بعد انتقال الشرارة إلى صيدا... مبادرة لاحتواء الوضع في عين الحلوة
هدوء أعقب اجتماع القيادة السياسية... ولجنتان للتأكد من وقف إطلاق النار
جريدة الشرق الأوسط / بولا أسطيح
استنفرت القوى الفلسطينية في الساعات الماضية لاحتواء الوضع المتفجر داخل مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا جنوب لبنان، بعد ضغوط لبنانية كبيرة فرضتها التطورات الأخيرة، وبالتحديد في أعقاب انتقال شرارة المعركة إلى داخل صيدا نتيجة رصاص القنص، ما أدى لجرح أكثر من شخص وإغلاق السراي الحكومي في المدينة.
وتزامن اشتداد المعارك داخل المخيم بين القوة الأمنية المشتركة وعناصر حركة فتح من جهة؛ والجماعات المتشددة من جهة أخرى، مع معلومات عن نية هذه المجموعات استهداف مراكز الجيش اللبناني عند مداخل «عين الحلوة» وشوارع صيدا، بالقذائف، في حال عدم التزام «الأمن الوطني الفلسطيني» التابع لـ«فتح» بوقف إطلاق النار.
وساد أمس هدوء حذر في ساعات ما بعد الظهر، أعقب جولة قتال عنيف طوال ساعات الصباح. وقالت مصادر في حركة «فتح» لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماع الذي عقدته القيادة السياسية للفصائل والقوى الفلسطينية لمنطقة صيدا في مقر القوة المشتركة داخل المخيم «انتهى إلى التزام كل الأطراف بمبادرة تم الاتفاق عليها بين حركتي (فتح) و(حماس)، وتقضي بتثبيت وقف إطلاق النار، وانتشار القوة المشتركة في حي الطيرة بمساندة قوات الأمن الوطني، واعتبار بلال بدر وبلال العرقوب مطلوبين للقوى الأمنية». وأشارت المصادر إلى أنه بعد الاجتماع مباشرة «تم إرسال لجنتين؛ الأولى مؤلفة من ممثلين عن القوى الإسلامية إلى حي الصفصاف للتواصل مع المجموعات المتطرفة وحثها على وقف إطلاق النار وإنهاء المظاهر المسلحة، والثانية مؤلفة من ممثلين عن حركة فتح إلى حي الطيرة للتواصل مع قائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا العميد أبو أشرف العرموشي». وأضافت المصادر: «قبل المعركة التي اندلعت الخميس (الماضي) كانت القوة الأمنية ومن ضمنها عناصر فتح قادرين على التجول في نحو 80 في المائة من حي الطيرة، أما بعد التقدم الذي تحقق على الإرهابيين فقد بات كل الحي تحت سيطرة القوة الأمنية المشتركة وقوات الأمن الوطني الفلسطيني».
ولفتت المصادر إلى أن «هدوءا حذرا يسيطر على المخيم بانتظار التأكد من نية الإرهابيين الالتزام بوقف إطلاق النار، خصوصا أنه لا يوجد أي طرف أو فصيل قادر على أن يُقدّم أي ضمانات بخصوص التزام هذه المجموعات التي تنفذ أجندة مشبوهة، بأي اتفاق فلسطيني داخلي، إلا أننا نلمس حاليا حاجة من قبلهم لوقف المعارك بعد الخسائر التي منوا بها.
من جهته، تحدث مسؤول «الحركة الإسلامية المجاهدة» في مخيم عين الحلوة، الشيخ جمال خطاب، لـ«الشرق الأوسط» أمس، عن «استعداد القوة الأمنية المشتركة للانتشار في مواقع الاشتباك بعد مغادرة المسلحين، لنكون بذلك أتممنا خطوة أولى باتجاه تثبيت وقف إطلاق النار»، لافتا إلى أن «المعارك التي أبلغت الدولة اللبنانية أنها نتيجة حادث محدود تطورت وطالت ما بات يهدد مدينة صيدا ككل، من هنا كان التحرك السريع لاحتواء الوضع». وإذ استبعد خطاب ارتباط المجموعات داخل المخيم بتنظيم داعش في الجرود الشرقية، لفت إلى أنه «ولو صح ذلك، لكانوا أقدموا على مهاجمة مواقع الجيش عند المداخل وليس عناصر الفصائل الفلسطينية والقوة المشتركة».
ووفق المعلومات، فإن حصيلة المواجهات التي اندلعت قبل أسبوع انتهت إلى 4 قتلى و25 جريحا للقوة الأمنية المشتركة وحركة فتح، مقابل قتيلين وعدد غير محدد من الجرحى في صفوف المجموعات المتطرفة.
وفي وقت لاحق، أمس الأربعاء، أكد قائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا العميد أبو أشرف العرموشي التزامه وعناصر الأمن الوطني بالتهدئة في مخيم «عين الحلوة»؛ «إفساحا في المجال لوقف إطلاق النار في حال جرى انسحاب المسلحين وانتشار القوة المشتركة»، قائلا: «هذا موقف حركة فتح السياسي، ونحن نلتزم بالتعليمات».
وكانت «الوكالة الوطنية للإعلام» أفادت أمس، عن ارتفاع حدة الاشتباكات في المخيم وعن سماع أصوات إطلاق نار كثيف وانفجارات في أرجاء المخيم يصل صداها بوضوح إلى مدينة صيدا وضواحيها. وقد أدت المواجهات إلى احتراق عدد من المنازل في حي الطيرة بسبب استهدافها بالقذائف الصاروخية. كذلك تم تسجيل إصابتين في صفوف عناصر أمن الدولة اللبناني نتيجة الرصاص الطائش مما دفع المعنيين إلى اتخاذ قرار بإغلاق سراي صيدا الحكومي.
وفي حين توالت الاتصالات والاجتماعات اللبنانية – الفلسطينية، وكذلك الفلسطينية – الفلسطينية، لمتابعة الوضع داخل المخيم، أكد الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد، أن هناك «دورا خطيرا تقوم به الجماعات الإرهابية في مخيم عين الحلوة يهدد الأمن الفلسطيني والأمن الوطني اللبناني، خصوصا أنها مرتبطة بمشاريع خارجية»، متحدثا عن «مخاطر من توسع الاشتباكات في المخيم وامتدادها من حي الطيرة إلى كامل أرجاء عين الحلوة وإلى خارجه، خصوصا أن هذه الجماعات الإرهابية لها خلايا في معظم أحياء المخيم، وقد تسعى إلى مزيد من توتير الأوضاع، كما قد تحاول إرباك الجيش اللبناني الذي يعمل على المحافظة على الأمن في محيط المخيم».
2017-08-24