مدرسة الفنون الإنجيلية في صيدا تعلن عن بدء  التسجيل للطلاب الجدد  للعام الدراسي 2023 -2024
الرئيسية / أخبار لبنان /إفتتاحيات الصحف 2019 /نداء الوطن : سياسة "الترقيع" تتواصل… بين "تعميم" المركزي و"فرمان" بعبدا

جريدة صيدونيانيوز.نت / نداء الوطن : سياسة "الترقيع" تتواصل… بين "تعميم" المركزي و"فرمان" بعبدا

 

جريدة صيدونيانيوز.نت / أخبار لبنان /  نداء الوطن : سياسة "الترقيع" تتواصل… بين "تعميم" المركزي و"فرمان" بعبدا


 
نداء الوطن

اليوم يصدر عن مصرف لبنان تعميم يتعلق بتمويل الدواء والمحروقات والقمح وحماية هذه القطاعات من تقلّبات ‏الدولار. للوهلة الأولى الطرح قد يلاقي ترحيباً من قبل البعض كونه يحاول امتصاص غضب الشارع وقلقه على قوت ‏يومه وعلى قدرته الشرائية، التي تتداعى على وقع تنامي نزيف عجزَي الخزينة وميزان المدفوعات. لكن يبقى أنّ هذا ‏النوع من الحلول الجزئية ليس مستداماً بل يشكل خروجاً واضحاً عن قواعد النظام الإقتصادي الحر وقيمه المؤسسة، ‏لا سيما تأمين "العدالة" ما بين فرقاء الإنتاج. فعلى أرض الواقع يقود هذا التدبير عملياً إلى التمييز ما بين قطاعات ‏الإنتاج لناحية تفضيل قطاع على آخر، وتاجر على آخر، ومستثمر على آخر وعامل على آخر… وللتذكير، فإن هذا ‏النوع من الوسائل المستحدثة لضبط عجز ميزان المدفوعات ليست مستجداً، إنما غالباً ما كانت تلجأ إليه أنظمة ‏الإقتصاد الموجّه، والأمثلة كثيرة على ذلك في منطقتنا العربية وفي دول العالم الثالث لا سيما في منتصف القرن ‏الماضي. هي أدوات يتجه إليها لبنان، بينما هي نفسها تتجه إلى الانحسار في العالم لأنها أثبتت فشلها. الحلول المطلوبة ‏هي تلك التي أثبتت نجاحها في العالم حتى أصبحت اليوم قواعد الحوكمة الجيّدة والمستدامة بعيداً من سياسة "الترقيع". ‏الحل ببساطة يكمن في ترشيق القطاع العام عبر ترشيد إنفاقه وتحفيز القطاعات الإنتاجية، كل القطاعات الإنتاجية، من ‏دون تمييز ولا تفضيل بين قطاع "بسمنة" وقطاع "بزيت‎".‎
‎ ‎
إذاً بعدما بلغت أزمة الدولار مداها مع تسجيل سعر الصرف في الأسواق الـ1600 ليرة لبنانية، عاد السوق ليهدّئ من ‏روعه ومن عملية ترويع المواطنين، فاستكان المشهد المالي عشية التعميم المرتقب من المصرف المركزي والذي، ‏بحسب معلومات "نداء الوطن"، سيعمل على تكوين هامش نقدي للمستوردين في قطاعات النفط والقمح والدواء، ‏بحيث سيصار إلى تسهيل فتح اعتمادات لهم في المصرف مع احتساب سعر صرف الدولار بالقيمة المحددة من قبل ‏المركزي، على أن يكون تسليم الدولارات مرتبطاً بتاريخ استحقاق الاعتماد إلى الخارج‎.‎
‎ ‎
وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قد طمأن من قصر بعبدا أمس إلى أنّ المركزي "يؤمّن حاجات القطاعين العام ‏والخاص بالعملات الأجنبية، وسيستمر في ذلك وفقاً للأسعار الثابتة"، معرباً عن ثقته إثر لقاء رئيس الجمهورية ميشال ‏عون بأنّ التعميم الذي سيصدر اليوم "سيخفّف حكماً الضغط على طلب الدولار لدى الصيارفة". وعن مجريات اللقاء، ‏علمت "نداء الوطن" أنّ أجواءه كانت "ودية ومسؤولة"، حتى أنّ عون في نهاية لقائه سلامة على مدى ساعة كاملة ‏‏"شدّ على يده ودعاه إلى السهر على النقد الوطني، لأنه بجهود الحاكم تمكّن لبنان من اجتياز أكثر من قطوع نقدي، كان ‏أخطرها إبان العدوان الاسرائيلي في العام 2006 وبعد انتهاء الحرب، يوم تمكن رياض سلامة من تأمين الغطاء لعملية ‏الإيواء وإعادة الإعمار، ولم يلتفت للضغوط الخارجية التي مورست عليه‎".‎
‎ ‎
ووفق المعطيات، فإنّ ما تم الاتفاق عليه بين عون والحاكم يتلخص بقاعدة "ترك الخبز للخبّاز"، بمعنى إيلاء الحاكم ‏مسؤولية معالجة الوضع النقدي واستقراره، على أن تؤمّن السلطة السياسية الغطاء اللازم لمنع أي محاولة للمسّ ‏بالعملة الوطنية ومستقبلها والحؤول دون التدخل في عمل الحاكمية من خلال وسائل الضغط، مع إقرار مشترك من ‏الجانبين بوجود أزمة خطرة لكنّ الأخطر منها هو حجم الشائعات وحملات التهويل التي ترافقها‎.‎
‎ ‎
وإذ كان التصدي للشائعات الهدامة لاقتصاد البلد واجباً وطنياً، لكن تحت هذا الشعار برز خلال الساعات الأخيرة ما ‏يشي بنوايا مبيتة لتكريس ذهنية قمع حرية التداول بالأوضاع المالية والاقتصادية في البلد، من خلال ما بدا بمثابة ‏‏"فرمان" صادر عن المكتب الإعلامي في القصر الجمهوري، على الطريق نحو الإمعان في سياسة تعليب الإعلام ‏وتطويعه في إطار موجّه يخدم فقط الترويج لنظريات السلطة، تحت طائل التعرض للحبس بموجب المادة 209 من ‏قانون العقوبات التي تحدد ماهية النشر، والمادتين 319 و320 من القانون نفسه والتي تحدد العقوبات التي تنزل ‏بمرتكبي جرائم النيل من مكانة الدولة المالية… وصولاً إلى حجب حق "الكلام أو الصراخ والكتابة والرسوم ‏واللوحات والصور والأفلام والتصاوير على اختلافها"، في حال تقرر أنها من وسائل نشر "الشائعات المالية‎".‎
‎ ‎
ولعل ما عزز الهواجس من نوازع قمعية يختزنها هذا "الفرمان"، (الذي تقاطعت المعلومات المتوافرة عند التأكيد على ‏كون وزير الرئاسة سليم جريصاتي يقف وراء تعميمه)، هو مسارعة التلويح عبر قناة "أو تي في" بأنّ "العمل جارٍ ‏على ملاحقة كل من يعمل على بث الشائعات التي تستهدف رئيس الجمهورية". بالتوازي مع تحريك النيابة العامة ‏المالية لفتح تحقيق فوري وملاحقة "كل من يهدد الثقة بالنقد الوطني"… فهل يُستدعى مثلاً أمام التحقيق معدو تقارير ‏وكالات التصنيف الدولية لتأكيدهم على هشاشة الوضع الاقتصادي وارتفاع المخاطر الإئتمانية في لبنان؟ وهل يُعتبر ‏تشكيك بعثة صندوق النقد الدولي بتحقيق الأرقام الملحوظة في موازنة 2020 قياساً على عدم التزام الدولة بأرقام ‏موازنة 2019 جريمة يحاسب عليها "الفرمان"؟ خصوصاً وأنّ أحد المسؤولين الذين التقوا في الآونة الأخيرة أعضاء ‏بعثة صندوق النقد أكد لـ"نداء الوطن" أن البعثة غير واثقة من التزام لبنان الرسمي بالأرقام نتيجة التباطؤ الحاصل في ‏تنفيذ الإصلاحات، مشيراً إلى أنّ صندوق النقد يطرح ويصرّ على وضع ضرائب جديدة وإدخال زيادة على تسعيرة ‏تعرفة الكهرباء لتعزيز الإيرادات، وأضاف نقلاً عن أعضاء هيئة الصندوق أنّها تصف الوضع في لبنان بـ"الدقيق وقد ‏يصل إلى مرحلة الخطر إذا لم تسارع الدولة إلى الالتزام بتنفيذ الخطط الإصلاحية"، متوقعاً في ضوء ذلك أن يكون ‏تقرير صندوق النقد المرتقب صدوره أواخر الشهر الجاري "قاسياً ومطابقاً لتوصيف بعثة الصندوق وهواجسها‎".‎
‎ ‎
ومع عودة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إلى بيروت، تستأنف جلسات مناقشة مشروع الموازنة اليوم أعمالها، ‏في وقت علمت "نداء الوطن" أنّ وفداً من "اللقاء الديموقراطي" والحزب "التقدمي الاشتراكي" سيزور الحريري ‏اليوم لعرض رؤية "الاشتراكي" الإصلاحية في الملف الاقتصادي وفي مشروع موازنة 2020 والملاحظات ‏الموضوعة على ملف قطاع الكهرباء، حيث، وبحسب المعطيات، كان الحزب "الاشتراكي" قد أعدّ ملاحظات علمية ‏وتقنية في هذا المجال تتمحور حول آلية التلزيم المقترحة ودفاتر شروط منتجي الطاقة المستقلين

2019-10-01

دلالات: