الصورة عن : المصادر.كوم

جريدة صيدونيانيوز.نت / عش اللحظة

صيدونيانيوز.نت/ أقلام ومقالات / حديث الجمعة / عش اللحظة 

في سبيل هذه الحياة، يقضي الإنسان أوقاته فيها، فتجده يذهب يمنة ويسرة، يقلب ناظره بحثًا عن الرزق، ولو أعمل فكره، لأدرك أن هذا المسار لا نهاية له، وأن الأعباء لا بد أن تتراكم، وأن عليه أن يبذل جهدًا مضنيًا؛ حتى يصيب النَّزْرَ اليسير من الراحة، ويشعر أنه لا يضيع وقته في ما لا طائل منه.

 

أول ما تبدأ به حفاظُك على صلاتك في أوقاتها والتحضر لها والوضوء، فتكون مستعدًّا من الناحية النفسية للإقبال عليها، فهي مبتدأ كل عمل، وطريق كل نشاط، وقضاؤك لوقتك فيها يكون بكل الجوارح؛ فلعلك لن تلحق بأخرى بعدها؛ فلا تهملها، وهيِّئ لها الظروف والشروط، فتُؤدَّى على الوجه الأمثل.

 

أن تُيسِّر عليك الأمور وتُسهِّلها، فالحياة كأس تشربه؛ يومًا سيكون مملوءًا فتشفي عطشك منه، وآخر لن تُصيب منه إلا القليل، وآخر سيُصيبك العطش فتصبر وتتحمل؛ لترشف بعدها رشفةً تُريحك الراحةَ الكاملة والتامة، وهذا ما تصبو وتسعى إليه، تلك السعادة الغامرة التي تملأ القلب وتعمر الروح، أعجبتني هذه الحكمة: "الحياة مرآة، تحصل على أفضل النتائج حين تبتسم لها".

 

رتب أفكارك وأولوياتِك، ولا تفكر فيما هو قادم، إنما اعمل على الحاضر وعالجه كما يجب؛ لأنك باهتمامك بالحاضر، أنت تخطط للمستقبل، أما تركيزك على المستقبل، يُضيع عليك لذة الحاضر، فالحاضر هو مرتكز عملك، والقاعدة التي تبني عليها بقية نشاطاتك، فتتكامل فيما بينها؛ يقول الله تعالى: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 105].

 

لا تَعْجَبْ من معاكسة الأمور لك؛ فهي سنة الحياة، اجعل هذه الريح العاتية شراعًا تُبحر به سفينتك باتجاه مغاير، وهي المرونة التي تُسهِّل عليك استثمار اللحظات، لا تكن صُلْبًا فتُكسر، بل كن ليِّنًا متمرِّسًا على المحن، واللقمة السائغة لن تلِجَ فاهًا لم يتعود على هضم مادتها، فتَعوَّد على هذا النمط، وامنح به الشرارة التي تُطلق كل قدراتك نحو الأفضل.

 

أن تعيش لحظتك، فذلك يعني: أن تضع كل قوتك وطاقتك فيها، هي مددك ووقودك، وكلما طالت تلك اللحظة لتعقبها أخرى مباشرةً، ضمِنتَ سيرورتك على الطريق السليم، هي خطة تضعها لحياتك، وأنت مهندس تفاصيلها، فكن مهندسًا مبدعًا لا جامدًا يعجز عن إيجاد الحل في أول عقبة تواجه إنجازه الشاهق.

2019-12-20

دلالات: