Sidonianews.net
------------------------
الجمهورية / عماد مرمل
من حين إلى آخر، تستجمع اللجنة الخماسية قواها وتدور على القوى السياسية بحثاً عن طرف خيط يفضي إلى معالجة الاستعصاء الرئاسي، وفي كل مرة تكتشف انّها لا تزال تراوح مكانها على رغم من تعدد جولاتها حتى الآن.
يسود المواكبين لحراك الخماسية انطباع بأنّ العقدة ليست محصورة في الانقسامات اللبنانية الحادة حول الاستحقاق الرئاسي، بل هي «فرّخت» أيضاً في داخل صفوف مجموعة الخمس، وإن يكن بأشكال ملّطفة نسبياً.
وعلى رغم من أنّ السفراء كانوا ولا يزالون يحرصون على الإيحاء في تحركاتهم بأنّهم موحّدون وعلى قلب رجل واحد، الّا انّ الحقيقة التي لن تخفيها مساحيق التجميل الديبلوماسية هي انّهم يواجهون مشكلة ذاتية من نوعين:
الاول، يتصل بالتجاذب السياسي بين دول الخماسية التي يملك كل منها مقاربته للأزمة وحلولها، وهنا يبرز التنافر الفرنسي ـ الأميركي والتنافس السعودي ـ الاميركي، والسعودي ـ القطري، والتمايز المصري.
اما الجانب الآخر من المشكلة فيرتبط بـ «الإيغو» الخاصة ببعض سفراء «الخماسية» وانعكاسها على سلوكهم، سواءً في ما بينهم او خلال لقاءاتهم مع ممثلي الأفرقاء اللبنانيين.
بناءً عليه، تعتبر قوى داخلية معنية بالشأن الرئاسي انّه لا يصح الافتراض أنّ هناك «فيتو» او موافقة من مجمل «الخماسية» على هذا الاسم او ذاك، وبالتالي اذا كان غياب السفير السعودي على سبيل المثال عن اللقاء الأخير مع رئيس تيار»المردة» سليمان فرنجية في بنشعي قد فُسّر كإشارة سلبية من الرياض تُضعف ترشيح فرنجية، فإنّ ما يرشح عن السفيرة الأميركية في مجالسها الخاصة يؤشر في المقابل إلى استمرار البراغماتية الأميركية حيال رئيس «المردة»، واستعداد واشنطن للتعاون مع أي رئيس منتخب دستورياً.
أكثر من ذلك، هناك في الاوساط المؤيّدة لبنشعي من يعتبر انّ رياح المنطقة تجري بما تشتهي سفن فرنجية وحلفائه، وانّ المسار الإجمالي لحرب غزة وللمواجهة بين إيران والكيان الاسرائيلي جدّد حيوية ترشيح رئيس «المردة» الذي كان صريحاً في شرح موقفه من مسألة السلاح أمام سفراء «الخماسية»، موضحاً انّه في المبدأ يدعم وضع استراتيجية دفاعية يندرج في إطارها سلاح المقاومة، لكنه ما لبث ان استدرك متوقفاً عند أمرين: الاول، هو انّ مثل هذه الاستراتيجية تحتاج إلى موافقة الجميع. والثاني، انّ توقيت البحث فيها غير مناسب حالياً، لأنّ من غير الجائز ان تتمّ مناقشتها في عزّ الحرب.
وضمن فريق المتمسكين بفرنجية من يلفت الى انّ وصول اي رئيس غيره يعني انّ «حزب الله» مهزوم في لبنان والاقليم، في حين انّ الحقيقة ليست كذلك، إضافة الى انّ حرب غزة وتفاعلاتها الخارجية والمحلية عززت اقتناع الحزب بأنّ الضمان الرئاسي له يكمن في الشخص بالدرجة الأولى.
ووفق تقديرات أصحاب هذا الرأي، فإنّ السلوك الأميركي الاحتوائي بعد الضربة الإيرانية وقبل الردّ الاسرائيلي الهزيل، أظهر بوضوح اهتمام واشنطن بتغليب خيار التسوية مع طهران على التصعيد، وبالتالي ليس هناك ما يمنع ان يكون انتخاب فرنجية من ضمن مندرجات البند اللبناني في تلك التسوية، خصوصاً انّ الأميركي لن «يغص» بفرنجية في إطار تفاهم إقليمي واسع، وهو اصلاً حَسَب الحساب لخط الرجعة لبنانياً، عبر ترك الباب موارباً أمام التعامل بواقعية مع أي سيناريو ينتهي بوصول فرنجية الى بعبدا.
والمقتنعون بأنّ مخاض المنطقة يتطور لمصلحة فرنجية، يستندون الى انّ المحور الداعم له هو الجالس مباشرة الى طاولة التفاوض على إعادة ترسيم توازنات الإقليم، وليس موضوعاً على الطاولة كما هي حال الهامشيين والمهمشين في اللعبة.
ومع انّ الجهات الداخلية بمختلف انتماءاتها تشدّد على وجوب عدم الربط بين الملف الرئاسي وملف غزة، يوجد انطباع لدى الجميع تقريباً بأنّ هناك ارتباطاً غير معلن بينهما، وانّ المعادلة التي سترسو عليها التوازنات الإقليمية في نهاية زلزال غزة ستكون شريكة أساسية في تحديد هوية الرئيس المقبل، فإذا ربح المحور يفوز معه سليمان فرنجية، وإذا خسر يخسر معه.
وتبعاً لهؤلاء، سيكون «الظرف» الناخب الكبير في صندوق الاقتراع، وهو الذي سيأتي بواحد من اثنين رئيساً للجمهوربة: فرنجية او قائد الجيش العماد جوزف عون، وما على الجهات المحلية سوى التكيّف مع متطلبات هذا الظرف ومقتضياته عندما ينضج، وحتى ذلك الحين لا بأس في بعض الـ»سوسبنس» السياسي مع حراك «الخماسية».
---------------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / هل تجري الرياح بما تشتهي سفن فرنجية وحلفائه؟
2024-04-23