جريدة صيدونيانيوز.نت / أخبار لبنان / النهار : لبنان في قلب العاصفة واستعدادات لمفاوضات شاقة
النهار
يستعد لبنان الرسمي لاسبوع مثقل بالمحطات الديبلوماسية والسياسية البارزة والتي تعكس واقعياً حراجة واقعه ووضعه حيال التصعيد الاقليمي الخطير الذي حصل السبت الماضي بين اسرائيل وسوريا والذي يجد لبنان نفسه معنيا به بل في قلب تداعياته ولو لم تتدحرج التداعيات العسكرية اليه. ذلك انه في الوقت الذي كان اركان الحكم يلملمون تداعيات الأزمة الداخلية ويحاولون تظهير صورة مختلفة خلال الاحتفال بعيد القديس مارون، بدت المواجهة المفاجئة التي حصلت بين اسرائيل وسوريا كأنها شدّت الواقع اللبناني الى زاوية أخرى غير محسوبة في حجم خطورتها ولو ان لبنان كان يتلمس ملامح التحديات المعقدة مع اسرائيل من خلال النزاع البحري على البقعة البحرية النفطية وكذلك عبر النزاع البري على الحائط الاسمنتي ومروره بنقاط التحفظ اللبنانية على الخط الازرق.
واذا كانت بلدات البقاعين الاوسط والغربي عاشت صباح السبت على وقع المواجهة الجوية والصاروخية بين اسرائيل وسوريا وتناثرت شظايا الصواريخ في عدد من هذه البلدات، فان المعلومات التي توافرت لـ"النهار" تفيد ان التقارير الامنية والديبلوماسية لدى مراجع رسمية كبيرة تخوفت وتتخوف من ألا ينفد لبنان من أي تدهور اقليمي محتمل قد يتجدد تكراراً وان هذه المخاوف يجري تداولها بجدية بين اركان الحكم والحكومة والمسؤولين العسكريين والامنيين تحسبا لأي تطورات سواء في ما يتصل بنزاع لبنان مع اسرائيل على الثروة النفطية أو الجدار الاسمنتي البري، أو بمجريات تورط اقليمي اسرائيلي ايراني في الحرب السورية.
وفي ظل هذه الأجواء لم يكن غريبا ان تنشد الأنظار الى الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون لبيروت الخميس المقبل ضمن جولة تشمل عددا من دول المنطقة، وهي الزيارة الأولى لوزير خارجية اميركي للعاصمة اللبنانية منذ اربع سنوات وتأتي عقب التحضيرات التي اجراها نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط ديفيد ساترفيلد في زيارته لبيروت التي استمرت أياماً وقابل خلالها المسؤولين الكبار وبعض الزعماء السياسيين. وقالت أوساط معنية بنتائج زيارة ساترفيلد لـ"النهار" ان لبنان يتحسب فعلاً لجولة اخرى معقدة من المفاوضات الديبلوماسية الدقيقة مع تيلرسون التي ستكمل محادثات ساترفيلد وخصوصاً لجهة اعادة تفحص العلاقات الاميركية - اللبنانية انطلاقا من ثوابت واشنطن في الاستمرار في دعم الجيش اللبناني والاستقرار الداخلي ولكن أيضاً مع اثارة ملفات معقدة للغاية من أبرزها ملف "حزب الله" والعقوبات الاميركية عليه من جهة، واثارة اسرائيل موضوع اقامة مصانع اسلحة ايرانية للحزب في لبنان. وتتوقع الاوساط جولة صعبة من المحادثات اللبنانية الاميركية مع زيارة تيلرسون ولقاءاته الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية جبران باسيل، لكنها لم تستبعد تطوراً بارزاً في الوساطة الاميركية بين لبنان واسرائيل في شأن النزاع البحري من حيث تزخيم الاتصالات الاميركية بحثاً عن تسوية تحول دون عرقلة العمليات التي شرع فيها كونسورسيوم الشركات الفرنسية والايطالية والروسية التي وقعت عقود التنقيب والحفر مع لبنان.
وكانت اسرائيل زادت تهديداتها وضغوطها على لبنان بتوجيه رسالة الى الامم المتحدة تحذر فيها الشركات المعنية من انها تواجه امكان تكبدها خسائر كبيرة ان هي تجاهلت النزاع القائم ومضت في تنفيذ العمليات. وتعتقد الاوساط ان تيلرسون سيحاول اقناع الجانب اللبناني بالموافقة على اقتراح ساترفيلد القاضي بالعودة الى ما يسمى "خط هوف " نسبة الى الموفد الاميركي السابق فريديريك هوف الذي توسط بين لبنان واسرائيل قبل سنوات وطرح تسوية تقوم على تحديد خط ينال من خلاله لبنان 60 في المئة من المنطقة البحرية المتنازع عليها وتنال اسرئيل 40 في المئة ويشمل بعض هذه المنطقة البلوك الرقم 9 الذي يقوم نزاع لبناني - اسرائيلي عليه. وهو اقتراح لم يوافق عليه لبنان في حين ينقل عن دوائر ديبلوماسية غربية انه سبق للبنان ان وافق على هذا الخط ثم تراجع عن موافقته.
ويبدو ان دقة المفاوضات المتوقعة مع وزير الخارجية الاميركي فضلا عن مناخ الاخطار التي برزت مع المواجهة الاسرائيلية - السورية الاخيرة املت اتفاقا بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء سعد الحريري على عقد اجتماع ثلاثي جديد فور عودة الحريري من الخارج.
واكد الرئيس بري ان علاقته ورئيس الجمهورية ميشال عون " على ما يرام". وكشف امام زواره انه سيلتقيه قريبا "وكلما دعت الحاجة"، وانهما سيتابعان التهديدات الاسرائيلية مع العمل على ما يحصن الدولة اللبنانية واجهزتها الامنية والوقوف في صف واحد في جبه اي تحدي.
وأعرب عن اطمئنانه الى مسار عمل الشركات والتنقيب عن النفط، ملاحظاً ان تحالف الشركات غير متخوف من كل المواقف الاسرائيلية ولن يتأثر بالتهديدات الاسرائيلية و"هي ستباشر العمل والقيام بالتحضيرات المطلوبة قبل التنقيب". وأبرز أهمية "تلزيم البلوك 9 الذي من خلاله حافظنا على حقوق لبنان والاستمرار في مواجهة الاطماع الاسرائيلية". وأعلن انه "سمع كلاماً جيداً حيال لبنان" من ديفيد ساترفيلد وممثل شركة " توتال".
من جهة اخرى، وصف بري اسقاط طائرة الـ"اف - 16? الاسرائيلية بأنه "أكبر من معركة واصغر من حرب وان جملة من التوازنات الجديدة ستفرض نفسها على قواعد الاشتباك في المنطقة. وشكل هذا الحدث الاول من نوعه منذ العام 1982. ولن تصل الامور الى تصعيد أكبر وستنتهي عند هذه الحدود ولن تصل الامور الى حرب شاملة".
ومن المقرر أن يعقد الاجتماع الثلاثي اليوم الاثنين في الناقورة. وسيطلع الوفد الاسرائيلي من الوفد اللبناني على مسمع من قيادة "اليونفيل" على تمسك لبنان بحقوقه في البر والبحر وكذلك باتفاق الهدنة منذ العام 1949، مذكراً بأن الخط الازرق فرضه القرار 1701. وطالب بري بوضع العلم الاميركي الى جانب "اليونفيل" عند البحث في ترسيم الخط البحري بين لبنان والاراضي الفلسطينية المحتلة
2018-02-12