الرئيسية / أخبار لبنان /مقالات /نتنياهو يصوّب على حل الدولتين بشعار: إسرائيل الكبرى !

جريدة صيدونيانيوز.نت / نتنياهو يصوّب على حل الدولتين بشعار: إسرائيل الكبرى !

 

Sidonianews.net

---------------------

الجمهورية

جوزف القصيفي نقيب محرري الصحافة

لم يكن إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عزمه على إحياء «دولة إسرائيل الكبرى» وفاءً منه للحدود التي رسمتها التوراة لهذه الدولة، والتزاماً بعقيدته الدينية، بل لأغراض أخرى آنية، يتخوف من أن يؤدي الأعراض عن التصدّي لها، إلى ما يشبه كرة ثلج تجرف كل من يقف في وجهها.

فبعد مؤتمر «حل الدولتين» الذي صدر عنه «إعلان نيويورك»، والذي تلاه إعتراف 15 دولة بدولة فلسطين، ومنها فرنسا وهي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، تتهيأ دولة أخرى تتمتع بالمستوى نفسه من العضوية هي بريطانيا، لتحذو حذوها في أيلول المقبل، ما لم تف إسرائيل بشروط معينة أبرزها وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية إليه، والإعلان بعدم ضمّ الضفة الغربية إلى اسرائيل، والالتزام الواضح بالعمل على «حل الدولتين». وبطبيعة الحال، فإنّ هذه المواقف المتقدّمة لـ15 دولة غربية ودول أخرى لها وزنها، ستفتح الباب واسعاً أمام إنضمام كثير من الدول التي تتقاسم الاقتناع نفسه في شأن «حل الدولتين».

وفي اعتقاد المراقبين والمحللين، أنّ روسيا والصين ليستا ضدّ هذه المقاربة، بل يدعمانها بقوة، مما يعني أنّ الحل يحظى بتأييد أربعة من خمسة أعضاء دائمين في مجلس الأمن. وإنّ الولايات المتحدة الأميركية ستكون وحدها في مواجهة شبه الإجماع الذي توافر لـ«حل الدولتين» في المجلس والجمعية العمومية للأمم المتحدة، ولو انّها ستستخدم حق «الفيتو» لإجهاض الحل، وإبقاء الاحتلال قائماً في فلسطين المحتلة، وسلب أبنائها الحق في تقرير مصيرهم. ومن هنا كان الموقف العالي السقف لنتنياهو، والذي تضمن رسالة صارخة: «لا لأقل من إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل». وهذا يعني عملياً انّه يطلق النار على «حل الدولتين»، و«يقوطب» على الغرب، ولا سيما منه أوروبا، بالحديد والنار في غزة ولبنان، وبانتزاع اعتراف من دمشق التي كانت تُسمّى «قلب العروبة النابض»، وبـ«الترانسفير» الذي تسعى إلى تحقيقه على الأرض، كائنة ما تكون الصعاب والمعوقات. وإن تقدّم نتنياهو على المحور السوري ميدانياً باقتطاع مساحات واسعة من جنوبه وضمّها إلى حدود دولته، ومصادرة الجولان، والدخول على خط الأحداث في السويداء، يعني أنّ الرجل ماض في مخططه، مطمئناً إلى أنّ الرئيس الانتقالي لسوريا أحمد الشرع لن يكون عقبة في طريق حلمه التوسعي، بدليل إجتماعي باكو وباريس وأماكن أخرى غير معلن عنها بين وزير خارجية سوريا اسعد الشيباني ووزير الشؤون الاستراتيجية في إسرائيل رون ديرمر، حيث أفادت المعلومات انّه حصلت تنازلات عدة وأساسية، سيُعلن عنها في الوقت المناسب للشرع، الذي يعمل على فكفكة عقد الداخل وألغامه.

على انّ لبنان الذي لا يزال عرضةً لاعتداء إسرائيلي يومي، وهدفاً لضغط أميركي قد يضعه في حال لم تتراجع حدّته على حافة الانفجار الداخلي الواسع، هو مع «حل الدولتين» الذي يلائمه، في ظل وجود نحو 490 الف لاجئ فلسطيني على أرضه، وأقل من نصفهم يعيشون في المخيمات الرسمية المحدّدة من الدولة، فيما يتوزع البقية على «الدياسبورا»، لكنهم مزودون وثائق سفر صادرة عن الجمهورية اللبنانية، وبالتالي، كيف يمكن لإسرائيل أن يقوم لبنان هادئ ومستقر على حدودها، وأن ليس كالفتنة الأهلية ما تصيب منه مقتلا. لذلك، فهي تتعنت في تنفيذ القرار 1701 من جانبها، وتبقي على احتلالها وتمارس الضغط الشديد على لبنان عبر واشنطن التي تتبنّى كل طروحاتها، على معرفتها بأنّها ولاّدة للفتن لا للاستقرار. ومن هنا تلاقي الإرادتين الأميركية والإسرائيلية على طي صفحة «حل الدولتين»، وإعطاء الأولوية للضغط والتهويل بالحرب، وخلط الأوراق، وخلق حزام من خراب ودمار على حدودها، ناهيك بالتأهّب المستمر لتغيير الواقع في ضوء وقائع مستجدة تسعى لفرض إيقاعها على المشهد في المنطقة.

إنّ لبنان يواجه خطر الاقتطاع والاجتزاء، وخطر التوطين، ولا يعني أنّ ذلك سيتمّ بين ليلة وضحاها، مهما عظمت التحدّيات، لكن التحوط واجب والعمل على تحصين الوحدة الوطنية وإسقاط لغة التحدّي وتجاوزها بحوار واسع، موضوعي يشارك فيه الجميع ـ جميع المكونات ـ يساعد في عبور المأزق الكبير. وهنا يُعوّل على دور رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في إدارة اللعبة والسير مستقيماً بين الخطوط المتعرجة، لأنّ لبنان فعلاً على فوهة البركان، ولا بدّ من منع انطلاق حممه خوفاً من مفاعيلها الحارقة والكاوية.

على أنّ حل الدولتين لا يعيد فلسطين كاملة إلى مدارها التاريخي، لكنه يؤسس نواة استعادة الحق كاملاً. لكن هذا الحل لا أفق له إذا لم يرتكز إلى إجماع الدول العربية، ولا سيما منها الدول الأكثر إقتداراً على التأثير في مجريات الأحداث وتطوراتها، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية.

تعليق أخير: نتنياهو الذي اعتاد على أن يطلق النار على ما هو أقل من «حل الدولتين»... لن يرمي سلاحه قبل أن يحقق كل أهدافه، أو عندما «تزف ساعته» وتقطع بطاقته مرفقة بعبارة «كش»، ولا يبدو أنّ ذلك متيسراً آلان.

-------------------------------

جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان والعالم العربي / نتنياهو يصوّب على حل الدولتين  بشعار: إسرائيل الكبرى !

 

 

2025-08-20

دلالات: