غير شرعية، وإجراء تقييم مهني شفاف لأصولها: احتياطي الذهب في مصرف لبنان (الذي يقدّر اليوم بـ30 مليار دولار تقريباً)، الأملاك العقارية، مؤسسة الكهرباء، قطاع الاتصالات، المطار، المرفأ، النقل، معرض طرابلس، السياحة، وغيرها...

بالتوازي، من الضروري أن تفعّل الدولة مشروع الشراكة بين القطاعَين العام والخاص (PPP)، الذي سبق أن أُقرّ بقانون صادر عن المجلس النيابي. ومن شأن تفعيل هذا المشروع، أن يُتيح استخدام جزء صغير من الأرباح لسداد جميع الودائع، من دون استثناء، ممّا يُعيد بناء «رأسمال الثقة» الذي لا يمكن للاقتصاد أن ينهض من دونه.

لبنان ليس دولة فقيرة. إنّه غني بالموارد والفرص. ولا حاجة بنا إلى الاستمرار في دوامة الديون. المطلوب اليوم رؤية مستقبلية ترتكز إلى الولاء الوطني الحقيقي والالتزام بحقوق المودعين. قد يبدو «أغلى تأشيرة في العالم» إنجازاً مرحلياً، لكنّه سيكون عبئاً ثقيلاً في المستقبل. فلنمنح الثقة للفريق الحاكم في إدارة هذا الملف الشائك.

ولنمنح الثقة بالله، بالحياة، بالقيادات الجديدة، وبالطاقة البشرية التي يزخر بها لبنان. عندها فقط، قد لا نحتاج أصلاً إلى الحصول على أغلى تأشيرة دخول في العالم.

------------------------------

جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / أغلى تأشيرة دخول في العالم


www.Sidonianews.Net

Owner & Administrator & Editor-in-Chief: Ghassan Zaatari

Saida- Lebanon – Barbeer Bldg-4th floor - P.O.Box: 406 Saida

Mobile: +961 3 226013 – Phone Office: +961 7 726007

Email: zaatari.ghassan@gmail.com - zaataripress@yahoo.com

https://sidonianews.net/article329442 /أغلى تأشيرة دخول في العالم