https://sidonianews.net/article329443 /الحزب والخصوم ولعبة الأوراق المستورة
صيدونيا نيوز

جريدة صيدونيانيوز.نت / الحزب والخصوم ولعبة الأوراق المستورة

 

Sidonianews.net

--------------------

الجمهورية  / طوني عيسى

على رغم من الكوارث التي دمّرت البلد، لا يتخلّى السياسيون اللبنانيون، في غالبيتهم، عن اتّباع «الطريقة اللبنانية» المعروفة، وهي تقتضي إجمالاً اعتماد «الوجهين واللسانين». ووفق هذه القاعدة، هم يتعاطون اليوم مع المسألة الأكثر سخونة، أي سلاح «حزب الله»، إذ تدور مسرحية يخبئ فيها الأبطال أهدافهم الحقيقية.

لا يريد أي طرف أن يحرق أصابعه بكشف أوراقه الحقيقية في مسألة السلاح ومستقبل «حزب الله» وعلاقته بالدولة. ففي اعتقاد الجميع أنّ البلد «لا يتحمّل» الوضوح والصراحة، لأنّهما ربما يقودان إلى مواجهة داخلية مباشرة لطالما حاولوا تجنّبها.

فالهدف الحقيقي الذي يعمل له «حزب الله» لا يحتاج إلى تحليل. إنّه استعادة عناصر قوته كاملة كما كانت قبل حرب تشرين الأول 2023 التي حولتها إسرائيل حرباً واسعة ومدمّرة بكل معاني الكلمة، في أيلول 2024. وهذا يعني أنّ «الحزب» الذي تطالبه إسرائيل والولايات المتحدة وخصومه في الداخل والدولة اللبنانية بتسليم السلاح والتحول حزباً سياسياً مساوياً للأحزاب الأخرى في الحقوق والواجبات، يتحرّك في العمق في اتجاه معاكس، ويرغب في ترميم ترسانته التي تعرّضت للتدمير جزئياً واستعادة هيكليته التنظيمية وقدراته داخل مؤسسات الدولة وخارجها.

وليس مفترضاً أن يستغرب أحد حقيقة موقف «الحزب» الذي احتفظ لنفسه بحجم استثنائي على الساحة منذ العام 1982. فبديهي أن يرسم الخطط ويبذل كل جهد للدفاع عن قدراته ووجوده، في مرحلة يتقرّر فيها مستقبله: يكون أو لا يكون، ومعه يتقرّر إذا كانت الثورة الإيرانية ستحتفظ بنفوذها الإقليمي على شاطئ المتوسط وعلى حدود إسرائيل.

وبعيداً من التحليلات التي يجري تداولها، والتي لا تستند إلى مرتكزات واقعية، فإنّ «الحزب» لا يرغب في التخلّي عن سلاحه، وفق ما يشتهي أعداء الخارج وخصوم الداخل. ويعتقد بعض الخبراء أنّ الحال الوحيدة التي يوافق فيها «الحزب» على ذلك هي أن يستتب له النفوذ داخل الدولة، بحيث يضع سلاحه «في أيدٍ أمينة»، أي أن «يسلّمه إلى نفسه» تقريباً، فيبقى له، ويكتسب الشرعية.

لذلك، يجب التعمّق في قراءة المواقف التي بدأت قيادة «الحزب» وكوادره يطلقونها أخيراً، وتضع شروطاً وآليات قاسية وطويلة وشبه مستحيلة للتوصل إلى تسوية حول السلاح. فهم يقولون إنّ قبولهم بفكرة الجلوس إلى طاولة حوار مع رئيس الجمهورية حول هذا الملف يستدعي أولاً أن تضمن الدولة انسحاب إسرائيل كلياً من لبنان ووقف عملياتها العسكرية تماماً وإعادة إعمار البلدات المدمّرة ليرجع الأهالي إليها، وإعادة الأسرى وضمان إبعاد أي خطر إسرائيلي مستقبلاً. ويعرف الجميع أنّ تحقيق هذه الشروط صعب جداً، لأنّ إسرائيل تعتبر نفسها حتى اليوم في موقع القوة، والممسك بزمام المبادرة، لأنّها مدعومة باتفاق لوقف النار يرجح لمصلحتها، وتحظى فيه بدعم أميركي. وتعني هذه الوقائع أنّ الحوار حول السلاح ليس في وارد الانطلاق جدّياً في المدى المنظور.

ولكن، حتى ولو قرّر «الحزب» تجاوز الاعتبارات الإسرائيلية والانخراط في حوار حول السلاح مع رئيس الجمهورية، بدعم من رئيسي المجلس والحكومة، فإنّ هذا الحوار سيبقى شكلياً ومحدود النتائج. فلا «الحزب» سيسلّم أوراق قوته مجاناً في ظل المعطيات السائدة، ولا الدولة ستمارس ضغطاً استثنائياً عليه في ملف السلاح، لأنّها ستتجنّب دائماً أي صدمة داخلية محتملة.

ويجدر التذكير بأنّ أركان الحكم يمارسون من جهتهم لعبة الأوراق المستورة، لأنّها الوحيدة المتاحة لهم، بين الضغط الأميركي الهائل ورفض «حزب الله» القاطع. فهؤلاء قطعوا وعداً للأميركيين بأنّهم سيحصرون السلاح بيد الدولة، لكنهم في الواقع يتركون لـ»الحزب» هامش الموافقة على التسوية التي تريحه من دون ضغوط، وفي الوقت الذي يريده. ويبرر أهل الحكم هذا المنطق بالقول: «لنكن واقعيين، وعلينا أَلّا نستعجل الأمور قبل أوانها. فالتطورات والتحولات الإقليمية والدولية هي التي تتحكّم بمستقبل السلاح، لأنّه جزء من توازنات القوى الإقليمية. والحكمة تقتضي أن ندرس الخطى الداخلية، فتأتي التسويات عندنا في أوانها المناسب».

ويعني تريث أهل الحكم، في موازاة تمهل «الحزب» وحذره الشديد، أنّ فكرة نزع السلاح أو حصره بيد الدولة، ستبقى مجرد عنوان، إلّا إذا طرأ تحول إقليمي أو دولي يبدّل المعطيات ويسهّل الحسم.

وثمة عنصران إقليميان يمكن أن تكون لهما تأثيرات على هذا الملف:

1- تبلور نتائج المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية، ما قد ينعكس إيجاباً أو سلباً على وضع «الحزب»، أي إما أن يمنحه القدرة على استعادة بعض خسائره، أو أن يحرمه من مكتسبات ما زال يحتفظ بها.

2- أن تنفذ إسرائيل خطوات عسكرية جديدة في الجنوب، كأن تستأنف الحرب الواسعة أو تحرك قواتها شمالاً وربما حتى الليطاني، وفق التهديدات التي أطلقها مسؤولوها مراراً.

فإسرائيل من جهتها تمارس لعبة الأوراق المستورة، ولا أحد يعرف ما الذي تبيته فعلاً للبنان وسوريا وغزة والضفة الغربية والأردن ومصر في هذه المرحلة. ومثلها إدارة دونالد ترامب التي تلعب مع إيران على حبال التهديد والإغراءات في وقت واحد. وهذا الاضطراب يدفع المعنيين جميعاً بملف السلاح إلى رفع السقوف أو خفضها عشوائياً، إلى أن تتضح الصورة النهائية، و«يقضي الله أمراً كان مفعولاً».

------------------------

جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / الحزب والخصوم ولعبة الأوراق المستورة

 

 

 


www.Sidonianews.Net

Owner & Administrator & Editor-in-Chief: Ghassan Zaatari

Saida- Lebanon – Barbeer Bldg-4th floor - P.O.Box: 406 Saida

Mobile: +961 3 226013 – Phone Office: +961 7 726007

Email: zaatari.ghassan@gmail.com - zaataripress@yahoo.com

https://sidonianews.net/article329443 /الحزب والخصوم ولعبة الأوراق المستورة