Sidonianews.net
-----------------------
الجمهورية / شربل البيسري
أقفِلَ ملف الانتخابات البلدية والاختيارية السابعة في تاريخ لبنان (كان من المفترض أن تكون الـ14 لولا سلاسل التمديد)، على كَمّ هائل من الفائزين وقلّة من الخاسرين، مؤكّداً أنّ في السياسة اللبنانية لا خاسر بل إنّ الجميع رابح، لأنّ المعارك تُخاض بالقطعة وبتحالفات توافقية إرضاءً للجميع، لكنّ المعركة كانت اختباراً جدّياً وأساسياً للكتل الحزبية الصلبة، قبل موقعة الانتخابات النيابية في أيار 2026.
يُعدّ «التغييريّون» أقلّ مَن اختبر كتلته الصلبة، وأكثر من وُجِّهت إليهم الأصابع بأنّهم أقلّ مَن فاز. بيد أنّ الواقع يُقرَأ بطريقة أخرى، إذ إنّ التغييريّين لم يخوضوا معارك عدة وبارزة سوى في 3 مدن رئيسة (بيروت، بعلبك، وصور).
صحيح أنّهم لم يخرقوا أو يفوزوا في هذه المدن الثلاث، إنّما عشرات الشبان والشابات خاضوا معارك منفردة في بلدات أخرى، ومعظمهم دخل المجالس البلدية. وذلك كلّه، من دون العمود الفقري للأصوات التغييرية: الاغتراب (أكثر من 50%).
بالأرقام ساهم المغتربون بوصول معظم نواب التغيير، وحتى أنّ التغييريِّين كانوا أكثر مَن ينال أصواتاً اغترابية بين جميع القوى السياسية الأخرى في الانتخابات النيابية الماضية.
لذلك، ينظر التغييريّون بحذر كبير إلى دائرتَي الشمال الثانية (كان للاغتراب الدور الأساس لتأمين الحاصل النيابي) وبيروت الثانية في الانتخابات النيابية، إذ سيحتاجون إلى رافعة اغترابية كبرى لاستعادة حاصل الأولى، وللحفاظ على حاصلَين بدلاً من 3 في الثانية.
فيما أنّ معركتَين جديدتَين يُرتقَب أن يدخلوهما: دائرة الجنوب الثانية (صور-الزهراني) والبقاع الأولى (بعلبك-الهرمل) لخرق المقاعد الجانبية على الحواصل (الكاثوليكي)، مع استمرار تموضعهم في الجنوب الثالثة (النبطية-بنت جبيل-مرجعيون-وحاصبيا) وجبل لبنان الرابعة (الشوف-عاليه).
«القوات» تؤكّد تواجدها
على مستوى «القوات اللبنانية»، فهي - إلى جانب «حزب الله» و«أمل» و«التيار الحر» - أكثر مَن حَصَد أصواتاً ومقاعد على مستوى كل لبنان، ولو بالمفرّق. بيد أنّ «القوات»، التي باتت تهدّد وجود «الكتائب» (الذي من الطبيعي لها التحالف معه بسبب التقارب الإيديولوجي) النيابي في أكثر من دائرة، وتحديداً في دائرتَي بيروت الأولى وجبل لبنان الأولى (كسروان-جبيل).
على رغم من خسارتَها في زحلة وتوافقها مع «التيار» في البترون لعدم تضاؤل حجمها وإرفادها بأصوات السنة و«الثنائي الشيعي» في بيروت، اختبرت «القوات» كتلتها الصلبة المقيمة محققةً نمواً طفيفاً ممّا يُنذر بجهوزيّتها للانتخابات النيابية.
«الكتائب» يتدهور و«التيار» يُثبت وجوده
أمّا حزب «الكتائب» فمُنِي بهزائم بالجملة من المتن إلى كل الجبل فالشمال والبقاع، ولم يكن له سوى وجود صُوَري أهداه إياه «حزب الله» في بيروت، ويُعتبَر من أكثر المتراجعين، ولا يملك رافعةً اغترابية تؤخذ في حسبان التأثير على أي حاصل نيابي.
في المقابل، فرمل «التيار الوطني الحر» تراجعاته، معيداً إثبات حضوره على الساحة المسيحية من الشمال إلى الجبل، فالبقاع وجزين، لكنّه لم يخض معارك طاحنة أو اختبارات جدّية لكتلته الصلبة سوى في جزين، حيث فاز بفضل التحالفات التي قد تُعيد له مقعداً نيابياً في دائرة الجنوب الأولى (صيدا-جزين).
في خارج الاختبارات الحزبية، كان آل المر العائلة الوحيدة التي تُعيد إثبات حضورها البارز من دون أي تأثير تراجعي، بل بتفوّق هائل، نتيجة فوزهم المدوّي بضعفَي البلديات على التحالف الرباعي الذي ضمّ «القوات» و»الكتائب» والنائبَين ابراهيم كنعان والياس بو صعب.
«الثنائي» تزكية بعَينٍ حمراء
اجتهد ثنائي «حزب الله» وحركة «أمل» للاستفادة من تمديد مِهَل الانسحاب حتى قبل 7 ساعات من موعد الانتخابات البلدية والاختيارية في الجنوب، «ليفرض بالقوة والتخوين» انسحابات بالجملة، بحسب الجمعية الديموقراطية لمراقبة الانتخابات (LADE) التي سجّلت أيضاً خروقات بأعداد هائلة لسرّية التصويت من قِبل «الثنائي». وأسفرت عمليات الترهيب والتعبئة إلى تزكية 40% من الانتخابات الجنوبية، بيد أنّ الصفعة الكبرى كانت في صور وبعلبك، إذ تؤشّر هذه النسبة ألى أنّ دائرتَي الجنوب الثانية والبقاع الأولى قاب قوسَين أو أدنى من أن يَخرَقهما «التغييريِّون»، وذلك إن أُضيفت إلى ما سُجِّلت من نتائج، أصوات الأحزاب المسيحية (إذا أرادت معاقبة الثنائي) والأصوات الاغترابية.
على رغم من ذلك، أكّد «الثنائي» أنّ ثباته ليس مؤمّناً لكنّ معظمه مضمون، إذ تبقى 3 إلى 4 مقاعد للطائفة الشيعية معرّضة للخرق، لو تكتّل البعض إلى جانب التغييريِّين، وأبرزها في دائرتَي جبل لبنان الأولى والثالثة (بعبدا).
من جهة أخرى، تأكّد للحزب و«أمل» أنّ إمكانية إرفاد «التيار الحر» أو بعض التيارات الإسلامية الأخرى (الجماعة الإسلامية) في بعض الدوائر بات يُشكّل معضلة، ممّا يعني أنّ نزيفاً في أعداد النواب الموالين للحزب، خصوصاً إذا ما عاد تيار «المستقبل» إلى الساحة (بعد النجاح في اختبار بلدية صيدا)، سيكون لا مفرّ منه.
أمام هذه الانتخابات التي لم يخرج منها خاسراً سوى «الكتائب»، تنكبّ الماكينات الانتخابية الحزبية على مراجعات شاملة لتمَوضعات ناخبيها المؤيّدين، والناخبين الرماديِّين، وصولاً إلى رسم أحجام كل طرف سياسي - حزب أو عائلة أو فرد - لهندسة تحالفات قد تكون على شكل Zombie كما حدث طوال أيار، من المتن إلى الكورة، فبيروت وزحلة ثم صيدا.
----------------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / اختبار البلديات: امتحانٌ للأرضية الحزبية تمهيداً للنيابية
2025-05-28