Sidonianews.net
--------------------------
الجمهورية / جورج شاهين
لن يطول الشغور في موقع السفيرة الاميركية في بيروت لأكثر من 11 او 12 يوماً. فالسفيرة دوروثي شيا ستغادر في 29 من الجاري للالتحاق بمركزها الجديد في نيويورك على ان تلتحق خليفتها ليزا جونسون بمركزها بين 10 و11 كانون الثاني المقبل. وعليه، طرحت الأسئلة حول كثير من مهمة السفيرتين والظروف التي رافقت تعيينهما في بيروت. ليبقى الرهان على الاجوبة ربطاً بالاستراتيجية الاميركية المقبلة، فالسفراء ليسوا من صانعي القرارات وإنما هم من ينفذها.
قبل أحد عشر شهراً تقريباً ظهرت التقلبات في موقع رأس الديبلوماسية الاميركية في بيروت بعدما أمضت شيا سنتها الأولى من مهمتها خلال السنة الاخيرة من ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب الذي عيّنها في بيروت، وتسلّمت مهماتها في العام 2020 قبل عام تقريبا على انتخاب الرئيس جو بايدن خلفاً له في 4 كانون الأول من العام 2020 وتسلّم مهماته في نهاية ولايته في 20 كانون الثاني من العام 2021، ليكون الرئيس الـ46 في تاريخ الولايات المتحدة الاميركية.
ومن يعود الى تلك الفترة لا يمكنه سوى التوقف امام مسلسل الشائعات التي راجت في بيروت عن تغييرات ديبلوماسية كبيرة تُطاوِل الطاقم الديبلوماسي الاميركي على خلفية الحديث عن نفضة ديبلوماسية لمجرد انتقال السلطة من الجمهوريين الى الديمقراطيين، واحتسبت السفيرة شيا خطأ على انها من فريق ترامب وستغادر لبنان في اقرب فرصة ممكنة.
وبعد فترة قصيرة تراجعت هذه الروايات ليحل مكانها الحديث عن علاقات جيدة بين وزير الخارجية الجديد أنتوني بلينكن وشيا، فاستقرت الأمور وتراجعت السيناريوهات التي تحاكي التغييرات المحتملة على هذا المستوى ولفترة امتدت عامين، الى ان رشّحها بايدن في الثالث من كانون الثاني 2023 لتكون نائبة ممثل الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ونائبة ممثل الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي في دورات الجمعية العمومية للمنظمة الدولية.
وبعد ايام على هذا الاقتراح أعلن بايدن في 13 شباط الماضي تسمية ليزا جونسون التي كانت تشغل «منصب نائبة مساعد وزير الخارجية لشؤون أوروبا وآسيا في مكتب مكافحة المخدرات وإنفاذ القانون» لتكون سفيرة فوق العادة ومفوضة لدى الجمهورية اللبنانية خلفاً لشيا، بعد أقل من 4 اشهر على تسلّمها مهماتها كقائمة بأعمال نائب مساعد وزير الخارجية في 11 تشرين الأول 2022 ـ ولم يَحل ذلك دون الاشارة الى انّ شيا ستبقى في مركزها نظراً لحساسية الموقف والوضع في لبنان وأنها باتت خبيرة في الشؤون اللبنانية، خصوصاً انها انضمّت الى الفريق الديبلوماسي الذي جمع المعنيين الكبار بالملف اللبناني في «لقاء باريس الخماسي» في 6 شباط الماضي، وقيل يومها ان التغيير لن يتحقق بالسرعة القصوى. وهي الحال التي وصف بها التمديد للسفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو بعدما شكّلت وشيا عضوين من الفريق الخماسي الذي سيناقش الوضع في لبنان، وجَمعَ بالإضافة الى بلديهما كلّاً من مصر والمملكة العربية السعودية وقطر.
وعليه، فقد عبرت اشهر عدة لم يتردد فيها أي جديد حول التغيير المُعلن عنه في السلك الديبلوماسي الاميركي في بيروت، الى ان أعلن عن مثولها أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي في 16 أيار 2023، لتتقدم بشهادتها أمام أعضائها من ضمن الإجراءات التي يخضع لها أي ديبلوماسي أميركي للتثبّت من قدرته على تولّي المسؤوليات في البلد الجديد الذي سيمثل بلاده فيه.
وانطلاقاً من معرفتها الدقيقة بالوضع في لبنان فإنّ جونسون سبق لها ان أمضَت سنتين من خدمتها الديبلوماسية فيه ما بين العامين 2002 و2004 حيث بنت علاقات وثيقة مع أشخاص ومؤسسات من مواقع مؤثرة مختلفة. ولذلك كان من السهل عليها مقاربة الملف اللبناني من مختلف جوانبه عدا عمّا خصصته من وقت لمتابعة الجديد حول الوضع في لبنان والمنطقة. ولا يتجاهل العارفون أنها كانت تطالع الجديد والسرّي المتصل بالوضع من خلال موقعها وبما فوق الاراضي اللبنانية وتحتها عندما عيّنت مديرة لمجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط منذ عام 2001، ومديرة لمكتب إسرائيل السياسي - العسكري في مكتب شؤون الشرق الأدنى في الخارجية، ومراقبة في مركز العمليات في مكتب شؤون الشرق الأدنى، ونائبة لقائد الكلية الحربية الوطنية الأميركية ومستشارته للشؤون الدولية، ومديرة مكتب أفريقيا والشرق الأوسط في»مكتب الشؤون الدولية لمكافحة المخدّرات وإنفاذ القانون». وعليه، فقد تمكنت من تقديم صورة واضحة أمام لجنة الشؤون الخارجية لإجراء مقاربة تنبّأت فيها بما هو متوقع من تطورات دقيقة مَكنتها من تأكيد الآتي:
- انّ الشعب اللبناني يتحمل تكاليف تقاعس قادته، بعد ان فشلوا في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الحاسمة المطلوبة لبرنامج صندوق النقد الدولي، وهو المسار الواقعي الوحيد للبلاد نحو التعافي.
- عبّر المسؤولون عن فشلهم الذريع بعدم انتخاب رئيس للجمهورية ولم يشكلوا حكومة لقيادة الشعب اللبناني وحرموه من أبسط حقوقه.
- ندرك انّ الطريق إلى الأمام واضح. ويجب على لبنان انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة مخوّلة تنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها.
- أتطلّع الى الدور المطلوب مني عند تعييني، وأتطلع الى مواصلة جهود الولايات المتحدة لدعم الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني في كل خطوة على الطريق.
- أهنّئكم من اليوم وأثَمّن دعمكم للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي كشركاء موثوقين في الحفاظ على استقرار لبنان وأمنه. فقد قدمنا اكثر من 3 مليارات دولار من المساعدات، ما مَكّنهم من تعزيز سيادة لبنان، والتخفيف من عدم الاستقرار، والتصدي للإرهابيين، ومواجهة رواية «حزب الله» الكاذبة بأنّ أسلحته ومقاتليه غير المشروعين ضروريان للدفاع عن لبنان».
- علينا ان نجدد الالتزام بـمهمة «اليونيفيل» وسلامة أفراد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، الذين يأدّون دوراً حاسماً في نزع فتيل التوترات في جنوب لبنان».
- أشجّع على مواصلة ما تقدمه واشنطن من مساعدات للشعب اللبناني وأيضاً للاجئين السوريين واللبنانيين الضعفاء».
- إنّ الطريق إلى الأمام بالنسبة الى لبنان لن يكون سهلا. إنني أدرك تماماً أن هناك كيانات تقف في طريق التقدم، سعياً وراء المصلحة الذاتية. ولذلك فإنّنا ملتزمون بمكافحة الفساد في لبنان، وهو ما سأواصِل إعطاءه الأولوية، إذا تمّ تأكيده.
- أنا على دراية واضحة بالتهديد الذي يشكله «حزب الله» على سيادة لبنان واستقراره، وكذلك على الولايات المتحدة وإسرائيل والمنطقة، كما تظهر العقوبات الأميركية الأخيرة ضد الممولين ومهربي المخدرات وشبكة التهرّب من العقوبات. الولايات المتحدة ملتزمة استهداف أولئك الذين تربطهم صلات بـ»حزب الله».
- انا على اقتناع بأن هناك «سبباً للتفاؤل» مشيرة الى «إبرام لبنان اتفاقية تاريخية للحدود البحرية مع إسرائيل بوساطة الولايات المتحدة».
هذا غيض من فيض ما لدى السفيرة الجديدة من معرفة دقيقة بالملف اللبناني، وهي ستلتقي في الساعات المقبلة وزير الخارجية عبد لله بوحبيب الموجود في واشنطن حيث يمضي عطلة نهاية السنة. وهو سيكون في استقبال شيا هناك، فإن حَرمه وجوده خارج البلاد ان يحظى بوداعها فهو سيلتقيها فور عودتها الى واشطنن في اول ايام السنة الجديدة.
---------------------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / تنبؤات خليفة شيا: معرفة دقيقة بما فوق أرض لبنان وتحتها
2023-12-23