Sidonianews.net
---------------
غسان الزعتري / إعلام بلدية صيدا
شارك رئيس إتحاد بلديات صيدا الزهراني ، رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي في أعمال مؤتمر " الإنتخابات معبر إلى التغيير والحكم الرشيد" الذي أقيمت فعالياته قبل ظهر اليوم في جامعة القديس يوسف في بيروت ، بدعوة من مرصد الوظيفة العامة والحكم الرشيد في الجامعة، وبالتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور.
وبعد تقديم من الدكتور شربل مارون ( مدير الجلسة التي شارك فيها المهندس السعودي وهي بعنوان : الإنتخابات البلدية وسيلة لتحقيق المشاركة والحكم الرشيد)، ألقى المهندس السعودي كلمته في المؤتمر عارضا لتجربة بلدية صيدا في التنمية، مؤكدا أنه " من خلال تجربتنا في العمل البلدي خلال الإثنا عشر سنة الماضية أثبتنا أن البلدية هي الجهة الأفضل لكل أعمال التنمية".
وفيما يلي نص الكلمة التي ألقاها المهندس السعودي في المؤتمر:
بسم الله الرحمن الرحيم.
لا شك من أن مفهوم العمل البلدي تطور كثيرا خلال السنوات الماضية، فبعد أن كان محصورا بالخدمات التقليدية كما يقال "حراسة وكناسة"، واعمال الصيانة الروتينية ضمن نطاق البلدية، أصبح اليوم مختلفا تماما ويطال كافة المجالات التنموية التي لها انعكاس على كافة الصعد اقتصاديا وبيئيا وحضاريا وتجاريا واجتماعيا وغيرها...
لن أخوض في الجانب القانوني من النقاش حول تطوير اللامركزية الادارية، بل ساركز على الجانب العملي الذي تعاطيت معه خلال ال 12 سنة الماضية، من خلال استغراض بعض المشاريع التي انجزناها وانعكاساتها على الصعد التي ذكرناها.
طبعا ابدأ بجبل النفايات، الإنجاز الأبرز لمجلسنا البلدي، والذي للاسف كان على مدى سنوات جاثما على صدر مدينة صيدا بكل اثاره السلبية صحيا وبيئيا وسياحيا وغيرها.
ضمن الطرق التي اعتمدت سابقا في لبنان لمعالجة هكذا المشكلة، كان يكفي أن تقوم البلدية باقفاله، والعمل على نقل ما يمكن نقله من نفايات متراكمة الى موقع اخر، اي فعليا نقل المشكلة الى مكان آخر، وترك القسم الآخر لسنين من العوامل الطبيعية، وهذا كان ليعتبر بالمعايير التقليدية انجازا.
لكن بمعايير التنمية ومسؤولية البلدية في هذا المجال، قمنا بتنفيذ المشروع عبر استحداث مساحة للردم في البحر اكسبت صيدا 550.000 مترا اضافيا من المساحة، خصص جزء منها لاقامة مطمر صحي معزول احتوى كل جبل النفايات القديم بعد معالجته، وخصصت 35.000 مترا لاقامة حديقة عامة، وباقي المساحة المستحدثة سيتم تخصيصها لمرافق عامة واستكمال مشاريع حيوية اخرى مثل تكرير المياه المبتذلة وغيرها. وهكذا، تحول مشروع كان يمكن تنفيذه تقليديا، الى مشروع تنموي، تنفست صيدا اثاره بيئيا، واكتسبت من خلاله القدرة على الجذب السياحي، ومساحات لتطوير المرافق والخدمات العامة.
ولكي يكون الحل مستداما، ليس منطقيا أن نزيل جبل نفايات ونترك الموضوع مفتوحا امام تراكم جبل آخر. من أجل ذلك، ترافق المشروع مع الانتهاء من تجهيز معمل متطور لمعالجة النفايات المنزلية الصلبة في صيدا وازالة كل العقبات التي اعاقت تشغيله سابقا، واصبح اليوم يخدم صيدا ومحيطها وجزين ويستقبل يوميا حوالي 500 طنا من النفايات الصلبة ( 250 طنا منها من بيروت)، ويقوم المعمل بفرزها الى مواد صالحة لاعادة التدوير والى اسمدة عضوية، كما يتم التخلص من الغازات السامة الناتجة عن النفايات عبر استعمالها لتوليد طاقة يشغل بها المعمل نفسه وينير الشوارع المحيطة به.
هذه المشاريع اسست لخطط التنمية التي وضعتها البلدية. فعلى مقربة من موقع جبل النفايات سابقا، تم انشاء مرفأ تجاري جديد يبلغ طول ارصفته 1200 مترا وبعمق 9 امتار، مما يؤهل مدينة صيدا لاستقبال السفن العملاقة، ويعزز نمو الحركة التجارية في المدينة. وتم تحويل المرفأ القديم الملاصق للقلعة البحرية الى ميناء للصيادين فقط، مما يعزز تنمية السياحة اذا أنه من غير المقبول أن يكون المرفأ التجاري وسفنه العملاقة ملاصقا للمعالم السياحية الأثرية.
ازيل جبل النفايات، اقيم مرفأ تجاري، نشطت الحركة السياحية، فكان لا بد من أن يترافق هذا مع تنمية تطال السوق التجاري في المدينة القديمة، الذي يشكل نقطة استقطاب تجارية وسياحية مهمة جدا. فقمنا على مدى سنوات بتنفيذ مشروع اعادة تأهيل الوسط التجاري، بالبنى التحتية الحديثة أولا، ومن ثم ورشة عمل حولت كل السوق التجاري الى منطقة تراثية متكاملة مع محيطها، يمنع دخول السيارات اليها وتخصص فقط للمشاة، وهذا ساعد بشكل كبير على تحسين الحركة التجارية والسياحية في السوق.
صيدا، مدينة صغيرة المساحة جغرافيا واداريا، حيث لا تزيد مساحتها عن 8 كلم مربع... ونتيجة مراسيم استملاك عمرها عشرات السنين، حرمت صيدا من حوالي 40% من مساحة عقاراتها. 40% حرمت منها المدينة بشكل عام، وحرم منها مالكو هذه العقارات من استثمارها بشكل خاص، فكان أن اخذت البلدية على عاتقها تحرير هذه المساحة واستعادتها، ضمن مشروع الضم والفرز. كان من السهل جدا أن تعاد العقارات لاصحابها، سواء كما هي، او بتقسيم سريع يرضي الجميع تجاريا، لكنه لا يخدم المدينة تنمويا. من أجل هذا، وضعنا أكثر من مشروع ودراسة حول الطريقة الأمثل لتنفيذ هذا المشروع، بشكل يلحظ معايير التنظيم المدني والتخطيط العمراني الحديث، ومعدل المساحات الخضراء والطرقات، بحيث يشكل هذا المشروع فرصة لنواة نموذجية تنعكس ايجابيا على تنمية المدينة عمرانيا وبيئيا وتجاريا.
لن اطيل في سرد المشاريع التنموية، لكن لا بد لي قبل أن اختم كلمتي، وبما أن صيدا مدينة عمرها 6000 عام، وتختزن ما تختزن من عبق التاريخ، ساختار من بين مشاريع التنمية السياحية التي اقمناها في المدينة من ترميم واعادة تأهيل المواقع الأثرية والقلاع، مشروعا واحدا فقط، وهو مشروع متحف صيدا التاريخي، الذي يقع في منطقة اثرية داخل المدينة القديمة، بحيث سيقام على مساحة ضخمة فوق موقع الحفريات الأثرية نفسه، بحيث سيكون بامكان الزوار مشاهدة مواقع الحفريات السابقة أسفله، وسوف يحتوي اكثر من 1000 قطعة اثرية عثر عليها في هذا الموقع حتى الآن. مشروع سوف تكتمل به عناصر التنمية السياحية، التي سوف تنعكس أيضا على سوق المدينة التجاري والحركة فيه.
إن عملية التنمية لا يمكن فصل عناصرها عن بعضها، فكل المشاريع التي ذكرتها، ما كانت لتكتمل رؤيتها بدون بعضها البعض، فلا يمكن القيام بمشروع يستهدف التنمية السياحية ولديك على مقربة منه مكب للنفايات، او ان تقوم بإنشاء مرفأ تجاري جديد والسوق التجاري نفسه بحاجة الى اعادة تأهيل، وهكذا. وهذه امور وتفاصيل لا يمكن أن يعرفها من هو من خارج المدينة، فأهل مكة ادرى بشعابها.
لذلك، فاننا من خلال تجربتنا في العمل البلدي خلال الاثنا عشر سنة الماضية، اثبتنا ان البلدية هي الجهة الأفضل لكل اعمال التنمية، وأنه لا بد من تطوير القوانين لناحية تعزيز اللامركزية الادارية على مستوى المدن والأقضية، لكي تتمكن البلديات او مجالس الأقضية كما هو مقرر انشاؤه، اخذ زمام المبادرة بما يخدم كل منطقة وخصوصيتها الجغرافية والتاريخية، وبما يعكس فعليا حاجاتها التنموية، لكي لا تبقى التتنمية اسيرة الروتين الاداري والخطط البيروقراطية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
-------------
جريدة صيدونيانيوز.نت
بالصور: السعودي شارك في مؤتمر "الانتخابات معبر إلى التغيير والحكم الرشيد" في جامعة القديس يوسف - بيروت : البلدية هي الجهة الأفضل لكل أعمال التنمية
2021-12-09