( عن النهار)
جريدة صيدونيانيوز.نت / لا دخل لهما في الاشكال لكن دمهما سفك في الشارع... هذه حكاية ابرهيم وسراج
لا دخل لهما في الاشكال لكن دمهما سفك في الشارع... هذه حكاية ابرهيم وسراج
صديقان في الحياة ورفيقان في الممات، تعارفا منذ الصغر، جمعهما حيّ واحد وعلاقة متينة تعززت مع السنوات، حتى باتا كالتوأمين لا ينفصلان، إلى درجة أنّ الموت لم يستطع أن يفرّق بينهما.
هما إبرهيم الجنزوري وسراج الأسود اللذان دفعا روحهما في الأمس ثمناً للسلاح المتفلّت في لبنان.
غدرٌ قاتل
ذنب الجنزوري والأسود أنهما كانا في الزمان والمكان الخطأ، حيث قصدا حي البراد في #صيدا للسهر مع أصدقائهما على الرصيف أمام مكتب صديقهم وليد الصديق صاحب مولدات للكهرباء، لم يتوقعا أنّ الشحن بين الأخير وصالح شحادة الذي يمتلك هو الآخر مولدات، سينفجر بهجوم ناريّ شنّه شباب على الموجودين. في لحظة غادرة "سقط الأسود قتيلاً على الفور بعدما أصيب برصاصات عدّة اخترقت إحداها قلبه، فيما أصيب الجنزوري في رئته وكليته، ونقلا إلى مستشفى غسان حمود، ليفارق الأخير الحياة بعد نحو ساعة من محاولة إسعافه بحسب ما قال الشيخ ماهر حمود لـ"النهار" الذي يعمل شقيق الجنزوري مرافقاً شخصياً له.
"معاً حتى الموت"
أبى الجنزوري الذي يسكن في حيّ المسالخية أن يقاوم الموت بعدما خطف منه أعزّ أصدقائه. أطبق عينيه إلى الأبد، لتلتقط آخر صورة لجسديهما بعدما فارقتهما الروح جنباً إلى جنب في المستشفى؛ صورة بألف معنى ومغزى، فقد طبقا مقولة "معاً حتى الموت". ولفت حمود: "ترك الجنزوري، الشاب الأربعيني والوالد لأربعة أولاد صبيّين وفتاتين، عائلة مفجوعة من هول المصاب، كذلك حال الأسود الأربعيني الوالد لصبيّ وفتاة"، وأضاف: "من أطلق النار عليهما، هم ابن شحادة وشقيقه وشخص من آل الفران إضافة إلى شاب رابع، مع العلم أنّ الصديق لم يكن موجوداً أثناء الهجوم، بل غادرهم قبل وقت قصير".
ضحيّتا السلاح المتفلّت
أصل الإشكال، كما قال المختار، "أنّ شحادة يريد أن يوزّع اشتراكات كهرباء في كلّ مدينة صيدا بأسعار أرخص من باقي أصحاب المولّدات، وعندما حاول ذلك في المنطقة التي يوزع لها الصدّيق عدّه الأخير تحدّياً له". لكن كما قال حمود: "ليس للضحيتين علاقة بالمولدات، كما لم يكونا موظفين لدى الصديق، فإبرهيم يعمل في مجال توزيع الخبز وسراج في (التوريق)، وليس بينهما وبين شحادة تأزم، وما حصل اعتداء سافر من الأخير".
أصدقاء الضحيّتين نعوهما على "فايسبوك"، وبحسب ما قاله أحد جيرانهما، محمد، لـ"النهار": "كانا من خيرة الشباب، لا علاقة لهما بأي تنظيم، وبغضّ النظر عن ارتباطات شقيق الجنزوري، كان إبرهيم في حاله"، وأضاف: "جميع أبناء الحي يشهدون لهما بأخلاقهما، فلم يفتعلا يوماً إشكالاً".
إلى متى؟
لم يقتصر إشكال الأمس على حرمان عائلتين من السند والمعيل، فقد أصيب ثلاثة جرحى آخرين، من بينهم محمد الجنزوري شقيق إبرهيم. ورغم الإشاعات عن موته أكّد حمود "أنّ وضعه الصحّي مستقرّ وهو في العناية الفائقة في مستشفى حمود". وفور شيوع خبر مقتل الجنزوري والأسود، أقدم شبان على حرق مقهى يملكه شحادة وتكسير سيارات وحرق مولدات كهربائية، قبل أن تعمل القوى الأمنية على ضبط الوضع.
ظهر اليوم ووري الجنزوري والأسود في الثرى في جبانة صيدا الجديدة (سيروب)، بدمائهما مهرا اسميهما في سجلّ ضحايا السلاح المتفلّت... ليبقى السؤال إلى متى سيستمر الأبرياء بدفع حياتهم ثمناً لعجز الدولة عن ضبط الأراذل وأسلحتهم؟!