Sidonianews.net
-----------------------
الجمهورية / عماد مرمل
تستمر الضغوط بأشكالها المتنوّعة على لبنان تعويضاً عن حرب مؤجّلة وتفاوض معلّق، سعياً من أصحابها إلى تحقيق مراميهم بأقل كلفة وأقصر وقت.
يبدو الوضع اللبناني المعقّد محكوماً، أقلّه خلال الفترة الحالية، بحدَّين اثنَين: لا تفاوض ولا حرب واسعة. وبين الضفتَين تتجمّع المياه السياسية الآسنة لتُشكّل نوعاً من المستنقع الكريه الذي يُغذّيه العدو الإسرائيلي، عبر الإستنزاف الميداني المتمثل في الإعتداءات المتكرّرة، والتعطيل المتعمّد لمفاعيل اتفاق وقف الأعمال العدائية.
وليس صعباً الإستنتاج، أنّ هذا الواقع يناسب كثيراً الإحتلال الإسرائيلي، لأنّه يُبقي المبادرة في يَده ولا يُرتّب عليه دفع أي أثمان، وسط التماهي الأميركي معه وتساهل المجتمع الدولي، الذي يترك له حرّية التصرّف، بينما لا يزال لبنان الرسمي ينتظر ردّ إسرائيل عبر الولايات المتحدة، على خيار التفاوض لتحرير الأرض، كما أوضح رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون خلال لقائه وفد نقابة المحرّرين قبل أيام عدة.
ومن الواضح، أنّ تل أبيب لا تستعجل الردّ على اقتراح لبنان، منطلقةً من أنّ أولويتها هي لتنفيذ الأجندة الخاصة بها على الجبهة الشمالية، استناداً إلى هواجسها الأمنية ومصالحها السياسية، من دون مراعاة أي اعتبار آخر.
ويفترض الكيان الإسرائيلي، أنّ موازين القوى الراهنة تسمح له بأن يناور ويكسب الوقت، من دون أن يشعر بأي ضغط أو حرج، وصولاً إلى فرض الوقائع التي تناسبه على الأرض وفي السياسة.
واللافت، أنّ تل أبيب لم تكتف فقط بتجاهل الدعوات الرئاسية المتكرّرة إلى التفاوض، بل قابلتها باستمرار التصعيد العسكري وشنّ الغارات المتنقلة على مناطق تقع جنوب الليطاني وشماله، ما دفع رئيس الجمهورية إلى التعليق قائلاً: «لقد وصلت الرسالة».
وفحوى الرسالة، أنّ قيادة الكيان الإسرائيلي لا تريد الذهاب إلى طاولة المفاوضات في توقيت لبنان ووفق أجندته، وإنّما في توقيتها وربطاً بجدول الأعمال الذي تُحدِّده هي، وبالتالي فإنّ رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، يفترض أنّ في إمكانه، قبل الإنتقال إلى المسار السياسي، استغلال الظرف الحالي حتى أقصى الدرجات الممكنة، ليحقق بالقوّة الأهداف الآتية:
- إنهاك لبنان من خلال مواصلة حرب الاستنزاف الراهنة، ليصبح جاهزاً للخضوع إلى الإملاءات الإسرائيلية.
- استكمال عملية تكريس معادلات الأمر الواقع الجديد عبر توجيه مزيد من الضربات إلى «حزب الله»، بحجة أنّه يُعيد ترميم قدراته، وبناء الجدار الإسمنتي الفاصل على الجانب اللبناني من الحدود، كما أكّدت «اليونيفيل»، وتثبيت المنطقة العازلة التي يُراد لها أن تكون منزوعة السكان، وإطالة أمد الاحتلال لأجزاء جنوبية.
- دفع لبنان عندما تحين اللحظة المؤاتية إسرائيلياً إلى التفاوض السياسي المباشر خارج إطار لجنة «الميكانيزم».
- زيادة الضغط على الدولة لتباشر نزع سلاح «حزب الله» شمال الليطاني، إذ تأتي لاحقاً إلى التفاوض خالية الوفاض وبلا أي ورقة قوّة.
ولعلّ المفارقة في كل هذا الموقف، أنّ لبنان بات هو المتحمّس للتفاوض بينما العدو غير مكترث، وذلك ترجمة لمقولة: «رضينا بالهّم والهّم ما رضي فينا». علماً أنّ هناك اتفاقاً ساري المفعول منذ 27 تشرين الثاني 2024، ومن شأنه أن يُحرّر الأرض ويوقف الإعتداءات ويُحرّر الأسرى، والمطلوب من الطرف الإسرائيلي تنفيذه وليس التفاوض معه على اتفاق آخر، كما يؤكّد معارضو خوض مفاوضات جديدة.
-----------------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / لا تفاوض ولا حرب... الآن!
2025-11-18





