https://sidonianews.net/article332487 /عون والسلاح واللغز: السمكة ستصل!
صيدونيا نيوز

جريدة صيدونيانيوز.نت / عون والسلاح واللغز: السمكة ستصل!

 

Sidonianews.net

---------------------

الجمهورية  / طوني عيسى

في العلن، يبدو الخلاف عميقاً بين ركني السلطة التنفيذية، جوزاف عون ونواف سلام، حول طريقة التعاطي مع «حزب الله» وسلاحه. وفي صريح العبارة، بدا عون للبعض وكأنّه «تراجع» عن خطاب القَسَم والوعد بحصر السلاح ودولة المؤسسات، وعاد إلى «ممارسات» الدولة القديمة، فيما «يقاتل» سلام وحيداً، دفاعاً عن الدولة والقانون والمبادئ. لكن بعض المطلعين ينظرون إلى هذه المسألة الشائكة من زاوية مختلفة.

منذ شهر تماماً، توقّف الناس عن التصفيق لعون وسلام اللذين كانا قد اتخذا قرارات جريئة في 5 و7 آب. ففي 5 أيلول، بدأت الخيبة تغزوهم عندما جاءت قرارات مجلس الوزراء فضفاضة متناقضة وتقول كل شيء في آن واحد. وكثيرون وصفوا هذه القرارات بـ«الفضيحة». وعبّر عدد من القوى السياسية في الداخل ومن الدول المعنية بالوضع اللبناني، عن الخيبة. وقبل أيام، وفيما الجميع ينتظر ما سيقوله الجيش في تقرير الشهر الأول عن السلاح، جاءت حكاية الروشة لتثير مزيداً من الشكوك في جدّية الدولة. وفي الخلاصة، كثيرٌ من الذين راهنوا على أنّ عون سيلتزم خطاب القَسَم وسيعمل على حصر السلاح بالجيش دون سواه، وجدوا أنّه منح الأعذار لـ«حزب الله» في «التراخي وتَحدّي» الدولة، من مسألة السلاح الذي سيدافع عنه «الحزب» «كربلائياً» كما قال أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، إلى أضواء الروشة، ثم أطلق حواراً مع الرئيس نبيه بري و«الحزب»، يبدو وكأنّه يُعمّق عزلة سلام السياسية. وفي هذا المناخ، بدت جبهة السلطة التنفيذية الجديدة، التي عُقد عليها الرهان لبناء الدولة، وكأنّها تتفكّك، بسبب اختيار عون أن يتموضع في متراس قريب من «الحزب».

هذا الكلام يسمعه عون كثيراً هذه الأيام، بل وصل إلى مسامعه وهو في نيويورك يشارك في اجتماعات الأمم المتحدة، ويعقد لقاءات على هامشها، أبرزها مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو المعروف بمواقفه المتشدّدة في مسألة سلاح «حزب الله» ودوره في لبنان. واللافت أنّ روبيو أبدى موقفاً إيجابياً تجاه النهج الذي تسلكه حكومة لبنان في ملف السلاح، خلافاً للموقف البالغ التطرّف والقسوة الذي أظهره الموفد الأميركي توم برّاك قبل أيام ضدّ لبنان الرسمي، إذ حمّله المسؤولية كاملة عن تعثر تنفيذ اتفاق وقف النار، وأظهر انحيازاً جلياً إلى جانب الإسرائيليين. وهو ما يثير المخاوف من استغلال إسرائيل هذا الموقف لتتوسع في تنفيذ ضرباتها وتتشبث برفضها الخروج من المناطق التي ما زالت تتمركز فيها.

المطلعون على موقف عون يرفضون تماماً اتهامه بالتراخي على حساب الدولة، ويقولون إنّ الأحكام التي يطلقونها غير مبنية على أساس منطقي، بل هي مجرد تخمينات، وتستند إلى مخاوف قديمة من عودة عقارب الساعة إلى الوراء في لبنان، أي العودة إلى معادلة تكون فيها الدولة ومؤسساتها ضعيفة وعاجزة. لكن هذه المخاوف، كما يقول هؤلاء، لا تستند إلى أي أساس. ومسار الدولة الذي انطلق لن يوقفه شيء أو أحد. وفي هذا المعنى، عون ورئيس الحكومة يلتزمان المقدار إياه من الحرص على الدولة والمؤسسات، ويتمسكان بحصر السلاح بيدها. لكن الاختلاف يكمن في الأسلوب فقط، وفي اعتماد التكتيك الأفضل لبلوغ الهدف. فالرئيس سلام آتٍ من تراث حقوقي وأكاديمي كبير وعميق وله أثره في شخصيته وأسلوبه. فيما عون آتٍ من تجربة طويلة، مهنية عسكرية، وسياسية إلى حدّ بعيد، وتتصف بالمعاينة الواقعية للميدان، في ظروف متقلّبة. وبديهي أن تكون المقاربتان مختلفتين، لكن الإصرار على تحقيق الهدف هو القاسم المشترك. وكلاهما يعرفان هذه الحقيقة. ولذلك، ليس صائباً رهان «الحزب» على خلاف حقيقي بين الرجلين يؤدي إلى إضعاف جبهة الدولة.

مؤيّدو عون يقولون: هل كان روبيو يصف اجتماعه مع عون بالإيجابي لو كان موقف رئيس الجمهورية ملتبساً في مسألة نزع السلاح وحصره بالدولة؟ وهل كان الأميركيون يُتبِعون هذا الموقف بترجمة عملية من خلال تزويد الجيش وقوى الأمن مساعدات مقدارها 230 مليون دولار، «في سياق السعي إلى نزع سلاح حزب الله»؟

في الواقع، يرتكز موقف عون- وفق هؤلاء- إلى اقتناع بأنّ البراغماتية هي الأسلم لبلوغ الهدف، نظراً إلى التعقيدات الحادة التي تحوط بالملف. وهناك تفهّم دولي لهذا النهج. فـ«الحزب» سيقتنع من تلقاء نفسه بأنّ الظروف التي وصل إليها، بفعل إشعاله «حرب المساندة» واضطراره إلى توقيع اتفاق وقف النار في تشرين الثاني من العام الفائت، ستحتّم عليه، رضائياً مواجهة الوقائع ومراعاة المتغيّرات. وهو في النهاية سيتخلّى عن سلاحه للدولة ما دام ذلك مطلباً دولياً. وكما وافق «الحزب» على توقيع وثيقة يتخلّى فيها عن سلاحه للدولة، بسبب الضغوط العسكرية والسياسية، فإنّه سيلتزم الوفاء بتوقيعه ما دامت هذه الضغوط قائمة ومرشحة للتصاعد. وسيكون دور الدولة حضانة «الحزب» دائماً كما حضانة كل الفئات والمكوّنات في لبنان. ولا مجال للتعاطي بكيدية أو انتقامات أو تحدّيات بين اللبنانيين.

لذلك، إنّ غيمة التوتر في العلاقات بين عون وسلام ستعبر سريعاً، ولو حاول المتضررون من توافقهما محاولة إزكاء النار بينهما في السياسة أو الإعلام. وفي الواقع يُقال إنّ «الحزب» لا يهمّه التحالف مع أي من الرجلين، وإنّ حملاتُه على عون لم تتوقف منذ سنوات. وكل ما يريده هو الاستفادة من فرصة التباين داخل جبهة الحكم ليزيد في اتساعها ويرتاح.

إنّها لعبة «عضّ أصابع». وكل من طرفي المواجهة حول السلاح يراهن على أنّ الآخر سيصرخ أولاً. وأما عون فيراهن على أنّ «الحزب» سيأتي في النهاية إلى الدولة. ويقول البعض: خبراء صيد السمك يدركون ما يجري. فعندما تَعلق السمكة في الصنّارة، لا يغامر الصياد بشدّ الخيط في اتجاهه بسرعة ودفعة واحدة، لأنّه قد ينقطع فيخسر كل شيء. بل إنّه يقوم تكراراً بجذبه قليلاً في اتجاهه، ثم يرخيه بمقدار أقلّ. وفي النهاية، تجد السمكة نفسها داخل السلة.

----------------------------

جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / عون والسلاح واللغز: السمكة ستصل!

 

 

 


www.Sidonianews.Net

Owner & Administrator & Editor-in-Chief: Ghassan Zaatari

Saida- Lebanon – Barbeer Bldg-4th floor - P.O.Box: 406 Saida

Mobile: +961 3 226013 – Phone Office: +961 7 726007

Email: zaatari.ghassan@gmail.com - zaataripress@yahoo.com

https://sidonianews.net/article332487 /عون والسلاح واللغز: السمكة ستصل!