تفاصيل مأساة ادوارد جرجورة في معمل الذوق
أسرار شبارو المصدر: النهار
انفجار من نوع آخر أودى بحياة رجل ابتعد عن وطنه وولديه وزوجته من أجل توفير لقمة عيش كريمة لهم، من دون ان يتوقع ان الموت ينتظره في عمله في معمل الزوق الحراري. في لحظة توقف عدّاد عمره بعدما انفجر المولّد وهو يهمّ باصلاحه. طار امتاراً بعيداً عنه، قبل ان يسقط على ظهره، تحطمت جمجمته وكسر قفصه الصدري... هو ادوارد جرجورة الذي جار عليه الزمن قبل ان يغدره.
صفعة الحياة والموت
صباح أمس قصد ادوارد (47 عاماً) العامل الفني في معمل الزوق عمله كالمعتاد، قام والمسؤول عن الصيانة لوسيان زهران بفك أغطية مولّد تعطل عن العمل. وبحسب افادة زهران في التحقيق الذي فتحته فصيلة جونيه "طلب منا ذلك، فككنا برغيين لكل غطاء، تمهيدا لنزعهما بواسطة ونش مختص. تم فك براغي احد الاغطية وباشرنا بفك براغي الغطاء الثاني انا وادوارد، وبعدما انتهينا نزلت وخطوت خطوة، فسمعت صوت انفجار لم اشاهد ادوارد بداية، قبل ان اراه مرميا على الارض في الناحية الاخرى".
"أحضر جرجورة الى مستشفى سيدة لبنان بحالة توقف في القلب والجهاز التنفسي، وهو مصاب بتحطّم في الجمجمة و كسور في قفصه الصدري وتلف دماغي ونزيف داخل البطن بسبب ارتطامه بقوة بجسم صلب"، بحسب افادة الطبيب الشرعي وحيد صليبا. صفعت الحياة ادوارد قبل ان يصفعه الموت، عندما اضطر الى مغادرة بلدته القامشلي في سوريا ليعمل في لبنان قبل نحو عامين. والدته ايلين (التي تحمل الجنسية اللبنانية) تحدثت لـ"النهار" عن خسارتها الكبيرة لمن كان يوما سندها، وقالت "ماذا سأقول لولديه كينان وميشال، رحل والدكما قبل ان يتمكن من ان يغمركما بعد كل هذا الفراق".
إنفجار "من دون اذن"
استمعت فصيلة جونيه الى رئيس معمل الزوق الحراري سعادة اميل سعادة، والمهندسين علي دياب رئيس دائرة الصيانة، وجهاد ابي عاد رئيس دائرة الاستثمار، وتبيّن بحسب افادتهم ان "المولّد تعطل يوم الاربعاء ولدى اصلاحه من قبل المسؤولين عن الصيانة لوسيان زهران وجوزف افرام وادوار جرجورة حصل انفجار في الهيدروجين داخل احد المولدات، وتمت الافادة انه في حال تعطل أي مولد داخل الشركة يتوجب على مسؤولي الصيانة الذين يعملون في اصلاح المولد، الاستحصال على ورقة عزل من رئيس دائرة الاستثمار في الشركة الذي يقوم قبل مباشرة الاعمال بافراغ المولّد من الهيدروجين وتعبئته بمادة ثاني اكسيد الكربون كون تسرّب الهواء الى داخل المولّد من دون افراغه من الهيدروجين يؤدي الى انفجار، لكن كما قال ابي عاد لم يتم طلب اي عزل مني او من رئيس الفرقة، وان الاعمال التي حصلت كانت من دون علمنا".
ماذا عن الوقاية والحماية؟
رفعت عائلة جرجورة دعوى ضد معمل الزوق التابع لمؤسسة كهرباء لبنان، ولفتت المحامية مهى عثمان الى اننا "نريد معاينة مكان الحادث من جديد من قبل طبيب شرعي، كون الجثة نقلت الى المستشفى قبل وصول الادلة الجنائية وهذا ما لا يحق للشركة القيام به". وعما اذا كان جرجورة يرتدي ملابس للوقاية اجابت" كلا، لا يبدو انه يوجد في الشركة اي اجراءات للوقاية والحماية".
كلام عثمان اكده احد الموظفين في الشركة حيث قال لـ"النهار"، "للاسف نفتقد الى ابسط عناصر الحماية، لا ملابس ولا خوذ ولا نظّارات للوقاية، حيث يقتصر دور قسم الحماية والوقاية على مراقبة اجهزة الانذار". في حين نفى مصدر في المؤسسة ذلك، مؤكداً "ان كامل العتاد موجود لدينا، وهذا القسم يقوم بكل مهماته، حيث يطفئ اي حريق ويكشف على الباخرة غول والمعمل"، لافتا الى ان ادوارد كان يرتدي عتادا واقيا لكن بسبب قوة الانفجار طار عن الارض، علما انه لم يحصل مع المهندس الذي يعمل باشرافه على اذن لاصلاح المولّد، كونه لم يتم افراغه من الهيدروجين بعد".
بيان مؤسسة الكهرباء
بعد الحادث أصدرت مؤسسة كهرباء لبنان بيانا جاء فيه انه "عند الساعة 12,15 من ظهر يوم الأربعاء الواقع فيه 2/8/2017، طرأ عطلٌ على المولد (alternator) التابع للمجموعة الثانية في معمل الزوق الحراري، مما أدى الى وضعها خارج الخدمة، حيث باشرت فرق الاستثمار تفريغ مادة الهيدروجين من المولد المذكور بغية إجراء الكشف داخله تمهيدا لتصليح العطل الذي طرأ.
وعند الساعة 9,30 من صباح اليوم الخميس الواقع فيه 3/8/2017، وعندما كان فريق من الصيانة يقوم بعملية فتح إحدى كوّات المولد، حصل انفجار محصور ناتج من اختلاط كمية من هيدروجين كانت لا تزال داخل المولّد مع كمية من الهواء، مما أدى للأسف الى وفاة ادوارد جرجورة، وهو أحد عمال الصيانة التابعين للشركة المتعهدة تقديم يد عاملة متخصصة داعمة لمؤسسة كهرباء لبنان
وفور وقوع الحادث، طلبت المديرية العامة في مؤسسة كهرباء لبنان من جهاز المراقبة العامة في المؤسسة إجراء تحقيق عن أسباب حصول هذا الانفجار وإفادتها بالنتيجة بالسرعة القصوى ليبنى على الشيء مقتضاه.
تعلم عائلة جرجورة أن لا شيء سيعيد ادوارد الى حضنها، لكن على الاقل تطالب "بألا تذهب دماؤه هدراً والا يضيع حقه"!
2017-08-05