جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / خليل المتبولي : عامٌ مضى ... حبٌّ وثورة !..
بقلم : خليل إبراهيم المتبولي
عام مضى يا صديقي وأخي زياد ، وأنا كلّ يومٍ أنتظر منك نهفة أو جملة أو اسم كتاب تنصحني به لقراءته ،
كل يوم أنتظر منك مكالمة تصرخ فيها في أذني ، كلمة ما ، أو تردد اسمي مرتين وبصوت عال ومن ثم تقفل الخط ، كنتُ يومها أعرف أنك مشتاق إلي وتريد أن تطمئنّ عني ، أنتظر حضورك بفارغ الصبر ، مع أنني على علم ويقين أنك لن تحضر بالجسد ، إنما بالروح فأنت موجود .
عامٌ يا صديقي ، والحزن على الغياب عميق جدًا ، غياب الموت يقتل ويعشش أشجانًا وأحزانًا في داخلنا ، واليوم في الذكرى السنوية الأولى على غيابك تهاجمني الأشجان حين أسترجع ذكرياتي معك ، أشجان مختلفة ومتنوعة ، رقيقة شفافة ، ناعمة هادئة وصاخبة أحيانًا ، غريبة لا تشبه الأحزان المتعارف عليها ، أشجانٌ يا صديقي تبعث عذوبة ونقاء ، ما يدفع إلى الإبتسامة الهادئة الخفيفة حتى لتظنها فرحة .
صديقي ، نحن اليوم في ثورة ، ثورة سياسية إجتماعية إقتصادية ثقافية ، ثورة فكر كنتَ أنتَ حامله وداعي إليه ، كنتَ أنتَ مَن يريد أن يثور على الفساد وعلى كل التقاليد البالية ، أنسيت أبو الزلف حين جاء إلى ساحة الضيعة في مسرحية شي فاشل لزياد الرحباني من التراث يرتدي بنطلون جينز متنكرًا لشرواله ، يطلب التغيير نحو الأفضل والإبتعاد عن الطائفية المستشرية . وأدوارد المعقّد في مسرحية فيلم أميريكي طويل عندما كان خائفًا من الطائفية ، ومن ثم قال بعد العلاج ( كل حياتنا عايشين إخوة إسلام ومسيحيي مع بعضنا ) هذه الصرخة التي نصرخها اليوم في ثورتنا ... وغيرها من الأدوار التي تحمل فكرك الثوري والطليعي ، المحركة لأفكارنا الثورية .
ساحات الثورة اليوم بحاجة لثورة ثقافتك وعلمك ، صحيح أنك لم تكن الأبرزظاهريًا على ساحة العمل الثقافي المباشر ، إلا أنك تبقى الأبرز والأفعل في ممارسة السياسة الثقافية في العمق الثقافي ، ذلك أن الثقافة هي العمق الحقيقي للمجتمعات الثورية والرؤيوية . لقد مارست ذلك بحق ، وكنتَ مثقفًا بامتياز ، وستبقى ثقافتك فاعلًة في وعينا ، ومنا لأولادنا .
عام مضى يا صديقي وأخي ، وما زلتَ تشعّ وجودًا فعليًا ، وفكرًا ثوريًا نيّرًا ، الفراق والموت لايمكن أن يهدّد وجود مَن وضع وجوده كله في مشروع ثقافة الوجود .
2019-11-18