جريدة صيدونيانيوز.نت / هَيْدي ثورة

جريدة صيدونيانيوز.نت / أخبار لبنا ن / نداء الوطن ....هَيْدي ثورة

 

جريدة نداء الوطن 

إنها الثورة... حاولوا إخمادها بالطرق القمعية التقليدية لكنهم لم يستطيعوا إطفاء جذوتها فاستعرت وانتشرت كالنار في هشيم السلطة على امتداد الخريطة اللبنانية، حتى إذا ما نام أهل الحكم على وسادة القمع مطمئني البال ليلة الجمعة، سرعان ما استفاقوا صباح السبت على زلزلة عروش طائفية ومذهبية ومناطقية كسّرت المحرمات وحطّمت "أصنام التمور" وكفرت بزعامات كانت حتى الأمس القريب "أنصاف آلهة".

نعم إنها الثورة... بدليل اهتزاز قدسية "الثنائي الشيعي" في عقر بيئته "الحاضنة" جنوباً وبقاعاً، وانزلاق التربة من تحت أقدام العهد العوني في عمق بيئته المسيحية، في مشهد لا شك أنه يشكل منعطفاً مفصلياً في المشهد الوطني لن يكون ما بعده كما قبله.

نعم إنها الثورة... وقد اتسعت رقعتها على أرضية وطنية صلبة إسلامية - مسيحية وبات من الصعب على أهل السلطة فك لحمتها والتحامها. ثورة تطايرت معها الخيم والسقوف العالية من فوق الرؤوس الحامية فتشظّت الحصانات الرئاسية والسياسية والطائفية والمذهبية من أعلى الهرم إلى أسفله ولم يعد في الأفق ما عاد يعوّل عليه الناس ويرجونه من طبقة حاكمة مستحكمة بمفاصل الدولة على مدى عقود وعقود من الفشل والوعود.

وفي إطار يندرج ضمن سياق تنظيم الحراك المدني صفوفه بما يرقى إلى مستوى مواكبة ثورة اللبنانيين، علمت "نداء الوطن" أنّ 11 منظمة من الحراك باشرت بعقد سلسلة من الاجتماعات للبحث في سبل تأطير جهودها ضمن خطة عمل موحدة، وقد استقرّ الاتجاه نحو اختيار مندوبين عن كل منظمة حراك مدني لتشكيل لجنة تنسيق مشتركة كخطوة أولى على طريق توحيد الصفوف والجهود.

بالتوازي، وعلى خط محاولة السلطة استلحاق ما يمكن استلحاقه قبل انهيار الهيكل، من المفترض أن يدخل رئيس الجمهورية ميشال عون اليوم بثقله على المشهد العلني الإعلامي بعدما أخفقت إطلالة الوزير جبران باسيل من قصر بعبدا في تأدية الغرض منها، إذ وبحسب المعلومات غير الرسمية التي توافرت لـ"نداء الوطن" فإنّ عون سيطل على اللبنانيين اليوم بكلمة مكتوبة ليحاول امتصاص نقمتهم عبر جملة من الخطوات الإصلاحية التي سيؤكد أنه يعتزم اتخاذها ومن بينها وضع آلية لاستعادة المال العام المنهوب، في حين كانت إطلالة للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أمس رسم خلالها خطاً أحمر عريضاً حول "العهد" مؤكداً أنه ممنوع من السقوط في ما اعتبره مراقبون مجاهرة من نصرالله لأول مرة بأنّ هذا العهد هو عهد "حزب الله" ربطاً بكون رئيس الجمهورية هو بالأساس مرشح "الحزب" الذي عبّد الطريق أمام وصوله إلى سدة الرئاسة الأولى وبالتالي فإنه لن يسمح بإسقاطه تحت أي ظرف من الظروف تحت طائل سلسلة تهديدات مباشرة وغير مباشرة سطّرها نصرالله، سواءً في ما يتصل بتأكيده وجوب عدم السماح باستقالة الحكومة التي يرأسها الرئيس سعد الحريري أو في ما خصّ انتقاده ركوب رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط موجة الشارع، مع تلويحه في المقابل بإمكانية لجوء "حزب الله" إلى خيار النزول إلى الشارع إذا اقتضت مصلحة الحزب ذلك.

ومع تناقص عدّاد الـ72 ساعة الذي أمهل من خلاله رئيس الحكومة شركاء التسوية والحكم لحسم توجهاتهم، تحوّل "بيت الوسط" بالأمس إلى ما وصفه الحريري بـ"خلية نحل" جمعته إلى ممثلي عدد من الكتل للتباحث في وضع حلول سريعة وخطوات إصلاحية بنيوية جدية تحاكي تطلعات اللبنانيين المنتفضين بشكل يشمل إنجاز موازنة خالية من أي ضريبة أو رسم، مقابل تأمين مساهمة وازنة لقطاع المصارف في عملية زيادة الإيرادات وخفض العجز بالإضافة إلى لائحة ضرائب ورسوم تطال الطبقة الرأسمالية الغنية بما يلحظ فرض ضريبة على الأملاك البحرية. وإذ يعتزم رئيس "الاشتراكي" إرسال ورقة مقترحات حزبه الإصلاحية إلى رئيس الحكومة اليوم جواباً على ورقة أفكار وحلول كان الحريري قد أرسلها إلى كليمنصو أمس، بادر حزب "القوات اللبنانية" من ناحيته إلى حسم قراره بإعلان رئيس الحزب سمير جعجع منتصف الليل قرار تكتل "الجمهورية القوية" الطلب من وزرائه الاستقالة من الحكومة، انطلاقاً من قناعته بأنها "عاجزة عن القيام بالخطوات المطلوبة لإنقاذ الوضع الاقتصادي والاجتماعي"، حسبما قال جعجع، مجدداً المطالبة بتشكيل حكومة جديدة "بعيدة كل البعد عن الأكثرية الوزارية الحالية"، التي رأى أنّ معظم مكوناتها تريد الاستمرار بسياسة "الترقيع والمسكنات ولا نية لديها بأي إصلاحات جدية وجذرية". وفي ضوء الاستقالة القواتية، تتجه الأنظار إلى ما سيؤول إليه مصير جلسة مجلس الوزراء المرتقبة اليوم والتي يصرّ رئيس الحكومة على ربط انعقادها بوجوب أن تخرج بمقررات حاسمة وسريعة.

في الغضون، وإزاء ملاحظة المراقبين تفاعلاً ديبلوماسياً خجولاً مع مجريات الأحداث اللبنانية، عزت مصادر مطلعة هذا الموضوع إلى القول: "حتى الدول الكبرى فوجئت بسرعة تمدد الحراك الشعبي في الشارع وخروجه عن السيطرة"، وأفادت المصادر "نداء الوطن" أنّ "الفرنسيين على سبيل المثال جددوا خلال الساعات الأخيرة استعدادهم لتقديم كل ما يمكنهم تقديمه مع الاتحاد الأوروبي لمساعدة لبنان على إنقاذ وضعه الاقتصادي في حال أقرت الموازنة والإصلاحات الجذرية المترافقة معها، في وقت لا تزال الولايات المتحدة في طور مراقبة المشهد اللبناني وتحليله عن بُعد خصوصاً وأنّ السفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد موجودة منذ ثلاثة أيام في قطر مع الطاقم العسكري للسفارة الأميركية برفقة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شينكر، كما أنّ بريطانيا تعتبر أنّه ليس بمقدورها الاضطلاع بأي دور حالياً من دون أن تكون هناك بداية حلول داخلية يمكن التأسيس عليها بين الدولة اللبنانية والانتفاضة الشعبية".

2019-10-20