Sidonianews.net
---------------------
الجمهورية
د. فؤاد زمكحل
رئيس الإتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين MIDEL وعميد كلية إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف USJ
الإجتماع الذي عُقد أخيراً بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والرئيس السوري أحمد الشرع، طوى صفحة ماضية من التكهُّنات وعلامات الإستفهام حيال مستقبل سوريا، من بَعد تغيير النظام، مفتتحاً صفحة جديدة إيجابية وجذّابة. فما هي التداعيات المباشرة وغير المباشرة على لبنان؟
منذ تغيير النظام في سوريا، طرأت علامات استفهام عديدة، وتكهُّنات حيال الخطوات التالية، وكان البعض يُراهن على حرب أهلية، أو مشاريع تقسيم. لكنّ المفاجأة الكبرى والسريعة غير المتوقعة كانت من خلال التأييد والدعم الذي لقِيَه الرئيس السوري من الرئيس الأميركي، وتُرجِم برفع العقوبات تدريجاً عن سوريا.
إنّ القرار جاء سريعاً وجذرياً، ليس فقط لسوريا لكن أيضاً للبنان والمنطقة، ويفتح الباب أمام ورشة الإعمار التي ينتظرها العديد منذ حوالى 14 عاماً، إذ إنّه بسرعة فائقة سيُغيّر المرحلة الجديدة كلياً، وخصوصاً الإقتصادية منها، وسيؤثر إيجاباً على لبنان والمنطقة.
شئنا أم أبَينا، بكل موضوعية وشفافية، إنّ الإقتصادَين السوري واللبناني يترابطان، بطريقة مباشرة وغير مباشرة. فعدم الإستقرار في سوريا يؤدّي إلى عدم الإستقرار على لبنان، كما أنّ إعادة الإنماء والإستثمار والإستقرار في سوريا تؤثر إيجاباً على لبنان واقتصاده.
فجَوّ التفاؤل والإيجابية الذي بدأ يلوح في الأفق، من إعادة الإعمار والإستثمار وورشة إعادة الهيكلة الداخلية والإقتصادية، سينسحب بالطبع على لبنان، وعلى جميع القطاعات الإنتاجية أبرزها:
أولاً، سيستفيد القطاع التجاري الذي سيُبنى من جديد على أساس التبادل التجاري الشرعي والمنظّم، عوضاً عن الاقتصاد الأسود الماضي، والتبادل التجاري غير الشرعي، المبني على التهريب والترويج والتسليح. فبناء التبادل التجاري الجديد والرسمي والشفاف سيكون بالطبع لمصلحة البلدَين.
أمّا عن القطاع الزراعي، فلا شك في أنّ افتتاح الممرّات والمعابر سيؤدّي من جديد إلى تصدير البضائع اللبنانية وكل منتجاتها ومعلّباتها الزراعية، ليس فقط إلى السوق السورية، لكن أيضاً إلى كل المنطقة عبر حدودنا البرية الوحيد السالكة من جديد ومن دون مخاطر.
أمّا بالنسبة إلى القطاع الصناعي، فنلاحظ أيضاً أنّ مصانعنا ومعاملنا مهيّأة لتلبية كل حاجات السوق في كل المجالات، وخصوصاً في ورشة إعادة الإعمار. علماً أنّ جزءاً كبيراً من المصانع السورية قد نقلت معدّاتها إلى بلدان أخرى، وسيكون من الصعب إعادتها إلى الأراضي السورية قبل سنوات.
عن القطاع السياحي، لا شك في أنّ هذا القطاع المنتج، إذ يربط لبنان بسوريا، فالسُيّاح الذين سيزورون سوريا الجديدة سيمرّون من لبنان وعبره، والعكس صحيح. فالإستقرار في سوريا والمنطقة سيجذب حركة سياحية كبيرة وبنّاءة.
لا شك، سيستفيد أيضاً القطاع المصرفي، الذي من بعد رفع العقوبات، ونتمنّى إعادة هيكلته الداخلية، سيكون جاهزاً لإستقطاب الإستثمارات وتدفّق الأموال لإعادة إعمار سوريا بحسب المعايير الدولية.
أخيراً، الإستقرار في سوريا وورشة إعادة الإعمار، سيسمحان بإعادة جزء كبير من اللاجئين وخصوصاً المقيمين في لبنان، الذي سيُخفّف جزءاً كبيراً من الأعباء والتكاليف على البنية التحتية اللبنانية من جهة، ويساعدون ويشاركون من جهة أخرى في ورشة إعادة إعمار بلدهم ومنازلهم وإقتصادهم.
في المحصّلة، ثمة صفحة جديدة بدأت في لبنان وسوريا والمنطقة، ومن الضروري الإستفادة من هذه الفرصة الفريدة المتاحة أمامنا، وأن يكون لبنان اللاعب الأبرز في هذه الورشة البنّاءة لإعادة الإعمار والهيكلة وبناء الاقتصاد. فعلينا كلبنانيِّين ألّا نُضيّع هذه الفرصة، لكن أن نستفيد منها بكل إيجابية وموضوعية. لقد انتظرنا عقوداً حتى هذا الوقت، واصطفاف الكواكب الراهن، لذا علينا أن نبني ونستفيد من هذه المرحلة الجديدة المتاحة، وألّا نكون مجدّداً ملوك الفرص الضائعة.
--------------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / أخبار لبنان / ما بعد رفع العقوبات عن سوريا وتداعياته على لبنان
2025-05-27