جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار مدينة صيدا / خليل المتبولي : يوم السفر !
بقلم : خليل ابراهيم المتبولي
في لحظة ما ، من ذلك الوقت الممتد بين انتظار الدور والوصول إلى نقطة التفتيش في حرم المطار ، انحبست الدمعة في المآقي واختزنت معها زمن الولادة وبلوغ مرحلة الشباب . لعل شيئًا ، من المرارة امتزجت ما بين الفرح والحزن وامتلكت الروح والكيان . ارتفع منسوب العاطفة ، وفاضت المشاعر ممتلئة بفيضان الأبوّة وبصدق الانفعالات . راح الوقت يمضي مسرعًا ، ونبض القلب يذوب بين الناس ويقترب من الوداع على أمل اللقاء بعد مدّة من الزمن . ليتني أسرق الوقت وأسجنه داخل فانوس ، وتتجمّد الصورة .
نظرتَ في وجهه الباسم ، وغمّازته تفر من خديه فرحًا ، ورحتَ أستعيد يوم مولده ، وطفولته ، ولعبه ، وشقاوته ، ودراسته ، بدأت الصورة تتكثّف وتنتظم ، وتستسلم لواقعها ، ولموعد السفر .
أي فكرة مجنونة هذه ، وأية حياة ؟ السفر ، هو الابتعاد بالجسد عن روحٍ متكاملة ومنصهرة بالكامل مع روح أخرى ، أو بالأحرى هي روحان في روح واحدة ، قُدّر لواحدة أن تحصل على تأشيرة الابتعاد قسرًا لبناء مسقبلها ، وطريقها في هذا العالم المجنون بمكانه وزمانه وناسه . علينا أن نفهم حجم عذابات السفر !
لم يكن يعلم هذا الطفل الذي أصبح شابًا ويسير اليوم في طريق السفر حقيقة ما يدور في داخلي ، أصوات عالية جدًا وصاخبة كدوّي الرعد تضرب في مسارات المشاعر والانفعالات ، وبرغم ذلك لم يدفعه فضوله لمعرفة حقيقة الأصوات ، لأنه يرسم خطوط مستقبله بعقله وانفعالاته بعزم وإرادة صلبة .
دخل حاجز التفتيش ، التفت ، لوّح بيده ، وابتسم ابتسامته المعهودة الجميلة ، وصار نحو أمله وطموحه . شعرتً ببعض الخوف والقلق ، بالحزن والفرح ، بدوار خفيف ، وبكثيرٍ من الحب ...
2019-08-31