(الصورة عن المستقبل)
جريدة صيدونيانيوز.نت / ذابح الشهيد علي السيد يلتزم الصمت وأبو هريرة: أسرنا 11 وقطعت أذن أحدهم بعد توقيف والدي
ذابح الشهيد علي السيد يلتزم الصمت وأبو هريرة: أسرنا 11 وقطعت أذن أحدهم بعد توقيف والدي
كاتيا توا / المستقبل
قبل عامين تقريباً، وقف بلال ميقاتي، أمام قوس المحكمة العسكرية متبجّحاً بقتله العسكري الشهيد علي السيد في معرض محاكمته في دعوى تتصل بالإرهاب. أذهل حينها ميقاتي الحاضرين بإجابته على سؤال لرئيس المحكمة آنذاك العميد الركن الطيار خليل ابراهيم عما إذا كان يكرر فعلته وكان جوابه «أمر عادي»، ما أصاب ابراهيم نفسه كما الحاضرين بالخوف خصوصاً أن المتهم الذي لم يكن بعد قد بلغ العشرين من عمره لم يبدِ أي ندم على فعلته.
تكرّر المشهد أمس أمام المحكمة نفسها. أُحضر ميقاتي إنما هذه المرة بـ«موقف متقدم»، عن السابق، فالشاب «السفاح»، استخدم العبارات نفسها التي أطلقها الشيخ أحمد الأسير خلال محاكمته في ملف «أحداث عبرا».«أنا أرفض هذه المحاكمة التي يهيمن عليها حزب الله والتزم الصمت»، لكن صمت ميقاتي الذي أعرب عن«رفضه الاتهامات جملة وتفصيلاً» خرقته اعترافاته الأولية التي دوّى صداها في قاعة المحكمة، ليخرق وجدان الحاضرين خصوصاً حين أقرّ بذبح العسكري الشهيد بـ«سكين غير مسنّة بحيث لم أقطع رأسه بسهولة».
ولعل أصدق وصف لميقاتي، ما أدلى به ممثل النيابة العامة القاضي فادي عقيقي وأيده فيه رئيس المحكمة العميد الركن حسين عبدالله، الذي علّق: «لقد فقد نعمة من الله، الإنسانية».
وقابل صمت ميقاتي، «ثرثرة» من قريبه عمر ميقاتي «أبو هريرة»، مصوّر عمليتي ذبح العسكريين السيد وعباس مدلج، ثرثرةٌ بلغت حدّ «إلتزامه بالفضيلة خلال شهر رمضان المبارك»، حيث «تتوقف» أعمال الاعتداء على مراكز وحواجز الجيش واستهداف العسكريين انتقاماً «لمقتل شقيقي خلال أحداث طرابلس».
اختلاف «الميقاتّيين» أمام المحكمة في «المواقف»، قابله «تقارب»، حول مفهوم الجهاد إلى جانب «الدولة الإسلامية»، فشارك عمر بحراسة العسكريين الأسرى آنذاك وقام بضربهم وتعذيبهم بعد توقيف والده أحمد ميقاتي «الذي لا ينتمي إلى داعش»، حتى أنه قام بقطع اذن أحدهم.
في جلسة الأمس، أنهت المحكمة في ملف «أحداث عرسال» بعد تجزئته إلى خمسة ملفات، استجواب أربعة بينهم «الميقاتيان» ورفعت الجلسة إلى 26 الجاري لمتابعة استجواب 13 موقوفاً فيما استكملت في ملف آخر استجواب 19 متهماً من «مجموعة المقنّع» التي قامت بأسر أربعة عسكريين بعد اقتحام مركز للجيش في منطقة المبيضة في جرود عرسال وسلّمتهم إلى داعش.
في استجواب «مجموعة المقنع» التي تضم 18 سورياً، تكررت واقعة أسر العسكريين الأربعة وتكررت أسماؤهم في معظم إفادات الموقوفين الأولية من الذين شاركوا بالهجوم على أحد مراكز الجيش في المبيضة، وهم أجمعوا على أنهم لم يبايعوا داعش بعد إعدام «أميرهم» «المقنع»، فلجأوا إلى عرسال نافين مشاركتهم في الأحداث التي شهدتها البلدة، فمنهم من كان يتولى الطبخ، وآخرون حراساً على المقرات وعلى العسكريين الأربعة الأسرى لديهم قبل أن يتعرضوا لـ«ضغوطات» أجبرتهم على تسليم العسكريين إلى داعش. حتى أن بعض الموقوفين زعم انتماؤه إلى المجموعة كـ«ملجأ للوصول إلى بر الأمان».
وفي المحصلة، فإن أياً من الموقوفين لم يُشارك في معركة عرسال وما اعترافاتهم الأولية التي جاءت متطابقة، سوى نتيجة الضرب والتعذيب، وفق زعمهم، لكن رئيس المحكمة واجههم بقرص مدمج سيعرضه في الجلسة المقبلة التي ستعقد في 14 تشرين الثاني المقبل يظهر عناصر مسلحة من «مجموعة المقنع» يأسرون العسكريين الأربعة من مركز المبيضة.
وباستجوابها أحد العسكريين في ملف آخر، أفاد المتهم أنه كان مرافق قائد اللواء الثامن في الجيش وأن بلال العتر هدده بعائلته في حال لم ينقل شباناً إلى عرسال. ويفيد المتهم أنه لم يكن يعلم بأن الذين نقلهم مطلوبين من داعش، وهو قام بذلك نتيجة التهديد الذي تعرض له كون عائلته في طرابلس. وقال المتهم إنه لم يطلب من هؤلاء الأشخاص حلق ذقونهم ولم يخبر رؤساءه بما تعرض له من تهديدات «وأنا أخطأت في ذلك»، متحدثاً عن تلقيه تهنئة بعد مشاركته في معركة عبرا ومعركة المهنية في عرسال عام 2013. وأكد المتهم أنه بعدما تأكد بأن هؤلاء الأشخاص غير مطلوبين قام بنقلهم بواسطة آلية عسكرية إلى ساحة عرسال وذلك قبل المعركة بحوالى عشرة أيام ولم يكن هؤلاء سوى عمر ميقاتي وعبدالله الجغبير وشخصان آخران. وأضاف أنه طلب من زميله العسكري مساعدته في ذلك.
وباستجواب الأخير أكد هذه الواقعة مضيفاً أنه كان سائق قائد اللواء إنما المتهم الآخر طلب منه مرافقته لإحضار أحجار من الكسارة ولم يعلمه بنيته نقل مطلوبين إنما أوهمه بأنهم يعملون في الكسارة وقال: «لم أكن أعلم أنه يقوم بتهريبهم إلى ساحة بلدة عرسال».
وما أن نادى رئيس المحكمة على بلال ميقلاتي حتى اقترب الأخير من المذياع المثبت على منصة في وسط قاعة المحكمة وهو يرتدي الزي الشرعي، حتى بادر إلى القول: «بدي قول كلمتين، أنا حوكمت بدعوى انتماء إلى جبهة سورية فيما حزب الله يقاتل هناك ولا تتم محاكمته، وأنا أرفض هذه المحكمة التي يهيمن عليها حزب الله والتزم الصمت».فسأله رئيس المحكمة: «ألم تلتحق بداعش؟» فرد: «التزم الصمت». وإزاء ذلك تلا رئيس المحكمة إفادته الأولية علناً منذ نشأته في القبة وتلقيه دروساً في الشريعة وتوجهه إلى سوريا للجهاد إلى جانب داعش وعودته إلى لبنان ثم ذهابه إلى القلمون السورية... ليقاطع رئيس المحكمة: «هذه الاتهامات أرفضها جملة وتفصيلاً». وأوضح له رئيس المحكمة أنه يتلو إفادته الأولية وأن ثمة صوراً موثقة لأفعاله، إلا أن المتهم لم يجب ملتزماً الصمت ليتابع رئيس المحكمة تلاوة إفادته الأولية حيث تابع بلال دروساً في العقيدة لدى عمر بكري فستق ونشاط وأفكار التنظيمات الإرهابية قبل أن يقرر الانتماء إلى داعش. ويروي بلال في تلك الإفادة كيف أن فستق ساعده بالذهاب إلى سوريا والالتحاق بداعش. وكيف تواصل مع المدعو أبو حمزة البلجيكي مسؤول التفخيخ في حلب والذي أمّن له سفره إلى تركيا ومنها إلى سوريا.
ويتابع بلال في افادته: «تابعت دورات عسكرية على يد النصرة أولياً حول حرب التفخيخ وحرب العصابات قبل أن التحق بداعش في مقر أعزاز برئاسة السعودي أبو معاذ حيث شاركت في القتال ضد الجيش السوري النظامي والحر». ويضيف: «نفذت حكم الإعدام بحق أحد مقاتلي الجيش الحر رميًا بالرصاص».
أمام قاضي التحقيق اعترف بلال بالاعتداء على مراكز الجيش في عرسال وذبح الجندي علي السيد إنما أنكر ذبح الجندي عباس مدلج وقال: «لم أعد أذكر ذلك كوني أتعاطى حبوب الكابتاغون»، وأنكر خطف العسكريين.
لماذا ذبحت السيد، سُئل ميقاتي أمام قاضي التحقيق وكان جوابه: «لم أكن أدرك ما يجري وكنت تحت تأثير الحبوب وإن الذي طلب مني ذبحه هو أبو عبد السلام أمير داعش في القلمون وهو سوري ولا أعرف كامل هويته».
وفي هذا الإطار يروي ميقاتي: «أعطى أبو ايوب العراقي والي دمشق أمراً لابي عبد السلام باختيار عسكري سنّي وذبحه لإسراع المفاوضات وتلبية مطالب داعش. وطلب أبو عبد السلام من بلال العتر أن يختار فإختار السيد فوافق. وأنا ذبحته بسكين غير مسنّة ولم أقطع رأسه بسهولة، وحضر عملية الذبح العتر والأمير (أبو عبد السلام) ورشيد أبو الليث وحفيد البغدادي الذي كان يصور العملية مع أبو هريرة والسوري أبو القاسم». ورد ميقاتي:«ما بدّي جاوب التزم الصمت». وجاء جوابه نفسه على من هو أبو دجانة.
وعن ذبح الشهيد مدلج قال ميقاتي: «بعد حوالى 3 أسابيع من ذبح السيد كان يجب الاستفادة من الشيعي بالمفاوضات وإن العتر وابو عبد السلام اختارا شيعياً لإحداث فتنة سنية - شيعية وتم اختيار مدلج وإعدامه في المكان نفسه الذي أُعدم فيه السيد، من قبل أبو الورد. وبعد أسبوعين اختفت الجثة وصوّرت العملية أنا وأبو هريرة والبغدادي، ولم يكن صحيحاً ما أشاعه داعش بأن مدلج قُتل بسبب محاولته الفرار».
وعن مشاركته في أحداث عرسال قال ميقاتي في إفادته:«كنت ضمن مجموعة أبو حسن الفلسطيني وشاركت بالهجوم على مركز المبيضة حيث كانت مجموعة عماد جمعة تغطي مجموعتنا بالقصف فاقتحمنا المركز وأجبرنا العسكريين على ترك أسلحتهم باستثناء أحدهم الذي قاوم فقتلناه، ونقلنا 5 عسكريين بينهم سيف ذبيان وعلي العلي وآخر من آل وهبة إلى الرهوة وسلمناهم إلى أبو الورد».
وهنا عرض عليه رئيس المحكمة صوراً تظهره وهو يذبح السيد فاجاب ميقاتي: «أنا التزم الصمت». وطلبت وكيلته المكلفة من نقابة المحامين في بيروت عرض موكلها على طبيب نفسي وعقلي فتم رد الطلب على اعتبار أن ما أدلى به موكلها في بيان الجلسة يُظهر مدى رجحان عقله.
ثم استجوبت المحكمة المتهم عمر ميقاتي الذي أيد جزئياً ما ورد في إفادته الأولية عندما أقام في مخيم عين الحلوة 8 سنوات كون والده كان مطلوباً في «أحداث الضنية». وأكد أنه أوقف مرتين سابقاً بجرمي سرقة وطعن بالسكين. كما شارك في أحداث طرابلس إلى جانب مجموعات عدة منها مجموعة اسامة منصور.وأكد عمر أمام المحكمة أنه التحق بداعش عام 2013 مع آخرين وأن أحد العسكريين الموقوفين نقله إلى عرسال إنما لا يعرف شيئاً عن تهديد بلال العتر للعسكري المذكور ليقله وآخرين إلى عرسال تهريباً. وأفاد أنه تعرف على قياديين من الصف الأول في داعش أثناء زيارات يقوم بها هؤلاء للمقرات. ونفى تدريبه مئة مقاتل «إنما لدي خبرة في ذلك». وأقر عمر بالتحاقه بمقر أبو عبدالله العراقي في القلمون إنما نفى نقله حينها إلى المقر 20 انتحارياً معه، مؤكداً مشاركته في معركة مهين، إنما لم يكن قناصاً بل كان في الصفوف الخلفية.
بعد مقتل شقيقه أبو بكر في أحداث التبانة قرر عمر الانتقام من الجيش واغتيال اي عسكري وإطلاق النار على مراكزه. وعدّد له رئيس المحكمة خمس عمليات اغتيال أو محاولات اغتيال قام بها مع آخرين وهو ملاحق بها، فأيد بعضها وأنكر البعض الآخر. وروى كيف أنه بقي في عرسال مع آخرين لأن الطريق إلى الرقة كانت مقطوعة زاعماً أنه خلال الأحداث بقي في جرود فليطا مع بلال العتر ولم يشارك في اليوم الثالث من المعركة أو مهاجمته لأحد مراكز الجيش. وقال إنه تم أسر 9 عسكريين في البدء ثم اثنين ليرتفع العدد إلى 11 نافياً مشاركته في ضربهم وتعذيبهم خصوصاً بعد توقيف والده كونه لم يعلم بذلك إلا بعد أسبوعين من اعتقال والده. كما نفى إقدامه على قطع اذن أحد العسكريين. أما عن معركة تلة الحمرا في 23 كانون الثاني عام 2015 فقال ميقاتي بأنه لم يُشارك فيها ولا يعرف اذا كانت مجموعة غياث جمعة هي التي نفذت الهجوم «فأنا كنت إدارياً وليس عسكرياً». أما عن طلبه من «الأمير» إطلاق صواريخ على الاراضي اللبنانية من تلة قريبة من تلة الحمرا فقال ميقاتي إن لا خبرة لديه في ذلك. وبسؤاله عما أفاد به أولياً بأنه طلب من أبو عبد السلام تنفيد الإعدام بحق الشهيد مدلج إلا أنه رفض طلبه، أجاب ميقاتي بأنه لم يفعل وأن أبو الورد نفّذ العملية، مشيراً إلى أنه في الفترة الأخيرة قبل توقيفه لم يعد يعرف شيئاً عن العسكريين الأسرى. وقال عن العسكري عبد الرحيم دياب إنه كان منشقاً عن الجيش وتظاهر بأنه موقوف مع العسكريين إنما هو ساعد خاله أمير داعش في عرسال بالسيطرة على حاجز وادي الحصن.
وقبل توقيفه كان ميقاتي يرتدي باستمرار حزاماً ناسفاً في حال افتضح أمره، لكنه أنكر أمس ذلك إنما كان بحوزته حزاماً ناسفاً أثناء نقله من ساحة عرسال إلى مجدل عنجر ولكن السائق رفض أن يقله مع آخرين إلى أن ترك الحزام مع أحد الأشخاص حيث أوقف. كما نفى أن يكون أبو بلقيس العراقي قد طلب منه تنفيذ عملية انتحارية «لأن كل واحد ينفذ من عندو من دون طلب من أحد».